مواطنون: لا نثق إلا في السيسي الحاج علي: المنطقة تشرب من "حنفية" واحدة محمد: نفسي أنام و"أنا مش خايف من سقوط البيت" طفلة: نفسى في شقة بعيدة عن الثعابين والعقارب فاطمة: عاوزين يخصصوا لكل 3 أسر شقة دموع تزرف من القلب وترتجف حزناً على ما وصلوا إليه.. مساكن متهالكة تكاد تتساقط على قاطنيها.. هنا في منطقة الموت "تل العقارب" بحي السيدة زينب الحياة منعدمة تماماً من جميع المرافق التي تمكن المواطنين من المعيشة اليومية، حتى دورة المياه لا يجدونها سوى فى منازل معدودة يتبادلونها فيما بينهم. أما عن انتشار القمامة والأوبئة فحدث ولا حرج، فالروائح الكريهة تحيط بكامل المنطقة تنتشر معها الأمراض المزمنة، تصيب الكبار قبل الصغار، وهم أيضا تحس بالحسرة في أعينهم للحاقهم بركب الأمية والجهل، فدخولهم الهزيلة لا تسمح بالتحاقهم بأية مدارس، أما وسيلتهم الوحيدة للترويح عن أنفسهم فهي الجلوس في الشوارع الضيق أمام تلفاز صغير، سرعان ما يملون منه، وليس لهم بد إلا أن ينتشروا بين أزقة المنطقة ليكبروا وتكبر معهم البلطجة. شبكة الإعلام العربية "محيط"، كانت هناك لتنقل معاناة أهل المنطقة، وبمجرد أن وطأت أقدامي المنطقة تهافت كل واحد منهم ليأخذني من يدي بعدما شهدوا كاميرا أحملها أملاً منهم فى أن تكون ناقلة لمعاناتهم إلى المسئولين، التى ربما لا تنتهي فيقول أحدهم بلغته البسيطة:"تعاله يا بيه صور هنا وشوف الحيطان عامله إزاي يا بيه إحنا مش عايشين، والله ما عايشين." نثق في السيسي مضيفاً:"طيب الصور اللى أنت بتصورها دي هتوصل للرئيس السيسى ناس كتير بتيجى تصورنا وفى الآخر بيضحكوا علينا، صدقنى المسئولين اللي تحت منه هيخبهوها، لازم هو اللى يجى ويشوف بنفس على أرض الواقع". وبنبرة يغلب عليها الحزن يكمل حديثه قائلاً:"بصراحة إحنا مش بنثق فى حد غيره لأن إحنا بنسمع منه كتير بيتكلم عن العشوائيات بس مفيش تنفيذ على أرض الواقع اللى تحت منهم بيضللوه وبينقلوا الصورة ليه غلط خاصةً المسئولين عن الحي." كلمات رنت في أذني مع بداية جولتي بالمنطقة، ربما قد تكون فى واقع الأمر حقيقة، فالرئيس تحدث أكثر من مرة عن تطوير العشوائيات فى أكثر من خطاب، لكن الحديث فى وسائل الإعلام شئ والواقع شيئاً آخر. أحدهم اشتكى من تعنت المسئولين خاصةً من رؤساء الحي الذين انتزعت من قلوبهم الرحمة واستغلال مناصبهم فى تحقيق أغراضهم بعيدًا عن أعين المسئولين"حتى مع الغلابة". رشاوى جنسية أهالي المنطقة منهم من قال إن بعض المسئولين طلبوا منهم رشاوى حرمتها جميع الأديان السماوية تتمثل فى رشوة جنسية على حد قولهم، فقط للحصول على مئوى لهم ولأولادهم، هى في الأصل ملكاً لهم وليست عطفاً منهم عليهم، مئوى صغير لكنهم رضوا بأن يسكنوا فيه أفضل من مجاورة الثعابين والعقارب. "إحنا مستنين رحمة ربنا .. البيت دا فيه 8 أشخاص والسلم وقع بتاعنا وجه هنا المأمور بتاع قسم السيدة وكان عايز يقفل البيت".. هكذا تحدثت سيدة فى مطلع الخمسينيات من عمرها، رفضت ذكر إسمها خوفا منها، مضيفة:"رديت عليه وقلت له لو اتقفل هنروح إحنا فين هنترمي في الشارع." وتابعت حديثها بالقول:"إحنا قدمنا ورقنا على الشقق اللي خصصها لينا الرئيس بس لسه ما اخدناش حاجة، أنا ولدتي وجوزى متوفيين، ومعايا بنتى مكتوب كتابها وابني علاء مريض بالكبد ومعاه ابنه قاعد معاه، لو خصصوا لنا شقة موافقين إننا نطلع هنقعد ليه فى الخرابة اللى إحنا قاعدين فيها." لم يتمالك الحج على كمال 50عاماً نفسه خلال حديثه ل"محيط"،وسالت الدموع من عينيه قائلاً:"إحنا قاعدين زى ما أنت شايف فى غرفة واحدة بسبب المنازل اللى الحى هدمها فى مدخل المنطقة والأرض كلها ريحت، والمنطقة كلها بتشرب من مصدر واحد من "حنفية" فى مدخل المنطقة. كمال الذي يقطن فى منزله المتهالك قال:"إحنا عايزين كل واحد ياخد حقه، الحكومة عايزة تخرجنا من المنطقة موافقين، بس مش تسكن كل أسرتين فى شقة مساحتها 40 متر حرام يرضى مين، إحنا سمعنا الرئيس وهو بيقول عايز يخلص العشوائيات من اللى هما فيه ويسكن كل أشرة فى شقة." ثعابين وعقارب والتقط طرف الحديث الشاب مصطفى حسن، موظف بوزارة الصحة، قائلاً: "المنزل آيل للسقوط والحيطان كلها طالعة عن بعضها والحي جاب مهندسين وفى الآخر مضّوا أصحاب المنزل على إقرار بإخلاء مسئوليتهم فى حالة سقوطه فى أي وقت، طيب ماشي مش مسئولين يدونا حقنا، بيت فى 18 غرفة مساحته 150 متر يخصصوا ليهم شقتين طيب دا حرام ولا مش حرام." محمد عبد الحليم 67 عاماً يعمل فى مقهى قال:"عملت معاش تكافل وكرامة 323 جنيه، الواحد مننا مطلوب انه يعيش فى حياة كريمة .. نفسى أنام وأنا مش خايف من سقوط البيت عليها، صحيح الرئيس أتكلم عن العشوائيات، الكلام كتير..لكنر الكلام الواقع على الأرض شئ أخر. ودخلت الطفلة إلهام البالغة من العمر 10 سنوات بالحديث بشكل عفوى قائلةً:" يا عمو أنا نفسى أخد شقة فى أى حته بعيد عن الثعابين والعقارب اللى بشوفها كل يوم، وكمان أنا مش فى مدرسة نفسى أدخل مدرسة واتعلم زى ما الأطفال بيتعلموا فى المدارس الحلوه اللى بنشوفها فى التليفزيون، بس ازاى وابويا مش قادر يصرف علينا، وكمان رئيس الحى يسيب البيت يقع وميسألش فينا." تجولت فى باقي المنطقة وتقابلت مع الحاج حمدي عبد المنعم الذي قال:"بقالى أربعين سنة فى المنطقة وعلشان مش معايا ورق مش عايزين يخصصوا لى شقة، يخصصوا لى أي شقة بس أمشى من هنا، زى ما أنت شايف دا بيت ينفع للاستهلاك الآدمى البيت كله واقع على بعضه." وتابع حديثه قائلاً: "وأنا أقدم شكوى فى المسئولين والحي بيقولوا لي انت لا يوجد ليك ورق وملكش شقة، مسئول في الحي هو اللي بيقول مين اللى قاعد ومين اللى مش قاعد، حسبي الله ونعم الوكيل فيه.مضيفاً:"طيب أنا واحد مريض معايا منين علشان أجر شقة ب400 جنيه ولا 300 جنيه." واستطرد عبدالمنعم حديثه قائلاً:"يا راجل موظف فى الحي يجيب لنا عربيات الزبالة علشان الناس تنقل فيها عفشنا يرضي مين دا ويقول لنا هو دا عفش دا زبالة، إحنا حاجتنا على قد حالنا احنا مش حرامية علشان نجيب حاجات غالية هما يسرقوا الشقق وفى الآخر يقولوا علينا زباله." شقة لكل 3 أسر أما فاطمة عبد الله فرغلي فى بداية الستينيات من عمرها قالت:" أنا مريضة ومعايا ابنى مريض ساعات يشتغل أسبوع وعشرة لأ، وربنا بيرزقنى بأولاد الحلال، أنا كنت شغالة فى بيت ودلوقتى مقدرش اشتغل بحكم السن وبيتنا زى الزفت وقرب يقع علينا ومش لاقيين حد يسأل فينا، وبتوع الحي معاهم ناس مرشدين هما اللى بيحددوا مين اللى ياخد شقة ومين لأ." "عايزين يخصصوا لكل 3 أسر شقة، يرضى مين دا والله حرام"، هكذا بدأ رضا حسين حديثه، مضيفاً:" الرئيس بيقول لكل أسرة شقة والمسئولين اللى تحت منه يخصصوا لكل 3 أسر شقة طب ليه؟ ولحساب مين هى الشقق دي بتاعتهم ولا بتاعت الغلابة اللى زينا." محرر محيط مع الاهالى وتابع حسين حديثه: "يعنى مثلاً أختي وجوزها وابنها ومراته وأخته مخصص ليهم شقة ازاى أكون متجوز وقاعد مع جوز أمي مينفعش، المفروض يخصصوا لكل واحد شقة، أنا عايز أعرف الفلوس اللى بيخصصها الرئيس لسكان العشوائيات بتروح فين، لكن لكل أسرتين شقة حرام." واختتم حديثه قائلاً: "احنا سمعنا الرئيس السيسى وهو بيقول كل واحد ياخد حقه بالقانون، طيب أنا معايا بطاقة على البيت ومش عارف آخد شقة، احنا واثقين فيه بس مش واثقين فى رؤساء الحي، عارف لو كل واحد فينا أخد شقة حتى لو مش هيرجعونا تانى للمنطقة، ولو حتى هيبعوها لأى حد معندناش مشكلة، بتوع الحى يقولك لا المطلقة ولا الأرملة ولا الشاب الغير متزوج لهم شقة ولو راجل كبير فى السن يسكنوا فى دار المسنين دا يبق عدل، طيب يخصصوا شقة ولما يموت يخدوها."