أصدر حزب التحالف الشعبي الإشتراكي بيان له يمثل دوره في الأحداث الأخيرة التي تمت في مصر، مما اسفر عنها سقوط قتلى وضحايا البطش واستخدام القوة المفرطة ضد المدنيين. وجاء نص البيان على صفحة الحزب الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك» كالاتي: "تتوالى علينا جرائم التعذيب، والقتل من خارج القانون، التي ترتكبها الشرطة المصرية، وتتنوع الضحايا من متظاهر سلمي، لجمهور كرة، لمتهم سياسي، لمتهم عادي، وطبعا هذه الجرائم يقبع تحتها الفساد المستشري في هذا الجهاز، يلمسه ويعاني منه المواطن في الشارع وفى إدارات الشرطة وداخل الأقسام والسجون." ويغلف الشرطة المصرية العجز والتقاعس عن القيام بمهامها الاساسية في حفظ الأمن والوقاية من الجريمة، والخطير في الامر، هو محاولات الحماية لأفرادها، بالتباطؤ والتواطؤ وحظر النشر. وتستعيد الشرطة الان، أسوأ سلوكياتها في انتهاك القانون، وحقوق الانسان، التي كانت السبب المباشر لانطلاق ثورة يناير، بل تجاوزتها في مشهد يبدو انتقاميا، ردا على موقف الجماهير في جمعة الغضب 28/1/2011، وبما يؤكد استشعارهم الحماية والتواطؤ، مستغلين دورهم الهام والأساسي في محاربة الارهاب، وتضحياتهم التي يفرضها عليهم أداء الواجب، والتي يقدرها الشعب بكل تأكيد. وربما يستنتج البعض، أنه في سياق الحرب على الإرهاب واستغلالا لها، يجرى كبح الروح الثورية للجماهير الراغبة في التغيير، من أجل هزيمة الثورة التي يستهدفها النظام الحاكم والمستمر حتى الان، منذ خلع مبارك ورموز حكمه في 11/2/2011، لاستمرار نفس السياسات التي ثار عليها الشعب، واجهاض الأمل في تحقيق أهداف الثورة، باستخدام جهاز الشرطة لاستعادة حالة الخوف (تحت دعوى محاربة الارهاب) من أجل العودة للدولة البوليسية. إن أزمة الشرطة المصرية بنيوية وهيكلية، فهى تعانى عجزا مهنيا وفسادا اخلاقيا، فهو جهاز مارس دوره طوال عقود عديدة، تحت مظلة قانون الطوارئ، مما حرمهم من أداء دورهم في تحقيق الأمن من خلال الأسس المهنية والقانونية الطبيعية، ونشأت أجيال متعاقبة تتوارث الإجراءات الاستثنائية في ممارسة المهنة، علاوة على الانتهاك الاعتيادي لحقوق الإنسان من تعذيب، وإهانة للكرامة الإنسانية، وصولا لانتهاك الحق في الحياة نفسه، دون رادع قانوني، بل يجدون الحماية والتهاون، لأن دورهم الاساسي كان سياسيا في حماية النظام، بإرهاب المواطنين، وحصار القوى السياسية، على حساب دورهم الأصلي في حماية وتحقيق الأمن للمواطن. وولد كل ذلك، إحساسا لديهم بأنهم مختلفون وأنهم فئة خاصة، ليس من موقع قيمة مهنتهم، ولكن من موقع تسيدهم وبأنهم خارج المحاسبة، مما اورث الجهاز، فسادا مستشريا وعميقا، طبعا في سياق الفساد العام، ولكن فسادهم أخطر بما لهم من سلطة مباشرة يحوزونها، كل حسب رتبته ودرجته. ان استعادة هذا الجهاز لهذه الممارسات، في خضم معركة الشعب والوطن ضد الارهاب، الذى ينتشر في المنطقة بكاملها تقريبا وخارجها، والانتشار الداعشي المحتمل في مصر، أفرادا وجماعات ومؤسسات، يصب في صالح الارهاب ويعيد انتاجه، ويستقطب المزيد، خاصة عندما يغيب التماسك الوطني بسبب غياب العدل والحرية، الكفيلين بتحقيق هذا التماسك، للانتصار في هذه الحرب ولتقدم الوطن. إن المطالبات المستمرة والملحة منذ ثورة يناير، بإعادة بناء وهيكلة وزارة الداخلية، لا تعنى على الإطلاق هدم المؤسسات، بل يعنى تماسكها وكفاءة أدائها لدورها والتفاف الشعب حولها، ومن المؤكد أن عملية إعادة البناء والهيكلة، لن تأتى من داخل هذه الوزارة ولكن من خارجها، ففاقد الشيء لا يعطيه. إن الدماء التي تريقها الشرطة المصرية من خارج القانون، تستصرخنا جميعا، لوقف هذه المهزلة التي وصلت حد الهمجية، لا يجدى معها الأقوال الطيبة والنوايا مهما حسنت، ولكن الأفعال وتطبيق القانون والعدل والحرية. وفي ختام البيان جاء أن إعادة البناء والهيكلة ضرورة، ولا لعودة الدولة البوليسية.