ثمانون عملا تشكيليا يعرضها الفنان ناصر الموسى رائد الحروفية السعودية في معرضه الجديد الذي يقيمه غد الأثنين 28 نوفمبر في صالة أتيلية "جدة" للفنون بالسعودية، ويرعاه وزير الثقافة والإعلام د. عبدالعزيز خوجة. وينظم الأتيلية حوارا تشكيليا حول تجربة الفنان الحروفية باعتبار أن الموسى من رواد التجربة الحروفية في الوطن العربي؛ حيث قدم خلال رحلته التي تجاوزت 25 عاما، تجارب وعطاءات جعلته يلقب برائد الحروفيين في السعودية، كما أنه من الحروفيين البارزين في الوطن العربي. يقول هشام قندير مدير أتيلية جدة ل"محيط" يقدم الموسى من خلال معرضه الشخصي التاسع رؤية بصرية وتقنية عالية في المعالجة الفنية لتجربته الحروفية من خلال الحرف واللون؛ حيث ظل الموسى باحثا ومنقبا ومخلصا وامينا لها على مدار ربع قرن تقريبا مستنبطا منها اسلوبه الشخصي المعاصر، يحمل معه فكرة نضجه الفني الثقافي مما حقق له الأصالة والمعاصرة، مستخدما حروف اللغة العربية دون مدلولها اللفظي كأداة للتشكيل، بحيث اتخذ البناء الخطي دالة للبناء الشكلي في اللوحة، وكان ذلك دافعا للكشف عن سر الجمال الذي يكمن في شكل الحرف العربي . وقد تناغمت درجات اللون في فراغات لوحاته، فمرة يزواج بين الحروف والفراغات، ومرة أخرى يغني بالخط منفردا، وقد تألقت في اتساق هندسي ورشاقة هارومنية لونية توحي بالجو .. ليبرهن الموسى ان الحرف العربي مازال يمتلك امكانات هائلة في التشكيل. وكان الموسى قد حقق نجاحا وجوائز ذهبية وجوائز ابداعية إضافة إلى المشاركات المحلية والدولية وتمثيل السعودية في المحافل والمناسبات الدولية. اعرب موسي عن سعادته بالعرض للمرة الثالثة علي التوالي في مدينة جدة باعتبارها واحدة من اهم المدن العربية التشكيلية وتزخر بالفنانين والنقاد ومتذوقي الفنون التشكيلية . واستعرض الموسى علاقته بالحرف العربي وإرهاصات التجربة مع بدايات الثمانينات الميلادية ومعرضه الأول عام 1983، وتحدث عن الحرف العربي وأنه "يحظى بالأهمية العقائدية؛ لذا نرى مدى تأثر الفنان المسلم والعربي بشكل خاص بروح الخط وتناول جمالياته ومحاولات تطويره من ذلك الوقت، حتى اللحظة نتابع ونلحظ الأفكار لتأسيس الحروفية العربية جعلت مفرداتها حروفا وأشكالا ورموزا لمفردات لغة التشكيل البصرية التي التفت إليها كثير من المبدعين الناطقين بها وغير الناطقين بها". وأشار الموسى إلى أن "هناك من يرى أن الحروفية بدأت منذ بداية التخطيطات الأولى على جدران الكهوف للإنسان البدائي، الذي رسم لغته التعبيرية دون الدخول في تفاصيل لتحرك التاريخي أو خطوات تطور فكرة الحروفية عبر التاريخ بما يتناسب مع القفزات الحضارية والفكرية إلى أن شاهدها الإنسان وشارك في فعلها إلى ما وصلنا إليه اليوم". وعن تجربته وعلاقته بالحرف قال الموسى: إذا سلمنا بالبدايات الأولى العادية عما تكشف عن موهبة ما قد تكون دافعا لتنمية تلك الموهبة؛ ولذلك عند شعوري بموهبة الرسم ومشاركاتي في المرحلة المتوسطة عندما عملت لوحة يمكن أن نطلق عليها مسمى جدارية بمصطلح اليوم، الذي يعتبر العمل الذي يتجاوز النسب المتعارف عليها أكاديميا.. توجهت للدراسة المتخصصة، وكان من الواضح القدرة على نقل الأشياء التي تراها العين هنا وهناك من فضاء، بناء، أشجار، قطع أثاث، أشخاص، ودواب متحركة وثابتة، ومن مفردات البيئة كنت أنمي موهبتي مع كتابات بعض اللوحات الخطية حيث الاعتناء في ذلك الوقت بالخط القاعدي المتعارف عليه بين خطاطي الحرف العربي المحترفين. الخطوة التي تلت ذلك هي الدخول إلى تلوين ذلك الخط الذي كان مقتصرا على اللون الأسود الذي يعتبر لون الكتابة الخطية والتشكيلية اللونية هنا وهناك، وتبعا للتلوين الذي أهتم به وأبذل جهدي وأمعن فكري من أجل التعبير عن مشاعري وأحاسيسي". واصل الموسى: بدأت لدي فكرة تحوير شكل الحرف خاصة مع المد الجديد لدخول الخط إلى إبعاد هندسية شكلية وظهور الخط الحر "فري هاند". وقال الموسى : لعل مما سبق تلاحظون أن الحرف العربي شغل كثيرا من الفنانين للدخول إلى عالمه المدهش أو الجذاب وتراجع كثير ممن استهووا روح المغامرة، لكني توقفت كثيرا عند فكرة تفكيك هندسة الكتلة وإعادة بناء شكل الحرف من منطقة الشعور الذاتية، التي تأتي بالعين أحيانا وبالميم أو الضاد أو الطاء وغيرها من الحروف التي تأتي على غير موعد فتخرج كما هي بحالها التي أتت به. وأضاف: كنت انظر إلى النقطة على سبيل المثال وفعلها الصريح لتحريك المعنى في الكلمات والجمل مع ممارسة تفكيك الحروف ووضعها في دلالتها التي أشعر بها من خلال إحساس ذاتي، انطلق صوت الحرف يناديني، وجاء معرضي التاسع في جدة استجابة لذلك، وقدمت أربعين عملا بصريا، ثم تلته معارض جاءت بعده تأخذ من حركة الحرف الصوتية معاني ودلالات هي الأخرى استجابات لنداءاته الصوتية، ناهيك عن الشكلية اليوم. يذكر أن المعرض سيستمر عشرة ايام، وسيعقبه مباشرة معرض "لوحة في كل بيت" الرابع