احتفالاً منها بعيد ميلادها، وضعت شركة محرك البحث "جوجل"، صورة الشاعرة والأديبة والمترجمة مى زيادة على صفحتها الرئيسية، حيث يمثل اليوم الحادى عشر من شهر فبراير عيد ميلاد الراحلة. "إن أدب مي زيادة هو كأدب جورج إيليوت، وجورج صاند، ومدام دوستال، بأناقته وأنوثته ناهيك عن ألوانه الحضارية التي نضحت من شخصيتها ذات الثقافات المنوعة، فقد قيض لمي أن تتقن تسع لغات هي العربية، والفرنسية والإنجليزية، والألمانية، والإيطالية، والإسبانية، واللاتينية، واليونانية، والسريانية". هكذا يقدم سيمون عواد في كتابه "من أدب مي زيادة"، التي تعد أديبة وشاعرة متميزة ومثقفة، وصاحبة مكانة متميزة في الأوساط الأدبية والثقافية، اسمها الحقيقي ماري إلياس زيادة، ولدت في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886م، لأب لبناني وأم فلسطينية، أتمت دراستها الثانوية في الناصرية، ثم انتقلت إلى لبنان حيث التحقت بمدرسة الراهبات في "عين طورة ". عرفت مي بين الأدباء والصحفيين بثقافتها الواسعة وتألقها الأدبي والفكري، وصالونها الأدبي الذي كان يزخر بالعديد من الأدباء والمفكرين الذين يتبارون في عرض إنتاجهم الأدبي والثقافي مما كان له تأثير كبير في تنشيط الحركة الأدبية في ذلك الوقت. وأسست مى في القاهرة ندوة أسبوعية عرفت باسم "ندوة الثلاثاء"، جمعت فيها - لعشرين عامًا - صفوة من كتاب العصر وشعرائه، كان من أبرزهم: أحمد لطفى السيد، مصطفى عبد الرازق، عباس العقاد، طه حسين، شبلى شميل، يعقوب صروف، أنطون الجميل، مصطفى صادق الرافعى، خليل مطران، إسماعيل صبرى، وأحمد شوقى، وقد أحبّ أغلب هؤلاء الأعلام مى حبًّا روحيًّا ألهم بعضهم روائع من كتاباته. أما قلب مى زيادة، فقد ظل مأخوذًا طوال حياتها بجبران خليل جبران وحده، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة. ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا: من 1911 وحتى وفاة جبران بنيويورك عام 1931. نشرت مي زيادة عديد من المقالات والكتابات في عدد كبير من الصحف والمجلات نذكر منها: المقطم ، الأهرام، الزهور، المحروسة، الهلال، المقتطف، وقدمت عديد من الأعمال الأدبية كان أولها ديوان شعر بعنوان " أزاهير حلم" والذي صدر باللغة الفرنسية، ثم صدر لها عدد من الروايات التي قامت بترجمتها من الفرنسية والإنجليزية والألمانية. مرت مي في نهاية حياتها بالعديد من المواقف البائسة منها صدمتها بوفاة والديها، ومن بعدهم وفاة جبران الأمر الذي أشعرها بالوحدة القاتلة بفقدان الأهل والصديق، وتفاقم الأمر بعد ذلك عندما أتهمها أقاربها بالجنون طمعاً في الاستيلاء على ثروتها حيث تم إيداعها في مستشفى للأمراض العقلية ببيروت إلى أن تدخل بعض أصدقاءها وقاموا بإخراجها منها وعادت مي إلى القاهرة مرة أخرى وتوفت بها، وكان لوفاتها أثر بالغ على العديد من الشعراء والأدباء اللذين شعروا بالحزن الشديد لفقدها. ومن أشهر خواطرها نقرأ: - القصيدة الحقيقية محزنة في جوهرها، فالشاعر الذي لم يذق لذة الكآبة الباطنية العذبة إنما هو متطفل على الفن. - قطرات الماء تتساقط قطرة قطرة، بحزن وسكون على الرمضاء. والنسيم يداعب جبيننا المثقل. والوريقات الخضراء ترى الحياة مرة أخرى على أشجارنا الجرداء.
- إنه لمن العذوبة أن ترى السماء تبكي. ما أفتن عينيها وهما تذرفان دموعا حارة من أعماق القلب. - ما أعذب الذكرى! ما معنى الحياة لولاها!. - أحيِّي الذين يبكون بعيونهم, وأولئك الذين يبكون بقلوبهم: أحيِّي كلَّ حزين, وكل منفردٍ, وكل بائسٍ, وكل كئيب. أحيِّي كلاًّ منهم متمنية له عامًا مقبلاً أقلَّ حزنًا وأوفر هناء من العام المنصرم، نعم, للحزين وحده يجب أن يقال: (عام سعيد)! - ما أعذب قبلة الأطفال, وما أطيب طعم ابتسامهم!