كان صوت الكادحين من الشعب المصري.. الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي، الذي رحل اليوم عن عالما.. تاركاً خلفه ميراثا ثقافياً وفنياً سيظل معبرا بصدق عن الإنسان المصري؛ فكلماته وأشعاره شكلت وجدان أجيال وأجيال من أبناء الوطن العربي، مازلنا نتغنى بها على الرغم من إبداعها منذ عشرات السنين. من ينسى الأغاني الوطنية التي غناها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ من كلمات الأبنودي.. من ينسى تترات وأغاني مسلسلات الشاشة الصغيرة التي علقت بوجدان الشعب العربي، وكان لها دورا إيجابيا ملموسا في إنجاح تلك الأعمال التي تركت علامة بارزة في تاريخ الدراما المصرية.. خسارة كبيرة ألمت بالوسط الفني والثقافي بفراق "الخال"... الأغاني الوطنية من الأغاني الوطنية الجميلة التي ألفها "الخال" وغناها "العندليب": "أحلف بسماها وبتربها"، "عدى النهار"، "إبنك يقول لك يا بطل"، تلك الأغاني التي كان لها دورا بارزا في حث الشعب المصري على مقاومة العدو الإسرائيلي، والتي كانت بمثابة دافعة قوية لهم للتصدي بالعدو، ورفع الروح المعنوية للجيش المصري. غنى أيضا عبد الحليم حافظ أغنيات "أنا كل ما أقول التوبة"، "أحضان الحبايب"، و"الهوى هوايا" من الأغاني الرومانسية التي كتبها له الأبنودي. كما غنت له الفنانة الكبيرة فايزة أحمد " يمّا يا هوايا يمّا"، و"مال علي مال". وشدت نجاة بكلماته أغنة "عيون القلب"، و"قصص الحب الجميلة. ومن أروع ما غنى الفنان محمد رشدي وحققت له شهرة واسعة ما ألفه له الأبنودي، أغني "عدوية"، " تحت الشجر يا وهيبة"، "وسع للنور"، و"عرباوي". أما الفنانة الكبيرة شادية فغنت من كلماته: "آه يا أسمراني اللون"، "قالي الوداع"، وأيضا ما غنته في فيلم "شيء من الخوف". ومن فناني الزمن الجميل غنت له أيضا الفنانة اللبنانية صباح أغنيتها الشهيرة "ساعات ساعات" التي غنتها في أفلامها الأخيرة. كما غنت له وردة الجزائرية أغنية "طبعًا أحباب"، و"قبل النهاردة". أيضا غنت ماجدة الرومي "جاي من بيروت"، و"بهواكي يا مصر" من كلمات "الخال"، وغنى محمد قنديل له "شباكين على النيل عنيكي". وكان للكينج محمد منير نصيب لا بأس به من كلمات "الخال"؛ فهو غنى من كلماته "شوكولاتة"، "كل الحاجات بتفكرني"، "من حبك مش بريء"، "برة الشبابيك"، "الليلة ديا"، "يونس"، "عزيزة"، "قلبى مايشبهنيش"، "يا حمام"، "يا رمان"، وهم من أجمل الأغاني التي غناها منير. أغاني الأفلام والمسلسلات ومن الأفلام التي كتب أغانيها فيلم "البريء" للفنان أحمد زكي، و"ليلة بكى فيها القمر"، كما كتب أغنية "بنلف في دواير" في فيلم "أوقات فراغ". أما عن المسلسلات التي كتب الأبنودي أغانيها فمن بينها مسلسل: "ذئاب الجبل" الذي غناه المطرب علي الحجار بصوته القوي، والذي تعاون معه الأبنودي في عدد من الأعمال الأخرى؛ حيث كان الأبنودي يفضل صوته في المسلسلات الصعيدية ويعتبره يتخطى دور المغني ليحاكي دور راوي العمل، وتقول كلمات تتر المسلسل: "قالوا علينا ديابة، واحنا يا ناس غلابة". وغنى أيضا الحجار من كلمات الأبنودي تتر مسلسل "الرحايا"، "شيخ العرب همام"، "وادي الملوك". كما غنى الحجار أيضا من كلماته تتر مسلسل "أبو العلا البشري"، و"مسألة مبدأ". وكانت آخر التترات التي جمعت بينهما تتر مسللسل "الوسواس"، الذي يعرض حاليا على إحدى القنوات الفضائية، ويقول الأبنودي في تتر البداية "مين اللي قال أن الطريق مسدود.. مين اللي قال أن الشمس مش هتعود.. عجباني ياللي معانده أيامك... كلك جراح وتلاعبي آلامك.. سيبك من الوسواس ورغي الناس.. أنسي الكلام وصدقي الإحساس". وكان من المفترض أن يقوم الأبنودي بتأليف نحو ستين أغنية ليقدمها الفنان علي الحجار بصوته في مسلسل "عودة مندور"، حسبما أعلن مخرج العمل حسني صالح منذ عدة أشهر؛ حيث أن أحداث المسلسل ستكون قائمة على الأغاني ولكن بشكل مختلف عن مسلسل "الرحايا". والمسلسل بطولة جمال سليمان، سولافا معمار، أحمد سلامة، رياض الخولي، سارة سلامة، عبدالعزيز مخيون، وريهام عبدالغفور وتأليف ناصر عبدالرحمن. وقدم الأبنودي أغاني مسلسلات: "الرحيل"، "الكهف والوهم والحب"، "خالتي صفية والدير"، "على الزيبق"، "الفلاح"، "الدم والنار". استخدم المخرج حسين كمال أشعار وصوت الأبنودي في فيلم "البوسطجي" عام 1968، والذي كتبه للسينما صبري موسى عن قصة للأديب يحيى حقي، لكنه لم يكتب اسم الأبنودي على تيتر الفيلم. وكتب الأبنودي حوار فيلم "شئ من الخوف" عام 1969 مع المؤلف صبري عزت، الذي كتب المعالجة السينمائية والسيناريو لقصة الأديب الكبير ثروت أباظة، وكان الفيلم من إخراج حسين كمال. وبعدها ب17 عاما، قام الأبنودي بكتابة سيناريو وحوار في لم "الطوق والأسورة"، عن قصة صديقه الأديب الراحل يحيى الطاهر عبدالله، وذلك في عام 1986، والفيلم من إخراج خيري بشارة. كما قدم الأبنودي للدراما التلفزيونية مسلسلا واحد كتب له الحوار وهو مسلسل "وادي الملوك" عام 2011، المأخوذ عن رواية الأديب الكبير محمد المنسي قنديل، وسيناريو محمد الحفناوي، وإخراج حسني صالح. والشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي ولد عام 1939م في قرية "أبنود" بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع "بني على"؛ حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها. تزوج من مخرجة الأفلام الوثائقية الكبيرة عطيات الأبنودي، ثم انفصل عنها دون أن ينجبا أطفال، ثم تزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور. والأبنودي حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، ليكون بذلك أول شاعر عامية مصري يفوز بجائزة الدولة التقديرية. كما فاز بجائزة "محمود درويش" للإبداع العربي عام 2014.