على الرغم من مرور 13 عاماً على وفاته، إلا أنه مازال محل اهتمام وتقدير الكثيرين، فهو لم يكن مجرد صحفي مرموق أثرت كتاباته على الرأي العام، بل كان أيضاً عالم آثار نابغ سجل العديد من الاكتشافات المهمة، فضلاً عن ما يتمتع به من حس فني قاده إلى تأسيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما وتأسيس مهرجاني القاهرة والإسكندرية السينمائيين... ألا وهو كمال الملاخ الذي رحل عن قلوب المصريين في مثل هذا اليوم من العام 1987. ولد الكاتب الصحفي وعالم الآثار كمال وليم يونان الملاخ بمدينة أسيوط في السادس والعشرين من أكتوبر في العام 1918، وعرف بكثرة المجالات التي تلقاها وقام بدراستها، فبعد أن حصل على شهادة البكالوريا، قرر الالتحاق بكلية الفنون الجميلة قسم عمارة وتخرج منها في العام 1943، كما تخرج من كلية الضباط الاحتياط، وبعدها درس الآثار في معهد الآثار وحصل على ماجستير الآثار المصرية وفقه اللغة المصرية القديمة على يد عالم الآثار الفرنسي آيتين دريتون. مسيرة واكتشافات بدأ حياته المهنية مهندساً معمارياً، ثم ضابط احتياط بسلاح المهندسين، وبعدها انتقل إلى مجال التدريس بكلية الفنون الجميلة ومعهد السينما والجامعة الأمريكيةبالقاهرة، وبعد ذلك بدأ الدخول في عالم الآثار والتحق بمصلحة الآثار، وحقق العديد من الإنجازات كان أبرزها مشاركته في ترميم أبو الهول والأهرام، واكتشافه في العام 1954 أحد مراكب الشمس التي بقيت في باطن الأرض 5000 سنة لم يعلم عنها أحد، وكانت من آثار الملك خوفو صاحب الهرم الأكبر، وهي تعرض حالياً بمتحف ملحق بمنطقة أهرامات الجيزة، وحصل هذا الاكتشاف على اهتمام واسع من قبل الدوريات المختلفة المهتمة بالآثار القديمة، وتصدرت صورة الملاخ حينها أغلفة تلك الدوريات، وكان من أبرزها مجلة التايم التي أفردت له العديد من صفحاتها، كما أصدرت الدار المصرية اللبنانية كتاباً بعنوان "مراكب خوفو حقائق لا أكاذيب" تؤكد فيه على حقيقة تلك المراكب خاصة بعد اكتشاف "الملاخ" لها. ولم يقف التقدير والاهتمام عند هذا الحد بل منحه الرئيس جمال عبد الناصر وساماً رفيعاً من أوسمة الدولة لاكتشافه مراكب الشمس. علاقته بالصحافة بدأ الملاخ الخوض في العمل الصحفي من خلال التحاقه بدار أخبار اليوم التي بدأ فيها رساماً ثم ناقداً فنياً، وبعد ذلك تولى فيها رئاسة القسم الفني، وقام برسم يوميات في العديد من الصحف الأخرى كان أبرزها (الأخبار – آخر ساعة –الجيل الجديد)، كما قام برسم مقالات العديد من كبار الكتّاب أمثال توفيق الحكيم والعقاد وسلامة ومحمد التابعي وموسى كامل الشناوي ومحمد حسنين هيكل. وكان انتقاله إلى صحيفة الأهرام في صيف 1957 بمثابة النقلة الصحفية له، فبعد أن استقال من مصلحة الآثار ومن جريدة الأخبار، اصطحبه محمد حسنين هيكل إلى الأهرام التي حقق فيها نجاحاً ملموساً في مجال النقد الفني. واستغل الملاخ ما يتمتع به من نزعة أدبية في تأليف العديد من الكتب التي وصلت إلى ما يقرب من 32 كتاباً في شتى فروع الثقافة، كان من أبرزها (خمسون سنة من الفن، وأغاخان، وحكايات صيف وصالون من ورق، قاهر الظلام، والصينية)، وقد ترجمت العديد من كتبه إلى لغات مختلفة، فعلى سبيل المثال ترجم كتابه "حكايات صيف وصالون من ورق" إلى الإنجليزية، كما ترجم كتابه "قاهر الظلم – عن حياة الأديب طه حسين" إلى الفرنسية، وتحول كتابه "الصينية" إلى فيلم سينمائي. جوائز وأوسمة وكان للجهود التي قام بها الملاخ طيلة حياته أثر كبير على الصعيدين العربي والعالمي، فقد اختارته الجمعية الجغرافية العالمية في الولاياتالمتحدة عضواً فخرياً بها مدى الحياة، كما اختارته وزارة الثقافة لتمثيل مصر في افتتاح معرض توت عنخ آمون في لندن، وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1970، وجائزة الدولة التقديرية عام 1982، فضلاً عن منحه وسام الأرز بدرجة فارس من قبل الحكومة اللبنانية، ووسام الثقافة من قبل الحكومة الإيطالية.