"الحياة" و"أون تي في" يبتعدون عن المهنية..والجيش كان ضحية في "مجزرة" ماسبيرو دينا عبدالرحمن ليست بطلة..وإبراهيم عيسى متورط في التمويل الأجنبي كتبت - سميرة سليمان هو إعلامي شاب، من أبناء ماسبيرو، أكد في حواره مع "محيط" أن صوت مصر لن يزيف مرة أخرى، فاتحاً النار على القنوات الخاصة التي يتهمها بعدم المهنية وخدمة مصالح المالك . وقال عبدالله يسري المذيع بقطاع الأخبار أنه أحد شهود العيان على مجزرة ماسبيرو، واعتبر أن مشكلات الإعلام الرسمي تتطلب مزيدا من الوقت لحلها، ولكنه اعتبر مع ذلك أن التليفزيون المصري بعد الثورة تغير وأصبح أكثر حرية. محيط : لماذا يعاني الإعلام الرسمي المصري من كبوة ؟ - ثلاثة مشكلات يعاني منها الإعلام الرسمي؛ عدم وجود سياسة إعلامية واضحة وذلك نتيجة عدم وجود سياسة واضحة لمصر بأكملها، ومن ثم يصبح كل ما يذاع اجتهادات من الإعلاميين. المشكلة الثانية عدم وجود مفردات خطاب إعلامي موحد، فالحيرة تتملك الإعلامي في التليفزيون المصري هل نقول ثوار أم متظاهرين، أم خارجين على القانون، هل نقول شهداء أم قتلى أم ضحايا، ولأن الإعلام رسالة تؤثر بالتراكم.
المشكلة الثالثة هو خضوع الإعلام الحكومي للبيروقراطية والدرجات، فصناع القرار بدرجة وكيل وزارة فيما أعلى أناس تكون وجدانهم في ظل النظام السابق، ومن ثم أصبح الرقيب الذاتي بداخلهم، أسوأ من الرقيب الحقيقي، كما أنهم أصبحوا مقيدين لشباب الإعلاميين الذي التصق وجدانهم بالميدان، وهم الأقرب للتعبير عن مشكلات الشعب المصري. والإعلام كما الداخلية لن يتطهر إلا بخروج قيادات الوزارتين معاش، بالتراضي وتوفير دخل كريم لهم، دون التعامل معهم باعتبارهم خونة، بل على المجتمع أن يتصالح ويتفق على أن هناك مرحلة جديدة تبدأ، بأناس جدد. محيط : قلت أن أبناء ماسبيرو من الشباب وقفوا مع الثورة وساندوها منذ أيامها الأولى كيف ذلك؟ الحديث أنه لم يكن هناك موقفاً لإعلاميّ ماسبيرو أثناء الثورة، أمر يجانبه الصواب، فثالث يوم الثورة مُنع جميع العاملين بماسبيرو إلا العاملين بقطاع الأخبار من دخول المبنى، لأن جميع القنوات تم ضمها لقطاع الأخبار، وقد تجمع شباب الإعلاميين وكنت معهم، وأسسنا حركة ماسبيرو 2011، بإدارة حافظ هريدي، وأصدرنا بياناً صدرناه للقنوات العربية مثل الجزيرة والعربية، عن رفضنا السياسة القمعية للنظام ومعاملته للثوار، ثم بدأت حركات أخرى تظهر من ماسبيرو على مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، و"تويتر". وبعد انتهاء الثورة، كان هناك نية حقيقية لدى الشباب من أبناء التليفزيون لتطهير ماسبيرو، وبداية عهد جديد مع المشاهد المصري، بقيادة أسماء لعبت دور كبير في تقديم أنس الفقي وأسامة الشيخ إلى القضاء، من خلال جمع المستندات التي تدينهم، وعلى رأسهم خالد السبكي من القطاع الاقتصادي، المذيع محمد الطوبجي من قناة "الأسرة والطفل"، والمخرج عبدالحميد السيد في القناة "الثقافية"، والمعدة أمل جمال. لكن بعد ذلك تم إقحام المصالح الشخصية في الأمر، ولم تصبح النوايا مخلصة تماماً في التطهير، ومن ثم انسحب الشرفاء، وتركت الساحة مرتعاً لذوي المصالح الشخصية والمادية، وهو ما يفسر الاعتصامات العديدة التي يشهدها ماسبيرو الآن، وكلها لأسباب إدارية ومادية، وليست بسبب تطهير الإعلام، كما يشيعون. وإصلاح الوضع أمر يسير يمكن فعله بخطوات بسيطة، لكننا ننتظر حتى تقع المصيبة، ومسئولي ماسبيرو يرون أننا في مرحلة انتقالية لا تستدعي قرارات حاسمة، لأن الاصلاح له كلفة، وسيكون هناك ضحايا لهذا الإصلاح، واللحظة غير مواتية الآن لمن يريد أن يصلح من الجذور، ولذلك يتم استخدام ضمادات أولية، كما في سائر قطاعات مصر التي عليها الانتظار حتى انتهاء المرحلة الانتقالية. محيط : انتقلت من القناة "الثقافية" إلى قطاع الأخبار ومرت عليك أحداث ساخنة كيف تعاملت معها؟ حدث الانتقال في عهد أسامة هيكل منذ أغسطس الماضي، مرت بي أحداث ماسبيرو، وتم الاستماع إلى شهادتي في لجنة تقصي الحقائق، وقد استلمت البث بعد رشا مجدي، وعاينت عن قرب ما حدث أمام ماسبيرو، الذي كان يستقبل القتلى من الجيش، والعساكر الذين لقوا حتفهم. التجربة كانت صعبة، وكل ما يمكنني قوله هو أن الحقيقة لم تظهر بعد، وقد كان الاعتداء مدبراً على الجيش، ولولا تدخل أهالي بولاق أبو العلا لسقط أضعاف القتلى من الجيش، وتم اقتحام ماسبيرو، ورغم أن القنوات الفضائية نقلت عن التليفزيون المصري ما يحدث أمام ماسبيرو، إلا أن تفسيراتهم للأزمة كانت مخالفة لما قدمناه من حقائق، ولأن التاريخ السئ لماسبيرو لا يشفع له حتى وإن كان محقاً، تم تصديق الفضائيات رغم أن ما ذكرته من أن الجيش يعتدي على متظاهري ماسبيرو لم يكن حقيقة. فقنوات مثل "أون تي في"، و"الحياة" لا يتمتعون بالحياد والموضوعية او المهنية، أما الخطأ الذي وقع من رشا مجدي في تغطية أحداث ماسبيرو هو قولها أن المتظاهرين الأقباط يعتدون على الجيش، وكان من المفترض ألا تقول أقباط، والأيام القادمة ستكشف عن الحقائق، وتعلن عن "مجزرة" ماسبيرو التي تمت بحق الجيش، ومن القنوات التي رصدت ذلك في تقريرها، التليفزيون الألماني، وقناة "الحرة"، وستحمل نتائج التحقيقات مفاجآت، أولها أن الاعتداء بدأ على الجيش وليس منه، وهو ما يفسر قرار منع سفر القس فلوباتير والقس ماتيوس. محيط : هل ترى أن هناك تغيراً طرأ على التليفزيون المصري بعد الثورة؟ نعم، هناك تغير واضح، البوصلة أصبحت موجهة لخدمة المشاهد المصري وخدمة الحقيقة، وبدون تملق أصبح الإعلام ملكاً للشعب، لأننا مصريين نعيش في نفس ظروف الناس، ونخضع لنفس القوانين، ولا نخشى أحد، فوظيفتي يكفلها القانون. والأخطاء التي حدثت أثناء الثورة، لم تكن جميعها يتحملها العاملين، فقد كانوا مفصولين عن العالم الخارجي، ويذيعون ما يرد إليهم، كما كانوا تحت سيطرة عقل جمعي وفكر سابق، الآن هم وضعوا التجربة السابقة في الاعتبار حتى لا تتكرر مرة أخرى. محيط : بماذا تعلق على اللافتة التي رفعها مخرج قناة "النيل للأخبار" خلف المذيعة منادياً بالحرية للقناة؟ هو خطأ مهني، ولعدم وجود عقاب رادع تتكرر الأخطاء، والفترة الماضية حدثت أشياء مشابهة في توقيت واحد، زميلنا المذيع عصام الفرماوي شكك في الأنباء التي نقلها المراسل محمد علوي في محيط وزارة الداخلية، عقب أحداث بور سعيد، وهو خطأ مهني. كذلك قدم أحد المراسلين أيضاً على الهواء في انتخابات مجلس الشورى، بلاغ إلى النائب العام ووزير الإعلام بتهمة إهدار المال العام، وهو سوء تقدير من المراسل الذي تعامل مع المعطيات بشكل خاطئ. ولأنه لا ردع أو حساب لهم، فهذه الأخطاء تتكرر، والمسئولون يحجموا عن العقاب، حتى لا يتم اتهام ماسبيرو بقمع الحريات. محيط : هل هناك خطوط حمراء لا تزال موجودة خاصة في تداول الأخبار التي تتعلق بالمجلس العسكري؟ منذ التحاقي بقطاع الأخبار لم تعط لنا توجيهات بشأن التعامل مع المجلس العسكري، فلا توجد أية خطوط حمراء سوى احترام الآداب والذوق العام، ومراعاة مصلحة مصر. التليفزيون الحكومي يعكس رأي المجلس العسكري بصفته من يدير البلاد، كما يهاجم التليفزيون بقوة في كثير من الأحيان المجلس في النشرات، ويكفي أن نعرف أن التليفزيون المصري في برنامج "صباح الخير يا مصر" عرض تقريراً في رأس السنة، عن شخصيات العام، وحصل المشير محمد حسين طنطاوي على لقب أسوأ شخصية، وتم إذاعة ذلك دون مشكلة. في النظام السابق كان الإعلام الرسمي ينافق النظام، وحين قامت الثورة، اندفع إعلاميو ماسبيرو ووقعوا في نفس الخطأ ونافقوا الثورة والثوار، رغم أن الموجه الوحيد لهم هو الضمير والقراءة الحقيقية للأحداث. ساهم ذلك في شيوع فوضى المعلومات، وهي الخطيئة التي وقع فيها أيضاً الإعلام الخاص، الذي يخدم مصالح المالك، وهو ما يبتعد عنه الإعلام الحكومي الذي من المفترض أن يكون ولاءه الوحيد للشعب. محيط : ولماذا تحمل الإعلام الخاص وحده مسئولية إشاعة فوضى المعلومات؟ هناك تجاوزات كثيرة تقع بها الفضائيات الخاصة التي تدعي المهنية والمصداقية، منها ما رصدته وقت تغطية انتخابات مجلس الشعب، حيث راعت كل قناة مصالح رجل الأعمال الذي يملكها، لذلك أصبح لدينا فوضى، وهو ما حذرت منه في أول لقاء جمعني بعد الثورة بشهرين مع دكتور عصام شرف ومجموعة من الزملاء الإعلاميين، وقد خاطبته قائلاً أنه في إطار المناخ الثوري والايديولوحيات التي ظهرت، سيسارع أصحابها إلى تملك قنوات وصحف وإذاعات وسيدفع ثمن ذلك العقل المصري، ولابد من دعم الاعلام الحكومي بقوة لعدم تشتيت المواطن. كل ما أطالب به هو المهنية، وعدم إذاعة خبر قبل التأكد منه، وكذلك التعامل مع المصادر والأحداث بشكل مباشر، والإعلام الخاص يبتعد عن هذا. فالفضائيات تسارع في نشر الأخبار دون التحقق من مصداقيتها، من أجل السبق الصحفي، الأمر الذي أدى إلى تضليل العقل المصري في أمور كثيرة. فالإعلام الخاص تحول من إعلام تسليعي أيام النظام السابق، بمعنى أن مهمته هي تقديم المادة التي تجذب المعلن والراعي وليس ما يهم المواطن، تحول من هذا إلى خدمة أهداف سياسية محددة، وليس خدمة المشاهد وإعلامه بحقيقة الموقف، يظهر ذلك من خلال تناوله للأحداث من زوايا ضيقة جدا، يكفي أن نعرف أن المسلماني هو من كتب خطاب التنحي. والآن استطيع أن اتنبأ كيف تتعامل كل قناة مع الموضوع حسب مصالحها، ففي جلسة مجلس الشعب التي حققت في أحداث بور سعيد، وقد قمت بتغطيتها لقناة "صوت الشعب"، رأيت حديث النواب، وكلمة كل منهم، وعرضنا في التليفزيون المصري لكافة الآراء، في حين أن قناة مثل "أون تي في"، وبالتحديد في برنامج ريم ماجد، وعبر المونتاج اجتزأت كلمات النواب وأخذت منها ما يتماشى مع رؤاها، وعرضت للأجزاء التي تهاجم المجلس العسكري فقط، وهو دليل على عدم المهنية. ولذلك أتوقع أن تكون الفترة القادمة هي فترة المفاجآت وسقوط الأقنعة عن الإعلاميين، وكثير من الوجوه التي كان يظنها الرأي العام من المخلصين. واتساءل أين الجهة التي تراقب الإعلام، وقد طالبنا مراراً، بوجود مجلس أعلى للفضائيات على غرار المجلس الأعلى للثقافة، ترصد الأداء الاعلامي وتحاسب. محيط : كيف تقيم عبداللطيف المناوي وإدارته للإعلام أثناء الثورة؟ عبد اللطيف المناوي إداري ومهني جيد، لكنه كان أحد أدوات النظام السابق، وضع في موقف لا يحسد عليه، أي إنسان في مكانه كان سيتعامل بما تعامل به المناوي، قرات مقتطفات من كتابه الحديث، ولكني أرى انه لم يقل به كل شئ، فهناك الكثير لم يكشفه، وعلى مستوى إدارته لقطاع الأخبار فقد قدم الكثير للقطاع، يكفي أنه أقام استديو للنيل للأخبار هو الوحيد على تلك الشاكلة في الشرق الأوسط بأكمله. محيط : البعض صوّر أن أزمة دينا عبد الرحمن ومنعها من قناة "التحرير" هي بداية لتكميم الأفواه والتضييق على القنوات الخاصة..ما رأيك؟ بالعكس نحن في مرحلة فوضى، ومن لديه مشكلة من الإعلاميين في المبلغ الذي يتقاضاه، يُصدّر ذلك باعتباره تكميم الأفواه، رغم أنه بسبب غياب الرقابة، أصبحت الفضائيات تطلق الاتهامات دون دليل، الأمر الذي يتسبب في فساد الرأي العام. مشكلة دينا عبد الرحمن مادية، وأخطاؤها مهنية، فهي تحاصر الضيوف، وتضيق فرصة حديثهم، ومن ثم لا أقبل التعامل معها بوصفها بطلة. محيط : كتب الصحفي إبراهيم عيسى: أن التليفزيون الحكومي انتقل من خدمة مبارك إلى خدمة المجلس العسكري..بماذا تعلق؟ ألم يكن هو خادماً للنظام؟، إبراهيم عيسى من الأسماء التي تحترف المعارضة حتى وإن لم يوجد ما يدعو إليها، النظام السابق كان يوزع الأدوار وكان عيسى أحد الناس الذين يقومون بأدوار المعارضة، واتساءل: هل من الضروري أن أهجو المجلس العسكري ليرضى عني عيسى؟ فلنسأله نحن من أين له أين يفتح قناة جديدة، وفي كل الأحوال هو من الاسماء المتورطة في التمويل الخارجي، فلينشغل بإصلاح ما هو مسئول عنه. قلت عن قناة الجزيرة أنها تجمع بين المتناقضات لماذا؟ الجزيرة جملة من المتناقضات، هناك حالة سخط عامة على الجزيرة الآن من قبل المشاهد المصري، الذي بدأ يتكشف له حقيقة تلك القناة باعتبارها أحد الأذرع السياسية لقطر، وتمهد لقرارت أمريكا في الشرق الأوسط. قطر لم تعكس أحداث ثورة البحرين، لأن مصلحتها السياسية تقتضي ذلك، في حين أنها تعاملت بالتدخل المباشر والتحريض في الثورتين السورية والليبية. وفي معالجتهم للأحداث في قناة مباشر مصر، تبث الجزيرة شريط الرسائل من المشاهدين، وهو رأي، ويعرضوا لشريط الأخبار في الأسفل، ولا يجوز عرض الرأي والخبر في رسالة إخبارية واحدة، هذا كسر للمهنية، وهو أيضاً تضليل وتشويش للمشاهد، وأتعجب من المصريين الذين يعملون فيها، فتلك القناة تمثل مصالح قطر وليس صوت الشعوب، وأقول أنه إذا أتت الحقيقة على لسان كاذب لا أريدها، والاعلام المصري إذا تمكن من النجاح وملء الفراغ، سيزيح الإعلام الموجه وسيسقطه.