أنا كنت زمان .. « ولد برئ « ! وأكذب عليك لوقلت لك انني مازلت ! أنا يا صاحبي لم أعد " ولداُ" .. ولم أعد " بريئاً " ! كبرت علي أن أكون ولداً .. انظر إلي شعر رأسي الأبيض . لاحظ التجاعيد التي ملأت وجهي .. والهالات السوداء حول عيوني ! زمان أيام كنت ولداً وشاباً . كنت أصعد سلالم البيت قفزاً .. كل ثلاث درجات في قفزة واحدة .. اليوم أصعد السلم " سلمة سلمة " . وأقف محاولاً استرداد أنفاسي المتقطعة ! زمان كنت أضع رأسي علي الوسادة بعد العشاء . فاستغرق في دقائق في نوم عميق . أكل فيه الأرز مع الملائكة . وأقضي نومي في أحلام ملونة . كلها عصافير وفراشات وملائكة جميلة لها أجنحة بيضاء . اليوم لا تعرف عيناي طعم النوم . إلا إذا تناولت المهدئات والأقراص المنومة . وإلا فالأرق المسبب وغير المسبب . والتقلب طوال اليوم سهراً علي السرير . وكأني أرقد علي فراش من الأشواك ! زمان يا صاحبي كنت بريئاً .. أتخيل أن كل القلوب طيبة . وأن الأرض جنة . والشر زائر غير مرغوب فيه . كنت أظن أن كل الناس أبرياء . والمجرمون مجرد شياطين تتنكر في أجساد بشرية . زمان يا صاحبي كنت أؤمن بالحرية والجمال والحقيقة . اليوم " شيختني " السنوات . وأصبحت عبداً مع كل العبيد من حولي . عبداً للمال والقوة وكل العادات السيئة . أنا اليوم يا صاحبي بلا أي فخر عجوز لا يخطف أبصاره الضعيفة سوي الجمال المصنوع وألوان الماكياج الصارخة . والوجوه القبيحة التي تختفي خلف الصابع الملونة ! الجمال عندي لم يعد كما عشقته صغيراً . السماء والقمر وصفحة النهر . الجمال أصبح عندي أي جمال مادام سهلاً لا يكلفني الكثير ! أما الحقيقة التي كانت عشقي وأنا صغير . فأنا الآن بعد أن كبرت ولم أعد ولداً . لا أعرف معني هذه الكلمة . الآن أنا أضرب تعظيم سلام للكذب . واحترم الباطل مادام مؤيداً بالقوة ! الولد البريء اياه الذي كنت تعرفه يا صاحبي .. مات !