الجيش الإسرائيلي: نشن عمليات عسكرية الآن وسط رفح    الجونة يخطف بطاقة التأهل لثمن نهائي الكأس من بلدية المحلة    جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 علمي وأدبي    مسن ينهي حياته شنقا في المرج بسبب ضائقة نفسية    محمد صبحى يوافق على تجديد تعاقده مع الزمالك    780 شاحنة مساعدات في انتظار الدخول عبر رفح    صحة دمياط: ضبط 60 كيلو من سمكة الأرنب السامة قبل وصولها للمواطنين    «الأعلى للجامعات»: منح مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة تدريس جامعة الزقازيق رخصة معتمدة    ماذا قال كاكا عن مواجهة ريال مدريد ودورتموند في نهائي أوروبا؟    ارتفاع عدد ضحايا العدوان على غزة ل36284 شهيدا و82057 مصابا منذ 7 أكتوبر    موعد عيد الأضحى 2024.. وإجازة طويلة تمتد ل 9 أيام متتالية (تعرف عليها)    قبل عيد الأضحى.. ضبط 9 أطنان لحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي في أسيوط    21 الف طن قمح رصيد صوامع الغلال بميناء دمياط اليوم    بحضور 300 طفل، أوقاف القليوبية تنظم لقاء الجمعة    حصاد وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في أسبوع    "الأونروا" تحذر من اكتظاظ مخيمات النازحين بغزة ونقص اللقاحات والأدوية    موعد بدء التقديم لرياض الأطفال وأولى ابتدائي على موقع "التعليم"    بعد علمه بمرضه... انتحار مسن شنقًا بالمرج    حادث طعن فى مانهايم الألمانية.. وشولتس معلقا: الصور هناك فظيعة    إيرادات الأفلام، السرب في المقدمة و"تاني تاني" يحقق 21 ألف جنيه    تحية لكل من رحل تاركًا صوته خيالاً ومن لا يزال يصافحنا بصوته.. الإذاعة المصرية 90 عامًا من الخيال والمعرفة وصندوق الدنيا وبساط الريح    أحمد آدم: تاني تاني مناسب للأسرة.. وأعتمد فيه على كوميديا الموقف    مقتل مسعف وإصابة آخر في هجوم إسرائيلي على سيارة إسعاف في لبنان    نمو الاقتصاد التركي بمعدل 5.7% خلال الربع الأول    صحة الإسماعيلية تختتم تدريب الصيادلة حول اقتصاديات الدواء والرعاية الأولية    وصول جثمان والدة المطرب محمود الليثي إلى مسجد الحصري بأكتوبر "صور"    عمرو الفقي يعلق على برومو "أم الدنيا": مصر مهد الحضارة والأديان    طقس غد.. ارتفاع بالحرارة على كل الأنحاء والعظمى بالقاهرة 37 درجة    وزيرة التعاون: تحقيق استقرار مستدام في أفريقيا يتطلب دعم المؤسسات الدولية    في بلادي.. لا حياة لمن تنادي!    مرة واحدة في العمر.. ما حكم من استطاع الحج ولم يفعل؟ إمام وخطيب المسجد الحرام يُجيب    المفتي: عدم توثيق الأرملة زواجها الجديد لأخذ معاش زوجها المتوفي حرام شرعا    الحوار الوطني يجتمع غدا لمناقشة ملفات الأمن القومي والأوضاع في غزة    ضمن مبادرة كلنا واحد.. الداخلية توجه قوافل طبية وإنسانية إلى قرى سوهاج    بعد اكتمال منشآته.. افتتاح سيتي كلوب الشروق غداً    وزير الإسكان يُصدر قراراً بإزالة مخالفات بناء بالساحل الشمالي    "العاصمة الإدارية" الجديدة تستقبل وفدا من جامعة قرطاج التونسية    أزهري يوضح الشروط الواجب توافرها في الأضحية (فيديو)    فرنسا تشهد أسبوع حافلا بالمظاهرات احتجاجا على القصف الإسرائيلى    طارق فؤاد والفرقة المصرية يقدمان روائع موسيقار الأجيال على مسرح السامر    في اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. احذر التبغ يقتل 8 ملايين شخص سنويا    الاعتماد والرقابة الصحية: برنامج تدريب المراجعين يحصل على الاعتماد الدولي    وجبة غداء تهدد حياة 8 أشخاص في كرداسة    محافظ أسوان يتابع تسليم 30 منزلا بقرية الفؤادية بكوم أمبو بعد إعادة تأهيلهم    مصرع وإصابة 3 أشخاص إثر حادث تصادم وحريق سيارة ميكروباص على طريق الدولي الساحلي    «حق الله في المال».. موضوع خطبة الجمعة اليوم في مساجد مصر    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    ميرور البريطانية تكشف عن بديل نونيز في ليفربول حال رحيله    كيفية الحفاظ على صحة العين أثناء موجة الحر    تشكيل بروسيا دورتموند المتوقع لمواجهة ريال مدريد في نهائي دوري أبطال أوروبا 2024    من بكين.. رسائل السيسي لكبرى الشركات الصينية    تعرف على موعد إجازة عيد الأضحى المُبارك    الأعمال المكروهة والمستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    البابا تواضروس يستقبل وفدًا رهبانيًّا روسيًّا    الطيران الحربي الإسرائيلي يقصف محيط مسجد في مخيم البريج وسط قطاع غزة    الكومي يعلن مفاجأة بشأن قضية الشيبي وحسين الشحات    تامر عبد المنعم ينعى والدة وزيرة الثقافة: «كل نفس ذائقة الموت»    منتخب مصر يخوض ثاني تدريباته استعدادًا لمواجهة بوركينا فاسو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكفيف الثائر: حصلت علي الدكتوراه وأنا مدرس خدمة اجتماعية
نشر في محيط يوم 09 - 03 - 2016


فقداني للبصر كان وراثيا
أعمل مديرا لفرقة "المفتحين" المسرحية
أتمنى إعادة تجربة طه حسين مرة أخري
قضيت 6 سنوات في التحضير للدكتوراه
حال الكفيف أيام الرسول أفضل من الآن
أتمنى تفعيل تعيين نسبة ال 5% للمعاقين
أدين بالفضل في نجاحي لأمي
الدولة تجاهلتني ولم يكرمني مسئول واحد
لم تثنه عذابات السنين عن تحقيق طموحاته ورغبته في التعلم، وانطبق عليه المثل "ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ" فانطلق يدرس الدور الحقيقي الذي لعبه غير المبصرين في التاريخ الإسلامي.
حصل على شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف عن رسالة بعنوان "الدور الحضاري للعميان في المشرق الإسلامي" ناقشها أ.د عطية أحمد القوصي، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه بقسم التاريخ جامعة القاهرة وأ.د حسام أحمد مختار العبادي, أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه المساعد بقسم التاريخ كلية اداب جامعة الاسكندرية وأ.د أحمد عبد السلام ناصف, أستاذ التاريخ والحضارة الإسلاميه المساعد بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة طنطا.
الدكتور جمعة محمود دبل، التقته شبكة الإعلام العربية "محيط " فكان هذا الحوار:
بداية.. حدثنا عن نشأتك؟
ولدت في قرية "الرجدية" التابعة لمركز طنطا محافظة الغربية، توفي والدي وعمري عام، وتحملت أمي المسئولية وكانت تساعدها في تربيتي أختي التي تعمل أجيرة في الحقول، وبعد زواجها مؤخرا أصبحت أمي هي من ترعانا بشكل كامل، أصبت بمرض في قدمي أدى إلى إصابتي بشبه شلل تام في الحركة وتعايشت معه طيلة الخمس سنين الأولى في حياتي، ولم تيأس أمي وصارت بي هنا وهناك في جميع المستشفيات لمحاولة علاجي، والحمد لله تم شفائي بعد خمس سنوات من هذا المرض.
وما وظيفتك الحالية وحالتك الاجتماعية؟
معلم في مادة الدراسات الاجتماعية بمدرسة السيدة عائشة الإعدادية "بنات".. ومتزوج ورزقني الله ب "جهاد" وعمرها 10 سنوات في الصف الخامس الابتدائي الأزهري وتوشك على ختم القرآن الكريم، وتقرأ كثيرا من الكتب التي اقتنيها، و"محمود" 8 سنوات في الصف الثالث الابتدائي الأزهري أيضا، ويحفظ بعضا من أجزاء القرآن، وكل ما أفعله في حياتي هو من أجلهم لكي يكونوا فخورون بي، وهم بالفعل كذلك فلا يحرجون من كوني "كفيف" ويشعرون بالفخر عندما يحدثهم أحد عن إنجازاتي.
وكيف فقدت بصرك؟
فقداني للبصر ظهرت بشائره وأنا في الصف الرابع الابتدائي، كان نظري ضعيفا وكنت ألبس نظارة، كنت أحفظ القرآن الكريم في كتاب القرية، وفي يوم حصل لي "زغللة في عيني" اشتكيت يومها لأمي فصارت بي إلى المستشفيات وأجريت أكثر من عملية لكن حدث لي"انفصال شبكي" في العين، وأصبت بفقدان البصر بعدها.
وهل فقدت الأمل نتيجة فقدانك للبصر؟
إطلاقا.. كان ذلك بمثابة انطلاقة جديدة في حياتي، واكتشفت أن فقداني البصر أدخلني عالم النور، ورأيت ببصيرتي وقلبي وحواسي ما أنعم الله على بهم ما لا يراه أي مبصر، فرغم أنى لم أتمتع باللعب والجري في الشارع مثل أصدقائي، إلا أن الطاقة الربانية والروحية التي زرعت بداخلي كانت كفيلة لتحقيق المعجزات.
وحينها شعرت بأنني دخلت عالم من النور وآمنت بقضاء الله وحكمته، وها أنا الآن ومع كل عام يمر علي أحقق إنجازاً لم أكن أحلم بتحقيقه، وأنا مبصر فكل حلمي حين كنت مبصراً أن أحصل على دبلوم التجارة مثل أخي وأعمل في الحقل لكن الأمر تبدل وأعلم أن الأيام تحمل لى الخير بفضل الله.
هل أثرت هذه الحالة علي حياتك؟
أمارس حياتي بشكل طبيعي جدا، أعرف منزلي "شبر شبر"، وأتعامل مع أجهزة الحاسب الآلي وأستطيع البحث بنفسي عن الكتب التي أريدها، دون مساعدة من أحد، حتى أن زوجتي وأبنائي كثيرا ما يسألون عن أماكن بعض الأشياء وأساعدهم في الوصول إليها.
وهل فقدانك للبصر له أثار وراثية؟
نعم.. فقداني للبصر به جزء وراثي، فجدي وُلد كفيفا ووالدي كان نظره ضعيف.
مع الزميل محمد السباخى
وهل تخشى أن يصاب أبنائك بفقدان البصر بسبب الوراثة؟ وما الذي فعلته لتقيهم؟
نعم أخشى عليهم بشدة.. وبالفعل محمود ابني أصيب باحمرار في العين ويظهر عليه في فصل الصيف، ذهبت به عند أكثر من طبيب فأجابوني بأن ذلك "رمد ربيعي" وطمأنوني، وقالوا إنه لا يحتاج إلى تدخل جراحي في عينه، لكني كنت قلقا جدا عليه لأنني لا أريد أن يمر بتجربتي ويحدث له ما حدث لي.
وما علاقتك بالكتب والقراءة؟
أنا عاشق للكتب وأنتظر كل عام معرض القاهرة للكتاب بفارغ الصبر لأقتني بعضا من الكتب الهامة، فالكتاب بالنسبة لي كالهواء الذي أتنفسه بل هو "الحياة"، والكتاب هو أكثر شيء تنفق فيه المال وتكون فائدته عشرة أضعاف ثمنه، ولولا صعوبة توفير من يقرأ لي لكنت قرأت عشرة أضعاف ما قرأت.
لُقبت في فترة دراستك الثانوية ب «الكفيف الثائر» فما مناسبة هذا اللقب؟ ومن أطلقه عليك؟
هذا اللقب له مناسبة لن أنساها، فأثناء دراستي بمرحلة "الثانوية" بمعهد النور بزيزينيا "قسم الداخلي"، عانيت وزملائي من الاستبداد والمعاملة السيئة من إدارة المعهد، فكانوا يستخدموننا كوسيلة للاستجداء والشحاتة علينا.
وكنا نضرب ضرباً مبرحاً في حالة عدم إطاعة الأوامر، وكانت حقوقنا مهدورة، حينها كنت أول من رفض مبدأ الضرب والتهديد ودعوت أصدقائي جميعاً للعصيان، وبالفعل دخلنا في إضراب عن حضور الحصص، واشتكينا إلى الوزارة عن طريق إرسال "فاكسات"، إلى أن جاءت لجنة للتحقيق في الأمر.
ووقتها هددنا بعض المدرسون، وطلبوا عدم الكلام أثناء وجود اللجنة، لكن لم نلتفت لهذه التهديدات، وتحققت مطالبنا حيث تم تغيير الإدارة الفاسدة، لكنى دفعت الثمن غالياً فتم نقلى من المعهد إلى معهد آخر خوفاً من اعتراضي على أي قرارات، ورسبت في هذا العام بقرار من مدير المعهد تأديباً لي.
ما سبب اختيارك «الدور الحضاري للعيمان في المشرق الإسلام» موضوعا لرسالتك بالدكتوراه؟
كان لابد أن يكون موضوع الدكتوراه قويا لا يقل عن موضوع الماجستير، كنت أرغب في أن تكون الدراسة شاملة لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن هيئة إشراف الرسالة نصحوني بأن يكون الموضوع محدد لفئة واحدة، فاخترت الفئة التي أنا منها وهي فئة "المكفوفين" ومن هنا بدأت في الدراسة.
قمت بوضع الخطة المناسبة لها بمساعدة أساتذتي في لجنة الإشراف وأعجبتني الفكرة كثيرا، وشعرت بأنها ستضيف إلى المكتبة الإسلامية والعالم الإسلامي وستثبت للجميع أن الكفيف ليس عالة على المجتمع ولا ينتظر شفقة ولا إحسان من أحد، وإنما شارك في وضع التراث العلمي في مختلف العلوم من الفترة (1ه إلى 656 ه ومن 622م إلى 1258م)، وكشفت الدراسة عن الدور الذى لعبه المكفوفين فى تلك الفترة في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والعلوم النقلية.
كم أخذت من الوقت لإنجاز الرسالة؟ وما الصعوبات التي واجهتك طيلة هذه الفترة؟
إعداد الرسالة أخذ مني 6 سنوات وهذا وقت طويل جدا، والسبب في ذلك يرجع إلى حداثة الموضوع، فالمراجع والمصادر والدراسات السابقة الخاصة به كانت قليلة جدا فأخذت مني مجهودا شاقا، لكنى لم أستسلم واطلعت على مئات المراجع فى دار الكتب ومعهد المخطوطات ومعرض القاهرة الدولي للكتاب وسور الأزبكية، ولم أترك مكتبة إلا وبحثت فيها للخروج بالرسالة بهذا الشكل.
لكني مررت بصعوبات كثيرة خلال هذه المدة، فكنت أعاني في توفير مرافق معي للسفر من أجل البحث عن مراجع تخص موضوع الدراسة، وأيضا من الأمور الصعبة التي واجهتني هو قلة المتطوعين الذين كانوا يساعدوني في قراءة المراجع وكل ما يتعلق بالموضوع، حيث اعتمدت بشكل كبير على الذهاب لبعض الجمعيات الخيرية لتوفير متطوعين لمساعدتي كجمعية "رسالة" وغيرها، وبالفعل ساعدوني كثيرا.
وما أبرز الشخصيات التي تناولتها "دراستك" وأثرت فيك ؟
الدراسة شملت شخصيات عديدة كان لهم أدوارا فعالة في علوم كثيرة كعلم القراءات والحديث والشعر وغيرها، فكانوا بارعين وموسوعيين، واكتشفت من خلال الدراسة أن عباقرة التاريخ والعلوم المختلفة جزء كبير منهم كانوا من متحدي الإعاقة، أمثال "أبو البقاء العكبري وابو الحسن الباقوري، أبو غالب الأنصاري وغيرهم".
لكن أكثر شخصية أثرت في هي "عبد الله بن أم مكتوم"، لدرجة أني تمنيت أن أكون معايشا له في زمنه، حيث يعتبر أشهر شخصية لكفيف في الإسلام، كان مؤذن الرسول بجانب بلال بن رباح، فكان بلال يؤذن للصلاة مرة وهو يقيم لها والعكس.. وقال رسول الله "إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم"، وهو الصحابي الذي أُطلق عليه لقب الصحبة مع أنه لم ير النبي لأنه كان أعمي، وكان الرسول "ص" يعتمد عليه أثناء الغزوات وقد استخلفه ثلاث عشرة مرة عند خروجه من المدينة لثقته فيه، فكان يصلي بالناس ويرعى شئونهم، وكان من أول من هاجروا إلى المدينة بعد مصعب بن عمير، فراراً بدينهم بعد أن اشتد أذى قريش على المسلمين.. و"ابن مكتوم" نزلت فيه سورة كاملة في القرآن وهي سورة "عبس" وكان سبب نزولها هو انشغال النبي صلى الله عليه وسلم "عن إجابة "عبد الله بن مكتوم" حتى ينتهي من اجتماعه مع كبار مكة فنزلت الآيات "عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى"، إلى آخر الآيات، فكانت بمثابة "عتاب" من الله سبحانه وتعالى للنبي بسببه. هل ترى أن حال الكفيف إبان عصر الرسول والصحابة كان أفضل من عصرنا هذا ؟
نعم بكل أمانة، ويكمن ذلك في كل أمورهم وأحوالهم.. فكانوا يشاركون في مجالس الخلفاء والوزراء، وكان لهم احترامهم وكلمتهم كانت مسموعة، وكان منهم الفقهاء والحكماء، بل ومربين لأولاد الخلفاء أنفسهم، وكان الخلفاء يهتمون بهم اهتماما كبيرا لدرجة أنهم كانوا يخصصون لكل كفيف خادما أو اثنين ومرافقين أيضا، وكانت الدولة الإسلامية تكرمهم وتوفر لهم كافة متطلباتهم.. فإذا ما قارنا هذا الاهتمام بوضعيتهم حاليا سنجد أنهم كانوا أفضل حالا بمراحل كبيرة، فمن المستحيل أن تجد في عصرنا هذا كفيفا يتولى منصبا مهما في الدولة على الرغم من تفوق العديد منهم وأن من بينهم ذوي الخبرات والكفاءات في مجالات مختلفة، لكن خبرتهم حبيسة العقول والصدور.
لديك موهبة فنية أيضا بجانب تفوقك العلمي.. حدثنا عن هذه التجربة؟
أجمع ما بين العلم والفن، فبجانب أبحاثي ودراساتي أنا حريص على الجانب الترفيهي حيث يمثل لي شيئا إيجابيا في حياتي، وأشارك في فرقة "المفتحين" المسرحية للمكفوفين كمديرا لها وممثل في نفس الوقت، وهذه الفرقة هي الأولى من نوعها في مصر والوطن العربي أسستها أنا وصديقي "السيد مجاهد" رئيس الفرقة، وهي عبارة عن مجموعة من المكفوفين لديهم موهبة فنية ونحن منهم.
والهدف من تأسيس الفرقة إيصال قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة وإبرازها ومحاولة إيجاد حلولا أفضل لهم، وللفريق دور وطني ومجتمعي أيضا من خلال تقديم أدوار تساهم في خدمة المجتمع وتنمية الحس الوطني.
وقدمنا أول عرض مسرحي بعنوان "حكايات مصرية" كان ذلك في شهر مايو 2015، ونال العرض على إعجاب المشاهدين وتمت استضافتنا في العديد من القنوات الفضائية وكتبت عنا الصحف والمواقع الإلكترونية، وأشاد بنا فنانين عظام أمثال الفنان الكبير محمد صبحي الذي عرض علينا إعادة تمثيل مسرحية "وجهة نظر" على نفقته الخاصة، وأيضا أشاد بنا الفنان القدير صلاح عبدالله في مداخلته معنا في أحد البرامج التلفزيونية.
هل حظيت تكريم من جهة رسمية في الدولة؟
إطلاقاً، لم أكرم من أي جهة ولم يتصل بي مسئول أو موظف من المجلس القومي للإعاقة أو غيرها من المؤسسات التي تتشدق بالدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، واستعجب أن أغلب تلك المؤسسات يعمل بها أشخاص طبيعيون ونسبة ذوي الإعاقة بها لم تصل حتى نسبة ال5% التي حددها الدستور، وأظن أن موضوع الرسالة لو كان مثيرا تافها لتهاتف عليه الإعلام واختلف الحال كثيرا، فأنا كل يوم لا أنام قبل أن ألقي نظرة على دراستي وأدعو نفسى للتحلي بالصبر.
وما أحلامك وأمنياتك بعد حصولك على الدكتوراه؟
أتمنى من الله عز وجل أن يكرمني في مشواري وأتعين في كلية علوم الإعاقة الجديدة بجامعة بني سويف، لأنها ستكون بابي لتكملة مشوار الأستاذية وأرغب أيضا أن تكون دراستي في شئون الإعاقة لإبراز مكانتهم وتفوقهم وهذا سيكون لكل المعاقين وليس للمكفوفين فقط، أتمني أيضا أن يتم اختياري فى أى جهة استشارية للتربية الخاصة بالمديرية أو الوزارة، وأتمنى هذه الأمنية لكل من حصل علي درجة الماجستير والدكتوراه من متحدي الإعاقة في جميع المصالح الحكومية.
‎وماذا تتمنى لفئة ذوى الاحتياجات الخاصة؟
أتمنى رفع نسبة ال 5% في التعيينات، وتفعيلها أولا في كل مؤسسات الدولة، كما أدعو وزير المالية العمل لتوفير سيارة لمكفوفي البصر أسوة بباقي المعاقين في مصر ورفع الجمارك عنهم.
كما أتمنى إعادة تجربة طه حسين مرة أخري عميدا للأدب العربي ووزيرا للمعارف، فما هو المانع أن يكون هناك مستشارا للرئيس من ذوي الإعاقة وما المانع أن يكون هناك وزيرا من بينهم في الحكومة، وأتمنى أن يكون هناك لجنة داخل مجلس الشعب خاصة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا أتمنى من أجهزة الدولة إعطائهم الفرصة كاملة لإثبات ذاتهم في كافة المجالات، لكي يعيد التاريخ نفسه من جديد.
هل تدين بالفضل لأحد كان سببا في نجاحك ووصولك لهذه المرحلة؟
أكيد.. فكل عمل ناجح ورائه أناس مخلصون ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وأنا أنعم الله على بأناس وقفوا بجواري ولم يتخلوا عنى لحظة واحدة، بدأت بوالدتي التي ظلت تعمل أجيرة في الأراضي لمدة 55 عاماً من أجل أن توفر نفقات علاجي ودراستي ولم تبخل على يوماً ومروراً بأخي الأكبر محمود الذي كان لي بمثابة أب وصديق، بعد أن فقدت أصدقائي لعدم قدرتي على مجاراتهم في حياتهم، فتحمل معي الكثير من المعاناة وكان دائماً يشجعني، وتعب معي كثيرا في الدراسة وقراءة الكتب والمراجع والأبحاث، حتى أنه يحفظ رسالتي عن ظهر قلب، وانتهاء بزوجتي التي تحملت ولا تزال تتحمل انشغالي عنها في البحث والدراسة ولم تشعرني يوماً بالتقصير وتهتم بأبنائي جهاد ومحمود، وتقوم بواجباتها في المنزل على أكمل وجه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.