ألقى الدكتور محمد البشاري أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوربي، البيان الختامي لمؤتمر دار الإفتاء العالمي والذي جاء بعنوان"التكوين العلني والتأهيل الإفتائي لأقليات المسلمة. وقال في وثيقة المؤتمر مجموعة من المبادئ وهي: المبادئ: نحترم الاختلاف الذي قدَّره الله بين الناس، ونعده بابًا للتنوع الثقافي والتكامل الديني والمعرفي. ونعتقد أن المذاهب الإسلامية مظهر لرحمة الله تعالى بخلقه ما تمسك أصحابها بأدب الاختلاف وأصوله. ونجزم بأن الدين الإسلامي ليس حكرًا على مشروع خاص لجماعة ولا لتنظيم، وإِنَّما هو رحمة الله للعالمين أجمعين وهو الجامع لأبناء الأمة كافة تحت مظلة الأمة الواحدة الحاضنة. وأن بين المسلم وأخيه المسلم رباطًا من الأخوة الإسلامية، كما أن بينه وبين كل إنسان رباطًا من الأخوة الإنسانية، وهذه وتلك من الأرحام التي يجب وصلها وأداء حقوقها. وأن المسلم مَركَزً لمجموعة من دوائر الانتماء المتكاملة، تبدأ من انتمائه لأسرته ولوطنه ولقوميته ولدينه، وتمتد لعلاقاته مع الإنسان والكون، وكلها دوائر لا تعارض بينها ولا تَناقُضً بل أساس العلاقة بينها التعاضد والتكامل. وأن الحفاظ على الأسرة التي هي نواة المجتمع السليم وصلة الأرحام واجب وضرورة للحفاظ على المجتمعات والعلاقات الإنسانية الرشيدة، بل يعدُّ الحفاظ عليها جزءًا من الحفاظ على الهوية الإنسانية. وأن حب الأوطان من الإيمان؛ فالمسلم ساعٍ لنفع وطنه وخدمته ، ويرى ذلك واجبًا شرعيًّا ؛ ومن ثم فهو عنصر فاعل في تنميته والرقي به، ملتزم بواجباته تجاهه ويتمتع بحقوقه على أرضه. وأن احترام الدساتير والقوانين المحلية والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية والإنسانية من الوفاء المأمور به شرعا وطبعا وخلقا ، وهو باب من أبواب الحفاظ على مقاصد الشريعة الكلية. وأن ترك الأوطان تحت دعوى الهجرة إلى أرض الخلافة المزعومة أمر يرفضه صحيح الدين، متمسكين بحقهم في الاستقرار بأوطانهم، معتقدين أن تمسكهم هذا تحقيق لمراد الله الذي أقامهم فيه. وأن قَصْرَ شكل الحكم الإسلامي أو دار الإسلام على الأنماط الموروثة أمر يرفضه صحيح الدين الإسلامي ولو كان تحت مسمى الخلافة فالأرض أرض الله والناس عبيد الله ، ومن ثم يرفضون جعل التقسيم التاريخي للبلدان أصلاً من أصول نظرة الإسلام للعالم. ونسعى -كمسلمين-في دعم الاستقرار الوطني والعالمي، وكل يد تسعى لإرجاف أو زعزعة الأمن والسلم المجتمعيين داخل الوطن وخارجه هي يد دخيلة على الإسلام بل على الأديان جميعًا. ونُقَدَر دور الدول ذات الأغلبية غير المسلمة التي تعطي المسلمين الحرية في أداء عباداتهم وشعائرهم ونطالب المسلمين بالتعاون من أجل السلم المجتمعي. ونؤكد أن الأديان السماوية تشترك؛ في حب الله وحب الجار وكرامة الإنسان وسلامة البيئة والتسامح ومجمل الأخلاق الكريمة. ونتخذ من تجربة تعايش الصحابة الكرام في أرض الحبشة تحت حكم النجاشي في هجرتهم الأولى والثانية نموذجا صالحا للاستلهام والتكرار بحسب الزمان والمكان والأشخاص والأحوال. ونرفض كل محاولات التيارات المتطرفة لتكريس فكرة أن العالم ضد الإسلام جَراًّ للمسلمين لتبنى وجوب أن يكون الإسلام ضد العالم؛ ولأننا نرى أن هذا التبني خارج عن قواعد الهدي النبوي التراحمي مع العالمين. ونعتقد أن الجانب الأخلاقي هو الجانب الأعظم من الدين الإسلامي لا يحق لأحد أن يتجاوزه أو يختزله أو يتحايل عليه. ونطالب بحرية المسلمين وتعدد دور الدول في البلاد التي تعطي المسلمين الحرية في أداء عباداتهم وشعائرهم وفق النظم الدستورية والقانونية ومن غير مساس بالسلم المجتمعي. ونؤكد على أن الاهتمام بدعم الأقليات المسلمة بكافة الوسائل الممكنة تأتي على رأس اهتمامات قادة الرأي الديني في كل مكان ، ويجب أن يكون ذلك بعيدًا عن الأيدلوجيات والصراعات السياسية الحزبية أو المذهبية. ونؤكد أن الإفتاء تخصص علمي له أصوله ورجاله، ولا يحق لأحد أن يقتحم مجاله ما لم يكن مؤهلا للقيام بمهمته، مجازا بالطرق العلمية المعلومة عند أهله بذلك ، وإلا كان داخلاً في افتراء الكذب على الله ورسوله. ونلتزم بالحفاظ على المقاصد الشرعية من الحفاظ على الدين والنفس والمال والكرامة الإنسانية، ونعتقد أن ذلك من كليات وقواطع الدين الإسلامي الحنيف، ونؤكد على ما أتت به المواثيق الدولية كحقوق المرأة وحقوق الطفل وغيرها من الحقوق الأساسية. ونرفض كل أشكال الكراهية والعنصرية التي تمارس ضد المسلمين وغيرهم في كل مكان وندعو الدول والحكومات والهيئات ومنظمات المجتمع المدني إلى التعاون لمواجهة هذه الجرائم. ونرى أن الحضارات في حالة من التداول والتواصل مما يوجب على المسلمين المشاركة في المسيرة الحضارية بفاعلية من خلال المساهمة في التقدم الحضاري الإنساني بتوليد العلوم النافعة في هذه المسيرة. ونظمت دار الإفتاء المصرية مؤتمر "الإفتاء العالمي" تحت عنوان "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة" خلال الفترة 17-18 أكتوبر الحالي، بمشاركة عدد من عدد من السادةِ الوزراءِ، والسفراءِ، والعلماءِ، ورجالِ الدولةِ، ورجالِ الصحافةِ والإعلامِ.