مدينة المحلة الكبرى هي كبرى مدن دلتا النيل بمصر وتعد عاصمة صناعة الغزل والنسيج في الشرق الأوسط، من خلال وجود أكبر مصنع للغزل والنسيج بها وهو مصنع مصر للغزل والنسيج الذى يعمل به حوالي 27 ألف عامل وموظف. المحلة، التي تبعد عن العاصمة المصرية القاهرة حولي 110 كم، تصنف كإحدى القلاع الصناعية العملاقة بالشرق الأوسط بما تحمله من قوة صناعية ضخمة حيث تتحرك فيها عجلات 3 آلاف مصنع وتفتح أرزاق ل100 ألف عامل وعاملة.
ومع هذه القيمة الاقتصادي والإنتاجية والاسم الرنان فى السوق التجارية بالمنطقة العربية والساحة العالمية، إلا أن واقعها مؤلم للغاية فى ظل تدني الخدمات والمرافق وسوء حالة البنية التحتية، التى لا تليق مطلقا مع اسم وسمعة المدينة الصناعية العتيقة.
مسئولون بالقطعة
يشير الصحفى فراج بدير، إلى أن بعض المسئولين بالمحافظة فى العهد البائد كانوا يتعاملون مع المشاكل المستمرة بالمدينة بنظام القطعة، فالشوارع تحولت الى مطبات وحفر فى الصيف وبرك ومستنقعات فى الشتاء، ولايوجد شارع واحد سليم.
وأشار إلى أن أصحاب السيارات أصبحوا في سخط على الأوضاع بسبب سياراتهم التي تهالكت بسبب الشوارع، لافتا إلى أن خطة الصرف الصحي متوقفه لحين استكمال مشروعات الصرف الصحى والصناعة ومياه الشرب والغاز الطبيعى، لذا فكل أحيائها في حالة متردية؛ لكن من يسمع ومن يجيب.
خدمات صحية متدهورة
ويقول علاء السبكى، من أهالى المدينة، مدرس: إن الخدمة الصحية منهارة، مشيرا إلى أن هناك مستشفيات مغلقة بسبب الإنشاءات المتعثرة منذ سنوات، وقال: انظر إلى مركز الكبد، هذا المبنى الذي صرف عليه الملايين، لكن إهمال الدولة بسبب الصراع على تبعيته من أكثر من جهه حكومية آخر تشغيله، والحصيله لاشيء، فالأجهزة بالداخل تلفت ومياه الأمطار أكلت الحوائط والأسقف، وحينما تسأل عن سبب تأخر تسليمه وتشغيله، لا تجد إجابة، رغم ارتفاع معدلات الإصابة الكبدية بالمدينة وتوابعها بسبب التلوث الكائن وسوء الحالة الصحية والبيئية بالمدينة وتوابعها.
القمامة تزاحم السكان
وينتقد سعد المنياوي، موظف بالتربية والتعليم، انتشار القمامة في كل مكان بالمدينة وأمام المدارس، وقال: حينما نعلم أولادنا مبدأ "النظافة من الإيمان" يجدون الشوارع من حولهم نموذجا صارخا على الإهمال واللامبالاة، فنطالبهم بشيء وهم يرون نقيضه، مشيرا إلى أن الشركه المسئولة تتقاضى مبالغ تتراوح شهريا ما بين 200 و250 ألف جنيه، ومع ذلك فإن حجم القمامه يصل إلى 500 طن يوميا، وبالطبع يتحمل الشارع هذا الكم الرهيب منها، دون تحرك من المسئولين.
أنفاق الغاز والتليفونات
ويشير أهالى المدينة إلى أن مياه الشرب فى الكثير من الأحياء ضعيفة ولا تكاد تصل لهم، وتختلط إحيانا بمياه المجاري عند انفجار مواسير الصرف المتهالكة فى الشوارع.
وطالب الأهالي بتغيير مواسير الصرف الصحي والمياه في أقرب فرصة ممكنة، واعتماد خطة تطوير المدينة التي يتحدث المسئولون عنها طيلة العهد البائد.
وعبر الأهالي عن غضبهم من الأنفاق الموجود في الشوارع تحت زعم عمل مشاريع الصرف الصحي والتليفونات والغاز الطبيعي، مطالبين بإنقاذهم من مأسيهم اليومية، وقالوا: إن العربات والسيارات لا تستطيع عبور الشوارع بسبب الحفر والمطبات والمشاجرات بين سائقي السرفيس بسبب الشوارع الضيقة، مشيرين إلى شوارع نعمان الأعصر وأطراف سعد زغلول واليمانى والوراق وسوق اللبن والزراعة والحنفى والمقابر وبسيسه والرجبي وامتداد السكة الحديد، بالإضافة إلى الفوضى الأمنيه المنتشرة فى كل مكان وخوف الناس على حياتهم وأولادهم!!
أحياء فقدت رونقها
يقول سكان منطقة السبع بنات، أحد الاحياء العريقة بالمحلة: كانت "السبع بنات" من أرقى المناطق فى مدينة المحلة الكبرى قبل أن تصل إليها يد مجلس المدينة، وكان كل شخص فى المحلة يحلم بالسكنى فيها؛ لكن الآن بعد التطوير لا يوجد بها شارع واحد يصلح للسير؛ لأنها الآن المنطقة الأولى التى نالت شرف إدخال الغاز بها؛ لكن قبل إصلاح شبكة المجاري.
وأضاف الأهالي أن أى مسئول لو رأى أول طريق المنصورة، الذي يمر على مصانع النسيج فى المدينة ومخازن اللأدوية فى منطقة مدخل "محلة أبو علي" فسيشعر بأننا "غير آدميين بالمرة.
مدينة مهددة بالانفجار
كانت المحلة من أنشط مدن مصر في النضال السياسي والعمالي، لكن اختفى بريقها وصارت فى أوضاع طبقية متعثرة بفعل سياسات الانفتاح الخاطئة والارتماء فى أحضان رجال الأعمال من زبانية النظام البائد والسياسات الحكومية الفاشله في بيع وتصفية القطاع العام وتدهور صناعة النسيج نتيجة الظروف السيئة وسياسات وزارة الزراعه التي أففدت القطن المصرى مكانته العالمية وسياسات الإفقار المتعمدة نتيجة حكومات بائده ارتمت فى أحضان صندوق النقد الدولي، ما أدى إلى توقف بعض مصانع القطاع الخاص وتم تشريد العمال وتزايدت نسبة البطالة بين الشباب وانتشرت الأمراض الاجتماعية.
وسلط النظام البائد على القيادات العمالية جهاز أمن الدولة المنحل، واستبعد عدد من القيادات العمالية من مصانع المحلة ومؤسساتها وقضى على النقابات والنشاط العمالى بقبضة أمنيه محكمة ضد أي تحرك سياسي سلمي أو شرعي ليتم القضاء على أي حراك يطالب بحقوق العمال، ما أدى ميلاد حركة شباب 6 أبريل من رحم الثوار العماليين فى أزقة وميادين ومصانع المحلة.
وعلى الرغم من قيام الثورة، إلا أن المسئولين مازالوا يتعاملون مع المشكلات العمالية بالمسكنات والحلول الوقتية التى قد تكون قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أي وقت ما لم يتم تداركها وعلاجها بخطة مدروسة ومنظمة تراعى ظروف المدينة الصناعية وأحوال الطبقة العمالية العريضة فيها