1 أرتدي ملابس أنيقة، وأجلس مسترخيا علي كرسي مريح، أشاهد فقرات العرض الراقص، في مسرح المولان روج في باريس. يقدمون إليّ عشاء دسما، مع عدد من زجاجات المشروبات الكحولية، التي أجد من بينها زجاجة شمبانيا. أقفز من مكاني فجأة، قائلا في نفسي (يجب أن أسرع لألحق ببداية عرض الفيلم في نادي السينما). أجري في الممرات، وأصعد سلالم وأهبط أخري، وأقابل رجالاً ونساءً وأطفالاً من جنسيات مختلفة، وأسمعهم يتحدثون بلغات عديدة غامضة، وأضل الطريق. أنجح في الخروج من متاهة هذا المبني الغامض، وأحاول أن أعود الي عشاء الشمبانيا، فلا أستطيع. أعبر الطريق، فتقع حادثة بشعة، إذ تفعص سيارة نقل ضخمة رجلاً كان يعبر الطريق أمامي. تأتي الشرطة لاستجواب الشهود، فيظهر بيننا رجل يرتدي ملابس عثمانية، بغطاء رأس علي شكل عمامة ضخمة مرتفعة، وبسيف معلق علي حزام وسطه، يتحدث العربية بلكنة غريبة، فاضطر الي التدخل لترجمة ما يقوله. عندما أزهق من كل شيء وأقرر العودة الي المنزل، أجد أن السيّاف يلحق بي، إذ إنه يقيم معي في نفس المنزل. أقيم في شقة صغيرة في إحدي المناطق الشعبية، غالبا هي بولاق الدكرور، وهي نفس الشقة التي تعود دائما في كل أحلامي، إذ أجد أنني أصل اليها بعد المرور في فناء داخلي، ثم أصعد سلّم نصف مهدّم إلي الطابق الأول. أخرج إلي الشرفة، فأجد أبناء العثمانلي يعرضون أعضاءهم التناسلية الذكورية علي المارة، وقد علقوا لوحة تقول ( إن المشاهدة مجانية، أما اللمس فثمنه عشرة يورو)، وقد بدأ بعض المارة في إخراج الثمن، وبعد قليل تخرج بناته أيضا إلي الشرفة، ويعرضن هن أيضا أعضاءهن الذكورية علي المارة، ويقبضن الثمن. أجري إليه لأذكر له ما يفعله أبناؤه وبناته، فأجده مشغولا بإطعام فتاة صغيرة مشلولة، ويطلب مني عدم إبلاغ البوليس إكراما لخاطرها.. أستيقظ من نومي. 2 أجلس في مقهي المرايا في خان الخليلي، الشهير باسم مقهي الفيشاوي، يحيط بي أفراد مجموعتي السياحية، وعددهم حوالي ثلاثين شخصا، يطلب بعضهم شيشة ويسألونني المشورة وهم لا يعلمون أنني لم أدخن الشيشة في حياتي، فأستعين بالنادل لأجيب علي أسئلتهم، التي تصل في بعض الأحيان الي تفاصيل دقيقة جدا، حتي النادل لا يعرف الاجابة عليها. فجأة تدخل إلي المقهي ثلاث فتيات، يبدو ماكياجهن make up مبالغا فيه الي حد بعيد، وباروكات الشعر شقراء زيادة عن اللزوم، وأجسامهن ضخمة الي حد ما. بجلوسهن أمامنا ندرك جميعا أنهن ثلاثة ذكور يتنكرن في ملابس الإناث. وجوههن تميل الي ملامح الذكور بأنوف غليظة وشفاه غليظة، لا ينجح الماكياج في إخفائها، أو في التخفيف من وقعها. تبدو علامات التعجب علي أوجه السياح الفرنسيين من وجود مثل هذه الشخصيات الترافستي travesti العجيبة في مصر. يقترب الرجال الثلاثة مني ويحطن بي، ويقدمن أنفسهن إليّ في لغة فرنسية سليمة مئة بالمئة، ويذكرن أسماءهن (ديبورا/ إيزيدورا/ ايريكا). فجأة أنظر الي نفسي فأجدني عاريا تماما!! جالسا في مطعم بيتزا فيورا pizza fiora الذي تملكه ميمي/ ميشيل وزوجها برنار في حيّ العراة، في مدينة العراة، في آجد بجنوب فرنسا. ننتهي من تناول العشاء، كنت آكل دبابيس الفراخ (أوراك) مع البطاطس المهروسة، أما هنّ (هم) فكنّ (كانوا) يأكلن (يأكلون) البيتزا. تعمدن أن ينهوا وجبتهم معي، وأن يدفعوا فاتورتهم معي، وأن نغادر المطعم سويا. أمشي عاريا الي جوارهن، ولا أحد يلتفت الينا علي الاطلاق، ونسير حتي الطريق حيث أجدهم يدخلون الي السيارة التي تملكها ديبورا، فأدخل معهن اليها، وأنا لا أدري الي أين؟ نغادر الحيّ الي المدينة المجاورة، وتكون كل الشوارع شبه خالية في هذه الساعة من الليل، في هذا الوقت من العام. أخرج من السيارة الي حديقة منزل من طابق واحد، صغيرة ليس بها إلا شجرة واحدة، ومساحة خضراء من الحشيش لا تتعدي بضعة أمتار مربعة. ندخل إلي صالة المنزل من الشرفة المطلة علي الحديقة. بمجرد دخولنا تمسك اثنتان بي من ذراعيّ الاثنين، كأنهما تقيدان حركتي، وتنحني الثالثة لتركع أمامي، لتأخذ عضوي الذكري في فمها.. لماذا اعتقدن أنني سأقاوم، أو حتي أنني سأعارض..أستيقظ من نومي. 3 أقف عند مدخل السفارة الروسية التي تقع خلف شيراتون القاهرة، وتقف معي أمي وخالتي، ويقف معنا الشاعر الروسي الشاب ايفتوشينكو، الذي كان قد جاء الي القاهرة في الستينات، ورغم أننا في نهاية التسعينات الا أنه ما زال يبدو كما لو كان شابا صغيرا، كأن الثلاين عاما الماضية لم تؤثر إطلاقا في حالته الجسمانية. كنت أريد أن أسأله عن السر في شبابه الدائم. فجأة ظهر كذلك الشاعر ماياكوفسكي، الذي بدا هو الآخر شابا رغم أنه أحد شعراء الثورة الروسية سنة 1917. جاءت المترجمة الروسية التي ستقوم بعمل ترجمة فورية لأشعار الشاعرين، تدعونا إلي الدخول إلي القاعة التي ينتظرنا فيها الجمهور، كانت شقراء رائعة الجمال وعارية تماما. الغريب أن عريها لم يلفت انتباه أيٍ منا. دخلنا إلي القاعة لنكتشف وجود عدد من الشعراء والأدباء المصريين، الذين سيقومون بإجراء حوار مع الشاعرين، اللذين يمثلان جيلين مختلفين من الشعراء الروس. ثم هناك كذلك جمهور مصري عريض يشغل مسرحاً به مئات المقاعد، وكأننا فجأة أصبحنا في المركز الثقافي الروسي، بدلا من السفارة الروسية. فوجئت بأن بداية السهرة هي بعرض فيلم (المخدوعون) من إخراج توفيق صالح. عندما أضيئت الأنوار فوجئت بأن عددا كبيرا من الحضور قد خلعوا كل ملابسهم، وأن هذا هو شرط الاشتراك في مناقشة الفيلم. فوجئت كذلك باختفاء المترجمة العارية، وبأنهم يطلبون مني أن أحل محلها وأقوم بالترجمة، بين العربية والروسية، قلت في نفسي (ولكني لا أعرف الروسية)، فقال إيفتوشينكو وكأنه يقرأ خواطري ( لا تخف إنها لغة سهلة جدا، حاول فقط وستنجح)، وفعلا وجدت نفسي أتحدثها بطلاقة تامة، إلا أنني نسيت الاستجابة لشرط المشاركة في المناقشة، وهكذا جاء من ذكرني به. الا أن المشكلة هي في وجود انتصاب قوي، وهذا يتعارض مع الشرط، إذ إن هذا الانتصاب يؤدّي حتما الي ضعف التركيز في أداء المهمة الموكلة إليّ. في نهاية الحفل تم عرض فيلم (المومياء) لشادي عبد السلام... أستيقظ من نومي. 4 أعمل مهندسا للبترول في الصحراء المصرية، وأقيم في كارافان، أي حجرة نوم متنقلة علي عجلات سيارة، إلي جوار موقع الحفر. جاءني رئيس العمال ذات يوم متحرجاً، ومعه أحد العمال، وحذرني من أن العمال قد رأوني وأنا أسير عارياً في الصحراء خلال ليلة الأمس المقمرة. اعتذرت بأني أعاني من مرض السير أثناء النوم، somnambulance، وأنه لا ذنب عليّ ولا حرج، فأنا بسبب حرارة الجو أنام بدون ملابس. قال إن العمال قد يسخرون مني علنا إن أنا بقيت في الموقع، وينصحني بالذهاب الي موقع آخر، أي أن أطلب من أحد زملائي في موقع آخر لنفس الشركة أن نستبدل مواقعنا. كانت قطة ريتا الصغيرة، تنام ملتصقة بعنقي، أثناء حواري مع رئيس العمال، مما ضايقني فنزعتها بقدر من العنف وألقيت بها أرضا بعيدا عني، فعادت لتنتقم مني بنشب أظافرها في رقبتي. لكم كرهت تلك القطة الملعونة. تسببت بتصرفها ذلك في إيقاظي من النوم، بسبب ألم نبش الأظافر. عندما عدت إلي النوم من جديد، بدا لي كما لو أني في علاقة آثمة مع زوجة أحد جيراني، ثم ظهرت أمامي فجأة الفتيات الأوكرانيات الجميلات اللائي كنّ يأتين الي شقتي مع صديقي صاحب شركة السياحة. ثم شاهدت في التلفزيون الليبي مسؤولا أوكرانيا واقفا أمام القذافي، يتحدث إليه باللغة الأوكرانية، في حين كان المترجم الليبي من الأوكرانية إلي العربية جالسا مسترخيا تماما في جلسته.... أستيقظ من نومي. 5 كنت أجلس في شقة الزمالك مع زوجتي الفرنسية ريتا، وإذا بباب الشقة ينكسر، تحت ضغط ضربات هوجاء لمجموعة من الهمج والغوغاء، كانت تتكون في الأغلب من مجموعة من النسوة الشعبيات، حاملات السكاكين، يهدّدننا بها، بالإضافة الي اثنين من البلطجية. بدأوا في سرقة كل شيء، الملابس والتحف، أما الكتب فهم لا يعرفون ماذا يفعلون بها، فهم أولا يلقونها علي الأرض، ثم بعد ذلك يقررون جمعها في كومة كبيرة خارج باب الشقة، وإشعال النار فيها. وقد غاظهم جدا عدم وجود نقود سائلة، أو مصوغات ذهبية. عندما غادروا المكان، قررت نقل ما تبقي من عفش شقتي إلي شقة دور أرضي، في عمارة رقم 8 في شارع جانبي صغير، من أحد الأحياء الشعبية، وذلك للابتعاد عن حيّ الزمالك الذي يثير الأحقاد الطبيقة. انشغلت ساعات طويلة في محاولات يائسة لإدخال مائدة الطعام الضخمة المصنوعة من كتلة واحدة مصمتة من الخشب القديم، من باب الشقة الضيق أو من أحدي النوافذ، لكن دون جدوي. أفاجأ بوجود رجلين يرتديان الملابس الريفية، ويجلسان في استرخاء يشربان الشيشة علي الرصيف إلي جوار شقة الدور الأرضي، أسمعهما يسخران مني قائلين، إن الساكن السابق كان أكثر ذكاء إذ تمكن من إدخال مائدة طعامه من باب الشقة. كنت أريد أن أقول لهما إن مائدتي لا شك أكبر حجما. فجأة تمتليء الحجرة بعدد من النسوة يحملن في أيديهن أوراقاُ، يردن تصويرها بماكينة الفوتوكوبي، فأقول لهن إن المكان لم يعد مكتبة، فتظهر مجموعة أخري من النسوة الممسكات في أيديهن بروشتات أدوية، يطلبن الصيدلي لصرفها، فأقول لهن إن المكان لم يعد صيدلية، فينسحبن جميعا قائلات (يا خسارة زمان كان أحسن). أحوّل نظري عنهن إلي منظر ترعة تمر إلي جوار المنزل، وكعادة المصريين وبسبب حرارة الجو يستحم الأطفال والصبية عراة في الترعة، ضاربين عرض الحائط بتلوث مياهها، التي يلقي فيها السكان قمامة حيّهم الشعبي. عندما دققت النظر اكتشفت أن كل الأولاد شقر الوجوه وبعيون زرقاء، وجلد بشرة ناصع البياض، وإذا برجل أشقر يمر إلي جواري قائلاً (إوعي تكون فاكر نفسك في مصر، إنت يا أخي في إنجلترا ولكن في أوائل القرن التاسع عشر)..أستيقظ من نومي.