قدم أدواره ببراعة شديدة، وكان من أبرز ما قدمه دور ضابط المخابرات المصري "عزيز الجبالي" في الجزء الأول والثاني والثالث من مسلسل "رأف الهجان"، الذي اعتبر من أهم الأعمال التاريخية للدراما المصرية. هذا الدور الذي قدمه الفنان القدير محمد وفيق، الذي رحل صباح أمس عن عالمنا، كان له التأثير الأكبر على جمهوره، الذي أحبه بشده في هذا الدور الذي أداه بصدق شديد حاز إعجاب الجمهور، مما جعلهم يشعرون وكأنهم أمام الضابط الحقيقي الذي كان يتعامل بالفعل مع رأفت الهجان، بل وأشعرهم بمدى عظمة المخابرات المصرية في اقتحام العدو الإسرائيلي، وبينت للجمهور الكفاح الذي عاشه هذا الجهاز الأمني المصري لحماية الوطن، وكان اختيار وفيق لدور "الجبالي" اختياراً صائباً أحبه فيه الجمهور، بل والتصق بذاكرتهم طالما ذكر اسم الفنان محمد وفيق. ولم يكن هذا الدور فقط الذي علق بأذهان الجمهور، بل كان لوفيق أدواراً لا تقل أهمية عن هذا الدور، إلا أن أشهرهم لدى الجمهور هو "عزيز الجبالي". أيضا دوره في واحدة من روائع الدراما المصرية "ليالي الحلمية" في أجزائها من الثاني إلى الخامس، والتي ألفها القدير الراحل أسامة أنور عكاشة، ولعب وفيق وقتها دور "مصطفى رفعت"، ودوره في مسلسل "بوابة الحلواني"، و"السيرة الهلالية"، "الحسن ابن الهيثم"، "أبو العلا 90"، "شارع المواردي"، "بلاط الشهداء"، جميعها مسلسلات أمتعت المواطن المصري وساهمت في تشكيل وجدانه، والتي ارتبط اسم محمد وفيق بها وبهذا الجيل من الفنانين الذي قدم فن واع وهادف. وعلى الرغم من أن الفنان محمد وفيق قدم أيضا العديد من الأعمال السينمائية، إلا أن حضوره الأقوى كان للمسلسلات، ومن أبرز أفلامه: "مجرم مع مرتبة الشرف"، "الرقص مع الشيطان"، "امرأة آيلة للسقوط"، "131 أشغال"، "سمارة الأمير"، "سعد اليتيم"، "الهروب"، "قضية سميحة بدران"، "المنحرفون"، "الحب تحت المطر"، و"الرسالة". أما عن المسرحيات، فشارك محمد وفيق في مسرحية "لعبة السلطان" عام 1986، وقام فيها بدور جعفر زوج العباسة أخت الرشيد، ومسرحية "كعبلون" عام 1985، بالإضافة إلى مسرحية "المصيدة" وقام فيها بدور "هاشم شديد". وله العديد من السهرات التليفزيونية منها: "الدفاع يتهم"، "صفقة مضمونة"، "الرنين والصدى"، "ألوان من الحب"، "ليلة طويلة"، "بماذا تشتهي النقود"، "عودة الربيع"، "الحرمان"، "أوتوستوب"، "الرياح قادمة"، و"الغريب والمجهول". ومن المسلسلات الإذاعية التي قدمها مسلسل "ألف يوم ويوم". حياته والفنان محمد وفيق علي ولد في الإسكندرية عام 1947، وكان أبوه أستاذًا بالجامعة، تخرج من مدرسة "المرقسية الثانوية" بالإسكندرية، ثم التحق بمعهد الفنون المسرحية وتخرج منه بتفوق عام 1967، وكان زملاءه في ذلك الوقت كل من نور الشريف، مجدي وهبة، شاكر عبداللطيف، وعبدالعزيز مخيون. وتزوج وفيق من ابنة خالته الفنانة "كوثر العسال" في أواخر الثمانينات، واستمر زواجهما حتى وفاتها في أواخر عام 2013 عن عمر 64 عامًا. شارك في السنة الأولى بدراسته بالمعهد في مسرحية "لا حدود"؛ حيث كان وقتها يعمل في مسرح التليفزيون كنوع من التدريب وزيادة الدخل، وكان من المفترض أن يقوم وفيق بدور جندي من جنود الأممالمتحدة حسبما اختار له المخرج فوزي درويش، إلا أن الفنان حسين الشربيني تغيب ذات يوم فقام وفيق بقراءة دوره أثناء البروفات وتحمس له كثيرا، وهو دور "عبدالبديع العربي" الذي أثبت وجوده خلاله، وأعطاه ثقة كبيرة في نفسه. بعدها شارك في مسرحية "سندباد" للمخرج أحمد زكي وكان لدوره في مسلسل "الكتابة على لحم يحترق" تأثير كبيرة ونقلة في مشواره الفني؛ حيث قدم فيه شخصية "الظاهر بيبرس"، وتوالت بعد ذلك أدواره المهمة منها دوره في مسلسل "المرشدي عنتر"، وشخصية "عمرو بن العاص" في فيلم "الرسالة" الذي أخرجه مصطفى العقاد. والفنان محمد وفيق قدم نحو 144 عملا ما بين مسلسلات وأفلام ومسرحيات، وقام بالغناء في مسلسل "سيت كوم" في عام 2010 وهو "نص أنا نص هو". وشهد مشواره الفني أدوارا متنوعة أداها بأسلوبه البسيط الهادئ الذي لفت أنظار جمهوره، فكان له بصمته الخاصة في جميع أعماله سواء الدراما التليفزيونية، أو السينما، أو مسرحياته القليلة التي قدمها. لم يكن من الفنانين الذين تعرضوا لصراعات العمل والمنافسة وغيرها من الصراعات التي امتلأت بها صفحات الجرائد والمجلات والمواقع الإلكترونية، فهو فنان عاش في هدوء ورحل بهدوء تاركا خلفه أعمالاً غزيرة حفرت علامة مميزة في الفن المصري. يذكر أن محمد وفيق توفي أمس عن عمر يناهز 68 عاماً، وشيعت جنازته في نفس اليوم. وكان الفنان يعاني من مشاكل بالقلب والكلى، وقام بإجراء عملية قلب مفتوح مؤخرا، وظل على إثرها أسبوعين في العناية المركزة. وسوف تستقبل أسرته العزاء يوم الثلاثاء المقبل في مسجد "الحامدية الشاذلية".