قررت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد مرسي و 10 متهمين آخرين من كوادر وأعضاء جماعة الإخوان، إلى جلسة بعد غد "الثلاثاء" وذلك في قضية اتهامهم بالتخابر وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وموجهة إلى مؤسسة الرئاسة، وتتعلق بالأمن القومي والقوات المسلحة المصرية، وإفشائها إلى دولة قطر. وجاء قرار التأجيل للاستماع إلى أقوال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق. قدم ممثل النيابة العامة إلى المحكمة مذكرة رسمية تفيد مخاطبة مدير مكتب رئيس الجمهورية، لتنفيذ قرار المحكمة بتشكيل لجنة ثلاثية من المختصين برئاسة الجمهورية للاطلاع على محتويات المستندات المضبوطة وبيان تاريخ ورود كل منها إلى الرئاسة.. وأوضحت النيابة أنها لم تتلق حتى الآن ما يفيد بتشكيل اللجنة. وقررت المحكمة تحديد جلسة 10 سبتمبر المقبل، لقيام أعضاء اللجنة المذكورة بأداء اليمين القانوني أمام المحكمة، إيذانا ببدء عملهم. واستمعت المحكمة إلى شهادة اللواء مصطفى طلعت الشافعي مدير مكتب رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق، والذي قال إنه يعمل برئاسة الجمهورية منذ عام 1977 ، حتى أصبح المشرف العام على مكتب رئيس ديوان رئيس الجمهورية منذ يناير 2000 وحتى إحالته للتقاعد في 21 يوليو 2013 .. مشيرا إلى أن اختصاص عمله يتمثل في مساعدة رئيس الديوان في مزاولة اختصاصاته بالرئاسة باعتباره الوزير المختص بجميع أجهزة الرئاسة، بالإضافة إلى اعتباره جهة عرض وتلقي القوانين ومراجعة الأحكام بواسطة المستشار القانوني لعرضها على رئيس الجمهورية، والإشراف على مقر الرئيس ومقار رئاسة الجمهورية، وتقديم أوراق اعتماد السفراء، وأية تكليفات أخرى تصدر عن رئيس الجمهورية. وأشار إلى أنه ليس من بين اختصاصات وظيفته الإشراف على مدير مكتب رئيس الجمهورية، لافتا إلى أن رئاسة الجمهورية تنقسم إلى سكرتارية رئيس الجمهورية وديوانه ومكتب الرئيس وسكرتارية المعلومات والحرس الجمهوري، إلى جانب باقي التنظيم الإداري من نواب ومستشاري ومساعدي رئيس الجمهورية.. وأن لكل جهة من تلك الجهات لائحة تنظيم لعملها وتسمى لائحة تنظيم رئاسة الجمهورية والاختصاصات، وموضح بها عمل كل جهاز وإدارة ومكوناتها وتنظيمها فيما عدا الحرس الجمهوري باعتباره يتبع القوات المسلحة في تنظيمه. وأكد الشاهد أن المختص بعرض المستندات والتقارير الواردة على رئيس الجمهورية، هو مدير مكتبه، وأنه من المفترض أن أية مستندات أو أوراق ترسل إلى رئاسة الجمهورية أو ترد منها، تسجل في سجلات الوارد لكل إدارة مختصة واردة إليها تلك المراسلات، حتى كل ما يرد عن طريق الفاكس يدخل أيضا ويسجل في تلك السجلات. وأشار إلى أن مكتب رئيس الجمهورية له دفتر خاص بالمراسلات، وانه من المفترض أن هناك دفتر خاص للمراسلات أو المكاتبات السرية ويثبت بذلك الدفتر درجة سريتها ورقم المكاتبة الواردة وتاريخها وجهة الإرسال فقط. وقال الشاهد /إنه لا يعلم طبيعة العمل بمكتب رئيس الجمهورية، وما إذا كانت هناك مثل هذه الدفاتر من عدمه وإن كنت أعتقد بوجود هذا الدفتر لإثبات تأشيرة الرئيس على كل كتاب وارد له وذلك خلال فترة الرئاسة قبل تولي محمد مرسي منصب رئيس الجمهورية/ بحسب قول الشاهد. وأكد الشاهد أن جهة عرض المستندات على رئيس الجمهورية، يتولاها مكتب الرئيس، بوصفه المسئول عن ذلك، أما إذا كان الأمر يتعلق بمعلومات عسكرية فتعرض بواسطة السكرتير العسكري وهو قائد الحرس الجمهوري في ذلك الوقت. وقال إنه لا يعلم تفاصيل إجراءات الحفظ بالنسبة للوثائق والمستندات التي ترد إلى مكتب رئيس الجمهورية بعد عرضها عليه، غير أنه من المفترض أن تلك الوثائق تحفظ في خزائن طبقا لدرجة سريتها، باعتبار أن الموضوعات الموصوفة بأنها سرية للغاية، تتعلق بالخطط المستقبلية أو الخاصة بالأمن القومي المصري ولا يطلع عليها أي شخص إلا بمعرفة الرئيس. وأضاف أنه لا يجوز لإدارة أن تطلع على أرشيف أي إدارة أخرى، إلا بإذن من رئيس الإدارة المعنية، مؤكدا أن أغلب الموضوعات بالرئاسة تتسم بدرجات السرية، وانه لا يوجز لأي موظف بالرئاسة الاطلاع على تلك المستندات إلا لمن له الحق في الاطلاع عليها. وذكر الشاهد أنه خلال فترة تولي محمد مرسي الرئاسة، كانت الملفات تحفظ بداخل مكتب الرئيس الأسبق وبعض الإدارات الموجودة بقصر رئاسة الاتحادية، وأنه قبيل ثورة 30 يونيو 2013 تم نقل تلك المستندات إلى أرشيفها الأصلي بقصر عابدين في ضوء التحذيرات الأمنية التي وردت بعد أن رأت الجهات الأمنية ضرورة إخلاء قصر الاتحادية خوفا من اقتحام السور الخارجي له. وأضاف / هناك شخص مسئول بقصر الاتحادية يقوم بحصر الأوراق والمستندات قبل نقلها، ثم يقوم بوضعها في حقيبة بأرقام سرية، ويتولى نقلها إلى قصر عابدين تحت حراسة أمنية مشددة وانه لا يستطيع الاحتفاظ بأي مستند أو ورقة من تلك الأوراق، وأنه من المستحيل تماما وقوع أي اختلاس لمستندات أثناء نقلها، لأنها تكون ثابتة في دفاتر تتم مراجعتها وتعتبر عهدة الشخص المكلف بنقلها، فضلا عن أن عملية النقل تجري تحت إشراف أمني مكثف، وتفتيش أثناء الدخول والخروج/. وقال الشاهد إن كبار العاملين بالرئاسة من كبار رؤساء الأجهزة، لا يخضعون لإجراءات التفتيش.. مشيرا إلى أن المستندات السرية والعامة والمتعلقة بالأمن القومي ترد إلى مكتب رئيس الجمهورية فقط، وأنه (مكتب الرئيس) هو المسئول عن نقل المستندات و الأوراق المحفوظة لديه وبالأرشيف التابع له.. لافتا إلى أنه لا يعلم ما إذا كان مسئولو مكتب رئيس الجمهورية الأسبق قاموا بنقل بعض المستندات من عدمه. وأوضح الشاهد أنه في حالة طلب رئيس الجمهورية الاطلاع على أحد المستندات المحفوظة بالأرشيف، فانه يدون على ذات الوثيقة انها عرضت على رئيس الجمهورية ويدون عليها ما تم بإعادة العرض وتاريخه.. مشيرا إلى أن أحمد عبد العاطي تولى منصب مدير مكتب رئيس الجمهورية خلال الفترة من أغسطس 2012 حتى 30 يونيو 2013 وأن أمين الصيرفي قد تم تعيينه بسكرتارية رئيس الجمهورية خلال عام 2012 أيضا. وأكد الشاهد أنه يجوز وفقا للاختصاص العملي لأحمد عبد العاطي في ذلك الوقت، الاطلاع على المستندات الواردة لمكتب رئيس الجمهورية.. مشيرا إلى أنه لا علم له بدور أمين الصيرفي واختصاصات وظيفته، مشددا في ذات الوقت على أن وظيفة الصيرفي، لا تكسبه أي أحقية في الاطلاع على أي مستند أو تقرير مرسل إلى رئيس الجمهورية، خاصة انه ليس لديه اختصاص وظيفي، وانه في حالة اطلاعه على أي من تلك المستندات، خاصة السرية، يكون مدير مكتب الرئيس الأسبق (أحمد عبد العاطي) مسئولا عن تلك الواقعة. وحول ما ضبط بمنزل المتهم محمد حامد كيلاني من مستندات وتقارير أمنية تدور حول اجراءات مجابهة الاحداث المنتظرة في جمعة 28 يونيو 2013 و التي تحمل درجة "سري للغاية" - قال الشاهد إن ذلك التقرير أعد بناء على اجتماع أجهزة الأمن، وتم التوقيع عليه من رئيس الديوان الرئاسي، مشيرا إلى أن ذلك التقرير كان يجب حفظه إما لدى مدير مكتب الرئيس أو لدى رئيس الديوان. وأضاف أن ضبط ذلك التقرير ضمن أحراز القضية بمنزل المتهم محمد كيلاني الذي لا يعمل بمقر رئاسة الجمهورية ويعمل مضيفا بشركة مصر للطيران، يعني أن رئيس الديوان ترك المذكرة إما بحوزة رئيس الجمهورية في ذلك الوقت أو لدى مدير مكتبه أحمد عبد العاطي. وأشار إلى أن ضبط مجموعة من المستندات الخاصة بجهاز المخابرات العامة، بحوزة المتهمين في القضية، أمر يصعب تفسيره والتعليق عليه، مؤكدا أن تلك المستندات كانت ترد إلى أحمد عبد العاطي بصفته الوظيفية، وأنه كان يتعين عقب انتهاء عرضها على رئيس الجمهورية أن تحفظ أو يتم التعامل معها وفقا للتوجيه الرئاسي. وكان المستشار الشهيد هشام بركات النائب العام قد وافق على إحالة المتهمين إلى المحاكمة، في شهر سبتمبر 2014، وذلك في ختام التحقيقات التي باشرتها نيابة أمن الدولة العليا بالقضية.. حيث جاء بأمر الإحالة "قرار الاتهام" أن محمد مرسي وعددا من المتهمين قاموا باختلاس التقارير الصادرة عن جهازي المخابرات العامة والحربية، والقوات المسلحة، وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية، وهيئة الرقابة الإدارية - والتي من بينها مستندات غاية في السرية تضمنت بيانات حول القوات المسلحة وأماكن تمركزها والسياسات العامة للدولة - بغية تسليمها إلى جهاز المخابرات القطري وقناة الجزيرة الفضائية القطرية، بقصد الإضرار بمركز مصر الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية. والمتهمون في القضية هم كل من: محمد محمد مرسي عيسى العياط (محبوس - رئيس الجمهورية الأسبق) - أحمد محمد محمد عبد العاطي (محبوس - مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق – صيدلي) - أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (محبوس - سكرتير سابق برئاسة الجمهورية) - أحمد علي عبده عفيفي (محبوس - منتج أفلام وثائقية) - خالد حمدي عبد الوهاب أحمد رضوان (محبوس - مدير إنتاج بقناة مصر 25 ) - محمد عادل حامد كيلاني (محبوس - مضيف جوي بشركة مصر للطيران للخطوط الجوية) - أحمد إسماعيل ثابت إسماعيل (محبوس - معيد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا) - كريمة أمين عبد الحميد أمين الصيرفي (طالبة) - أسماء محمد الخطيب (هاربة - مراسلة بشبكة رصد الإعلامية) - علاء عمر محمد سبلان (هارب – أردني الجنسية - معد برامج بقناة الجزيرة القطرية) - إبراهيم محمد هلال (هارب - رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة القطرية). وأشارت التحقيقات التي أشرف عليها المستشار تامر فرجاني المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا، إلى أن مرسي استغل منصبه كرئيس للدولة، وقام بتعيين بعض كوادر جماعة الإخوان في وظائف بالغة الحساسية بمؤسسة الرئاسة، منهم أحمد عبد العاطي مدير مكتبه، وأمين الصيرفي سكرتيره الخاص.. وبعد زيادة حدة الانتقادات ضد مرسي وتصاعد الغضب الشعبي ضد جماعة الإخوان، أصدر التنظيم الدولي للجماعة تعليماته للرئيس (الأسبق) بتسريب ما يطلع عليه بحكم منصبه من وثائق هامة، إلى جهاز المخابرات القطري، ومسئولي قناة الجزيرة، ومن بينها تقارير شديدة الخطورة عن القوات المسلحة المصرية وأماكن تمركزها وطبيعة تسليحها، والسياسات الداخلية والخارجية للبلاد، ووثائق واردة إليه من الجهات السيادية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني وهيئة الرقابة الإدارية) وأسرار الدفاع، احتفظ بها كل من المتهمين محمد مرسي وأحمد عبد العاطي بخزينة مكتبه بالرئاسة، بصفتهما الوظيفية، ثم سلماها إلى المتهم أمين الصيرفي. وأظهرت التحقيقات أن الصيرفي استغل عدم إمكان تفتيشه من أمن الرئاسة بحكم وظيفته، وقام بنقل تلك الوثائق والمستندات من مؤسسة الرئاسة وسلمها إلى نجلته كريمة الصيرفي التي احتفظت بها بمسكنها الخاص، ثم سلمتها بناء على طلبه إلى المتهمين أحمد علي وعلاء سبلان، عن طريق المتهمة أسماء الخطيب، وقاموا بنسخها وتخزينها على وسائط ألكترونية بمساعدة المتهمين خالد حمدي وأحمد إسماعيل، ثم سافر المتهم سبلان إلى قطر، والتقى بالمتهم إبراهيم هلال رئيس قطاع الأخبار بقناة الجزيرة، والشيخ حمد بن جاسم (رئيس الوزراء وزير خارجية قطر السابق - رئيس مجلس إدارة شبكة قنوات الجزيرة) في حضور ضابط بجهاز المخابرات القطرية بفندق شيراتون الدوحة، وتم الاتفاق على تسليمهم الوثائق نظير مبلغ مليون دولار، تسلم (سبلان) جزءا منه عبر إحدى شركات تحويل الأموال بعد أن تم تسليم الوثائق بالفعل عن طريق المتهم محمد عادل كيلاني بمطار الدوحة. وتبين من التحقيقات أن 7 من المتهمين (من العاملين بقناتي الجزيرة و مصر 25 وشبكة رصد) قد ارتكبوا جريمة التخابر بصورة مباشرة وصريحة، باتفاقهم مع ضابط جهاز المخابرات القطري على العمل لصالح دولة قطر، وإمداد المخابرات القطرية بالوثائق السرية الصادرة عن الجهات السيادية المسلمة إلى مؤسسة الرئاسة، والتي تم اختلاسها بمعرفة الرئيس الأسبق ومدير مكتبه، وتم تهريبها بمعرفة سكرتيره الخاص ومتهمين آخرين. وأكدت التحقيقات واعترافات عدد من المتهمين المحبوسين احتياطيا، أن المتهمين أمين الصيرفي ونجلته كريمة الصيرفي، هما من بادرا بالتواصل مع بقية المتهمين لتسريب تلك المستندات والوثائق إلى قطر بغية إذاعة محتوياتها على قناة الجزيرة، وأن عددا كبيرا من تلك الوثائق لم تكن تسلم سوى لمحمد مرسي شخصيا بصفته رئيسا للجمهورية آنذاك، والذي كان يتولى حفظها بنفسه داخل خزينة شخصية بمكتبه أو التخلص منها بطرق محددة بمعرفته. وأسندت النيابة إلى محمد مرسي وبقية المتهمين ارتكاب جرائم الحصول على سر من أسرار الدفاع، واختلاس الوثائق والمستندات الصادرة من الجهات السيادية للبلاد والمتعلقة بأمن الدولة وإخفائها وإفشائها إلى دولة أجنبية والتخابر معها، بقصد الإضرار بمركز البلاد الحربي والسياسي والدبلوماسي والاقتصادي وبمصالحها القومية. كما نسبت النيابة إلى المتهمين طلب أموال ممن يعلمون لمصلحة دولة أجنبية، بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة البلاد، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب الجرائم السابقة، وتولي قيادة والانضمام لجماعة إرهابية تأسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها والاعتداء على حريات المواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، بهدف تغيير نظام الحكم بالقوة والإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.