كانت أقصى أكبر أحلامه عندما كان مبصرًا الحصول على دبلوم تجارة، وبعد أن أصبح كفيفًا وهو فى الرابعة عشرة من عمره أصبح أقل أحلامه هو الحصول على درجتى الماجستير والدكتوراه، فإن كان الله سبحانه وتعالى قد حرمه من نور البصر، فقد أعطاه نور البصيرة، وزوده بالإصرار والعزيمة والإرادة والتحدى .. إنه جمعة محمود محمد، الذى استطاع أن يغير مسار حياته للأفضل. فى البداية يقول جمعة: ولدت فى قرية « الرجدية» احدى قرى محافظة الغربية مثل أى طفل عادي، وفجأة أصبت بمرض فى قدمى أثر على الحركة، وظل معى هذا المرض لمدة السنوات الخمس الأولى من عمرى، وقبل أن أنسى توفى أبى وأنا عمرى عام . وتزوجت أختى فى هذا التوقيت وتحملت أمى المسئولية كاملة، وصارت بى هنا وهناك فى جميع المستشفيات لمحاولة علاجى والحمد لله تم شفائى بعد خمس سنوات من هذا المرض، وحينما كنت فى السنة الرابعة عشرة من عمرى أصبت بمرض جديد فى عينى، وبعد إجراء أكثر من عملية رزقنى الله بنعمة فقدان البصر ولكنه أضاء لى البصيرة، كان ذلك بالنسبة لى بمثابة نقطة تحول فى حياتى بعد أن كنت مبصراً عادياً وانتقلت إلى مدارس المكفوفين، وبعد أن كان حلمى وأنا مبصر الحصول على دبلوم تجارة تحول حلمى وأنا كفيف إلى أن أحصل على درجتى الماجستير والدكتوراه، ومن وقتها ازداد الطموح والإصرار والعزيمة والإرادة والتحدى بعد الإيمان بالله والإيمان بالقدر والابتلاء الذى أعطانى الله إياه خطوة تلى الأخرى، حتى انتهيت من المرحلة الابتدائية بتفوق فى طنطا، ثم الإعدادية وبعدها الثانوية بمدرسة النور بزيزينيا للمكفوفين بالإسكندرية، ثم المرحلة الجامعية بكلية آداب قسم التاريخ بجامعة الإسكندرية، ثم كانت العودة مرة أخرى لمدينة طنطا والتحقت بالسنة التمهيدية بالماجستير بقسم التاريخ فى كلية الآداب جامعة طنطا ثم تسجيلى للماجستير بنفس الجامعة فى موضوع ابن عساكر مؤرخا وهو يبحث عن المنهج التأريخى للمؤرخ الدمشقى ابن عساكر المتوفى سنة 571 ه وحصلت على درجه الماجستير بتقدير ممتاز فى هذا الموضوع . ثم قمت بتسجيل موضوع (الدور الحضارى للعميان فى المشرق الاسلامى ) من الفترة (1ه :656ه ومن 622م:1258م) لنيل درجة الدكتوراة وهذا الموضوع يبين كيف كان للعميان دور فى النواحى الاجتماعية والاقتصادية، كيف أسهموا فى العلوم النقلية والعقلية وبتوفيق الله حصلت من خلال هذا الموضوع على الدكتوراه بتقدير مرتبة الشرف الثانية وكان هذا الموضوع صعب للغاية ومادته فقيرة بالمصادر والمراجع كانت بين السطور. ويضيف: أعمل حاليا معلم أول بمدرسة السيدة عائشة الإعدادية بنات بإدارة غرب طنطا التعليمية بوزارة التربية والتعليم، بعد حصولى على الدكتوراه أصبح التدريس بالنسبة لى صعبا فى مدارس المبصرين أو المكفوفين، فأنا أكون فى واد والطلاب فى واد آخر، لذلك أتمنى نقلى أو انتدابى من معلم بالتربية والتعليم إلى استشارى بالتربية الخاصة بطنطا أو استشارى بمديرية التربية والتعليم وذلك لأننى لدى الخبرة الكبيرة فى مجال الإعاقة بحكم أننى واحد منهم منذ ثلاثين عاما، فأعتقد أن هذا الأمر كافٍ لاكتساب الخبرات العديدة فى مجال الإعاقة مما يمكننى من إفادة الفئة التى أنا منها وأجد نفسى فيها وإذا وضعنا الشخص المناسب فى المكان المناسب فيكون إضافة. ويكمل: أتمنى رفع نسبه ال 5% وتفعيلها فى كل مؤسسات الدولة، وعمل حصر شامل ودقيق لجميع متحدى الإعاقة بأنواعها فى مصر، وأطالب وزير المالية بالسماح لمكفوفى البصر بالحصول على سيارة مثلهم مثل باقى المعاقين فى مصر ورفع الجمارك عنهم، وأحلم بإعادة تجربة الدكتور طه حسين مرةً أخرى كعميد للأدب العربى ووزير للمعارف، فما هو المانع أن يكون وزيرا من بين المعاقين فى الحكومة المصرية وهذا حقهم فى الدستور بموجب قانون ال 5%. ويختتم حديثه قائلا: كل عمل ناجح يكون وراءه كفاح وصدق وإخلاص من أشخاص تفانوا فى ومساعدتهم لى.