يناقش العدد الجديد من دورية "بدائل" الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية, مسارات إدارة العلاقة مع منظمات "الدبلوماسية الخاصة" المؤثرة في الجوار الأفريقي لمصر، وذلك في محاولة لتحليل أبعاد الأدوار التي تلعبها هذه المنظمات في الصراعات المشتعلة في دول الجوار، وطرح سياسات من واقع الخبرات الدولية قد تكون مفيدة في تحقيق التعامل "الآمن" مع هذه المنظمات دون أن يؤثر سلبًا على المصالح الاستراتيجية للدولة. وتوضح الدكتورة إيمان رجب رئيس التحرير في مقدمة العدد، والتي تحمل عنوان "shifting Realities: لماذا تتزايد أهمية منظمات الدبلوماسية الخاصة في العلاقات الخارجية؟" أن هذه المنظمات بدأ يتزايد دورها خلال المرحلة الحالية في الجوار الأفريقي لمصر، وذلك بطرحها لمبادرات وقف القتال واقتراح مسارات للتسوية السياسية، فضلاً عن تأثيرها على مسار الصراعات على نحو يسمح لها بممارسة نفوذ ما في أوضاع مابعد الصراع. وتنوه إلى أن الدولة المصرية لا تتبنى سياسات واضحة للتعامل مع هذه المنظمات إما بسبب التشكك في "أجندة" عملها، أو بسبب رفضها تدخلها في شئونها الداخلية باعتبارها "المحطة" التالية في عمل هذه المنظمات في حال الانخراط معها. كما تشير إلى أن أهمية هذه القضية ترتبط بثلاثة عوامل وهى 1) أن اتجاه مصر لتنشيط أدوارها الخارجية خاصة في دول الجوار، يستدعي إدراكًا جيدًا للأطراف المختلفة المؤثرة في هذا الجوار وعدم تجاهل دور منظمات الدبلوماسية الخاصة التي أصبحت طرفا مهما فيها. 2) تحوُّل هذه المنظمات إلى طرف يعمل على تسوية الصراعات في الدول المجاورة ، وهو أمر يخدم في محصلته النهائية المصالح المصرية. 3) تطور الممارسة الدولية يكشف عن أن تجاهل أدوار هذه المنظمات لم يعد يخدم مصالح الدول. وفي الدراسة الرئيسية التي جاءت بعنوان " rivate Diplomacy Organizations: مسارات إدارة العلاقة مع منظمات "الدبلوماسية الخاصة" المؤثرة في الجوار الأفريقي" يناقش الدكتور خالد حنفي الباحث في الشئون الأفريقية،ثلاث مستويات لتأثير الصراعات في الجوار الأفريقي على الأمن القومي المصري، فالمستوى الأول يتصل بالجوار الأفريقي، خاصة من جهة ليبيا التي باتت حاضنة وملاذا لوجستيا للجماعات الجهادية المسلحة خاصة في شمال وغرب أفريقيا، بالإضافة إلى الصراعات في جنوب السودان التي تؤثر على الأمن القومي المصري خاصة على صعيد قضية مياه نهر النيل. وبالنسبة للمستوى الثاني فيتمثل في تضرر المصالح المصرية في الجوار الأفريقي، جراء ضعف السلطة وعدم قدرتها على السيطرة على جغرافيتها نتاج الصراعات الداخلية، فعلى سبيل المثال، أدى انقسام السلطة وتعثر تسوية الصراع الليبي بين حكومتين وبرلمانين تدعم كل منها مليشيات مسلحة متنافسة في الشرق والغرب، إلى تعرض العمال المصريون لحوادث اختطاف وقتل، خاصة في عامي 2013 و2014 وبلغت ذروتها في العام 2015 عندما تبنت داعش قتل 21 مصريًا. فيما يرتبط المستوى الثالث بتصاعد شبكات الجريمة المنظمة في الجوار الأفريقي نتاج للتغذية الكبرى التي تلقتها إزاء اندلاع الصراع المسلح في ليبيا بعد سقوط القذافي, والذي خلف سوقا للسلاح تتفاوت تقديراته ما بين 20إلى 30 مليون قطعة سلاح. كما تناقش الدراسة نماذج لمنظمات الدبلوماسية الخاصة في صراعات الجوار الأفريقي، من خلال جهودها في تسوية الصراعات وخلق بيئة مشجعة على الحوار فضلاً عن التوصل لاتفاقات سلام، ومنها مركز الحوار الإنساني ومركز كارتر ومنظمة سيرش فور كومن جروند وجماعة سانت ايجيدو. هذا وتقدم الدراسة مقترحان لدوائر صنع القرار للتعامل مع منظمات الدبلوماسية الخاصة في مناطق الصراعات المجاورة بأفريقيا، الأول ينصرف إلى إيجاد آليات تنسيقية مشتركة بين هذه المنظمات ومنظمات غير حكومية تتبع الدولة، على نحو يوفر قنوات لتبادل المعلومات والتحليلات حول أطراف الصراع وديناميكياته ومساراته المحتملة، ويسمح بالتنسيق في مسارات تسوية الصراعات في دول الجوار الأفريقي. ويتمثل المسار الثاني في منافسة أدوار هذه المنظمات من خلال بناء شبكة تضم الفاعلين الرسميين وغير الرسميين المصريين للتعامل مع الصراعات في الجوار. تعد دورية "بدائل" سلسلة "دراسات سياسات" محكمة، تصدر بصفة ربع سنوية عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وتهتم بالقضايا التي تشغل دوائر صنع القرار في مصر، سواء كانت قضايا داخلية، أو قضايا خارجية تتعلق بإقليم الشرق الأوسط، أو بالنظام الدولي، وذلك بقدر تأثيرها على مصر.