إن سلامة القلب وصفائه مكرمة من مكارم الإسلام وخلق من أخلاق نبينا العدنان ، فالقلب مصدر السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة ، فإذا صلح القلب صلح سائر الجسد واستبشر صاحبه بالخير والنور ، راقب الله عز وجل في السر والعلانية . فمن صفا قلبه للمؤمنين طاب حديثه ، وأحبته القلوب ، واشتاقت إليه الأرواح والقلوب، فهو طيّب الحياة ، متواضع، بَرٌ ، عطوف ، إذا تحدث لم يؤذ ، وإذا نزل بقوم نزل السرور بساحتهم . وتكون سلامةُ القلبِ من الأمراض القلبية من غلٍّ وحَسَدٍ وحِقدٍ وبغضاءٍ وَكبرٍ على المسلمين لقد كان الرسولُ (صلى الله عليه وسلم )" أحرصَ الناسِ على سلامةِ قلبِهِ ونقائه ،فعن ابنُ مسعودٍ (رضي اللهُ عنه) قال قال (صلى الله عليه وسلم ) { لَا يُبَلِّغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي عَنْ أَحَدٍ شَيْئًا فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدْرِ } والله عز وجلّ يقول : ( يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ( سورة ) لأنَّ سلامةَ الصدرِ ، سببٌ للنجاةِ من عذاب الله ، وسببٌ في قَبُولِ الأعمالِ . أفٍ لقلوب امتلأت حقدًا وحسدًا على خلق الله ، لأنه يؤلمها أن ترى الناس في مراتب النجاح والاجتهاد ، يحزنها أن يسعدوا ويفرحوا، ويملأ حياتهم السرور، .فهؤلاء إن أُعطوا لم يشكروا , وإن مُنعوا قنطوا . فلنقف مع أنفسنا : فكم ضيعنا من الخيرِ ونحن نحملُ في قلوبنا هذهِ الأحقادَ والضغائنَ ، قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ : أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: {كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ} قَالُوا : صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْب؟ِ قَالَ {هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لَا إِثْمَ فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلَا غِلَّ وَلَا حَسَدَ }. وسلامةُ الصدرِ طريقٌ إلى رضى الله ، وطريق إلى الجنة ، وسلامة الصدر من صفات الأنبياء والمرسلين ؛ قال الله تعالى مُثنيًا على خليله إبراهيم (عليه السلام ) : (إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) . فهيا بنا ننزع من قلوبنا الكراهية والبغضاء ، وكثرة الجفاء ، والقطيعة ، وسوء الظن . وهيا نعمر قلوبنا بالحب والصفاء والمودة ، تعالوا نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا فننعم بالرضا والراحة في الدنيا والأخرة ، ونسأل الله أن يطهر قلوبنا ونفوسنا وألسنتنا . والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل