أمتع الجمهور المصري بخفة دمه وبالنكتة لأكثر من ثلاثين عاماً متصلة. المونولوجست الشهير حمادة سلطان، الذي ظهر في بداية هذا الشهر للمرة الأخيرة في برنامج "صاحبة السعادة" مع النجمة إسعاد يونس، يشتكي من نقاباته التي أهملته ولم تساعده في محنته المرضية. اسمه الحقيقي محمد محمد عبد الغالي، ولد في أول أغسطس عام 1941 في حي "شبرا" بعد أن انتقل والده من بلدة "المحاميد" بمركز "إدفو" في محافظة "أسوان"، للعيش في القاهرة إبان الحرب العالمية الأول. كان شقيق من لاعبي كرة القدم المشاهير ذات الوقت، وكان مديرًا فنيًا لفريق "سيراليون"، وهو "مصطفى عبد الغالي". تحمل حمادة مسئولية أشقائه الصغار بعد وفاة كلا من أبيه وأمه وهو شاب صغير، كما قام بتربية أبناء شقيقه "شعبان" الذي رحل وعمره 29 عامًا فقط، وترك ولدين صغيرين. أصغر هاو كان حمادة أصغر هاو في مصر؛ حيث شارك في مسابقة للهواة عام 1955 ولم يتعدى عمره وقتها 14 عاما، وكان يتبناه "علي فايز زغلول" أحد مؤسسي الإذاعة المصرية، والذي رشحه للظهور في المسابقة بحفلات "أضواء المدينة" الشهيرة في هذا الوقت؛ حيث اعتمد بعدها كمطرب في "الإذاعة والتليفزيون"، وقدم أغنية "دراويش القاهرة" عام 1957. ثم غير حمادة اتجاهه للكوميديا ورواية النكت السريعة، وبدأ العمل على الجبهة عام 1967 بعد حرب الاستنزاف. اسم الشهرة حصل محمد عبد الغالي على اسم شهرته "حمادة سلطان" من البرنامج الإذاعي القديم "ساعة لقلبك"؛ حينما لعب الدور الإذاعي لابن شخصية "سلطان الجزّار". ولمع نجمه في فترة السبعينيات من القرن الماضي، واستطاع أن يكون قاعدة جماهيرية كبيرة خلال الفترة من عام 1967 إلى عام 1973، وكان خلال هذه الفترة دائم الظهور في حفلات "أضواء المدينة". صاروخ النكتة أما لقب "صاروخ النكتة"، فقد أطلق على حمادة سلطان بسبب سرعته في إلقاء النكات. وكانت نكتته في أغلب الأحيان إسقاطًا على واقع الفرد المصري والعربي. الزواج تزوج حمادة سلطان في حياته خمس مرات، وكانت الزيجة الأولى في عام 1961، ولم ينجب إلا ابنته الوحيدة "لميس" التي درست في معهد الموسيقى العربية "كونسرفتوار"، وكانت من زوجته الخامسة السيدة التونسية "فاطمة محمد المناعي"، التي تعرف عليها أثناء تردده على تونس لتقديم الحفلات هناك. التمثيل وقام سلطان بالتمثيل في ثمانية أعمال، منها أفلام ومسرحيات وسهرات تليفزيونية ومسلسلات، وهم: مسلسل "نادي الخالدين"، و"رجل على الحافة" (2002)، فيلم "الجنة تحت قدميها"، "خلف أسوار الجامعة" (1980)، "درب اللبانة" (1984)، "دقات علي بابا" (1989)، مسرحية "دلوعة يا بيه" (1986)، والسهرة التليفزيونية "البلياتشو" (1998). مرضه أجرى سلطان عملية قلب مفتوح عام 2000، وظهرت عليه بعض المشاكل الصحية بعدها، وكان مريضا بالضغط والسكر، مما سببا له مشاكل بشبكية عينه. آخر لقاء تليفزيوني هاجم سلطان في آخر حوار له نقابته لأنها لم تهتم به في مرضه، وقال: "حسبي الله ونعم الوكيل" النقابة دلوقتي بتقول إنها بتخدم العضو، دول كدابين، محدش سأل عني.. تكاليف الدواء ألف جنيه وأنا ماعنديش فلوس.. استنى دولة عربية تعالجني". وأضاف سلطان: "دولتي محدش بيسأل عني، ولو فيه دولة عربية عرفت بمرضي هتعالجني.. لكن بتوع النقابة محدش صرفلي تعريفة، بيتكلموا وبيزعلوا إننا بنهاجمهم، ربنا يقدرهم على فعل الخير". ومن ناحية فنه قال سلطان: "أنا فزت بجائزتين أوسكار عالمي من كندا في عامي 1997 و1998". رفع أجور الشرطة كما قال سلطان في حوار له مع الزميل إبراهيم عبدالرازق في موقع "جولولي" في يونيو عام 2013: "أنا حضرت عصر الملك فاروق وكذلك عصر الجمهورية بجميع رؤسائه، ومن خلال قراءتي للشعب المصري وجدت أن هناك الكثير من الأسباب للاكتئاب، فحاولت أن أغير من أسلوب الضحك حتى أجد وسيله سريعة لإضفاء البسمة على وجوه الناس، ومن هنا ظهرت فكرتي في النكتة السريعة، وأنا أول من اخترعها ولاقت نجاحا عظيما، كما أنني أول من أصدر شريط كاسيت في العالم لفن النكتة". وتابع سلطان: "استطعت أن أكون قاعدة جماهيرية في مصر والعالم، كما أنني استطعت بالنكتة أن أغير أشياء كثيرة في المجتمع، وأذكر أنني أول من غير نسر الدولة الروسي إلى صقر قريش المعمول به الآن، وكان سبب ذلك نكته مني، وكذلك استطعت أن أرفع أجور الشرطة في عهد السادات بنكته". وأكد سلطان خلال نفس الحوار أن النكتة من أصول مصرية، منذ عهد الفراعنة، ولم تختف بعد الفتح الإسلامي، ولكنها انتقلت للبلدان عبر العصور. وكان أول أجر حصل عليه سلطان من الإذاعة خمسة جنيهات. وكان صديقا للفنان الكبير "شكوكو"، الذي سمى ولديه على اسمه، إحداهما حمادة، والثاني سلطان؛ حيث كان يمازح سلطان عند دخوله عليه في الكواليس فيقول له "ولادي جم!". والفنان الكبير الراحل حمادة سلطان حصل في الثمانينات على تصريح عمل بالمملكة المتحدة لكنه لم يذهب وفضل العيش في مصر. الجدير بالذكر أن جنازة الفنان حمادة سلطان خرجت من مسجد ا"لرحمن الرحيم" بصلاح سالم عقب صلاة عصر اليوم، حيث تم دفنه في مقابر "الغفير"، وسوف تتلقى أسرته العزاء في مسجد "السلام" بالهرم، بعد غد الخميس. والفنان حمادة سلطان وافته المنية صباح اليوم الثلاثاء بمستشفى "الجلاء" بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يناهز 73 عاماً؛ حيث كان يعاني من مرض السكر والضغط المزمن منذ 15 عاما، بالإضافة إلى نقص في الصفائح الدموية عقب تعرضه لحادث أدى إلى كسر شديد في قدمه اليمنى مطلع مارس الجاري.