بينما كان تسجيل مصور لتنظيم "داعش" ينقل مشاهد قاسية لعملية ذبح 21 مسيحيًا مصريًا بليبيا، كانت أصوات الصراخ والعويل تعلو في أبرز قرى الضحايا بمحافظة المنيا، وسط مصر، والتي تعرف ب"العور"، بحسب مشاهدات نقلها مراسلا الأناضول. العور القرية المصرية التي فقدت 13 قتيلاً قبطيًا من أبطال هذه المشاهد القاسية، شهدت صراخًا للنساء من أهالي الضحايا وجيرانهم وصلوات الكنائس وبكاء المسلمين والذي بدت القرية معه وكأنها تتشح بالسواد الذي عمّ البلاد مع إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحداد لمدة 7 أيام عقب هذه العملية التي وصفها بالإرهابية. وتبعد القرية حوالى 15 كيلو مترًا شمال غرب مدينة سمالوط بمحافظة المنيا وسط مصر. وبحسب مراسل الأناضول، ما أن تأكد أهالي القرية من خبر مقتل أولادهم، تحولت "العور" إلي قرية لا تسمع فيها إلا عويل نسوة على ابن أو زوج أو قريب، أو صراخ طفل يبكى والدا أو عما أو شقيقا أكبر، أو نواح لشيخ عجوز لا يملك إلا كلمات يتمتم بها وأدعية للرب مصحوبة بكلمات تطالب بالقصاص من قتلة أولادهم. وخلال زيارة مراسل الأناضول لمنزل هانى عبد المسيح (أحد القتلى) التقى بمحمد عبد العليم، المواطن المسلم، الذي ذهب ليقدم لأهل هاني واجب العزاء ويواسيهم، فيما تحاول "أم أحمد" شدّ أزر جارتها عطيات شحاتة والدة أبانوب عياد عطا (أحد الضحايا) غير أن الوالدة من هول الصدمة، تنهار ويغمى عليها، ومن منزل الضحية هانى عبد المسيح إلى منزل شكرى يونان الذى فقد 4 ضحايا في هذا الحادث، الذي يعيش حالة حزن كبيرة. وكلما زاد الحزن، زاد معه صوت سيارات الإسعاف التي أتت مسرعة تنقل الأهالي المكلومة لتلقي العلاج بالمستشفيات بعدما أصيبوا بانهيار عصبي وحالات إغماء. ففي مستشفى الراعي الصالح بسمالوط يرقد إبراهيم سنيوت هندي، وهناء منير بطرس، ومريم اسطفانوس كامل، وصموءيل شنوده إبراهيم، ومايزة لويز ذكي، وعبد المسيح صليب، فمنهم من فقد شقيقه أونجله ومن بينهم من فقدت زوجها بحسب مراسلة الأناضول. ليس صوت الحزن وسيارة نقل المرض الذي يسمع في القرية، فهناك أصوات صلوات وقداس ومراسم عزاء تبدأ اليوم الإثنين، بحسب الأنبا اسطفانوس رزق شحاتة وكيل مطرانية سمالوط. وأوضح اسطفانوس في تصريحات لوكالة الأناضول: "ستقام صلوات وقداس اعتبارًا من اليوم على أرواح الشهداء من أبناء مصر لأنهم شهداء لمصر وأن مصر سوف تتقبل العزاء فى مقتل ابنائها ولكن على الدولة أن تطالب بالقصاص العادل من الجناة"، مطالبًا الحكومة بعودة جثامين الضحايا. وأعلن اللواء صلاح الدين زيادة، محافظ المنيا، فى بيان تلقت الأناضول نسخه منه، أن "المحافظة ستقيم اليوم الإثنين سرادق عزاء بكنيسة مارمرقس بمدينة سمالوط وذلك لاستقبال المعزين في الشهداء من أبناء محافظة المنيا الذين سقطوا ضحية الإرهاب الدموي الغاشم"، موضحا أنه سيتواجد في "استقبال العزاء في الشهداء ظهر اليوم الاثنين". وكما عاشت قرية العور مأساة فقد 13 قتيلا من أبنائها تعيش أيضا قري متلاصقة فقدت 7 آخرين بمحافظة المنيا وهي سمسون والسوبي ومنشاه منقطين ودفش والجبالي والقطوشه بجانب قتيل آخر بقرية منبال بمركز مطاي التابع أيضا للمحافظة . وأظهر تسجيل مصور بثه موقع التواصل "يوتيوب" مساء الأحد، إعدام تنظيم "داعش" في ليبيا 21 مسيحيا مصريا مختطفا ذبحا. وإثر ذلك، قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إن "مصر تحتفظ بحق الرد وبالأسلوب والتوقيت المناسب للقصاص من القتلة"؛ تعقيبًا على إعدام تنظيم "داعش" في ليبيا للمسيحيين المصريين، دون أن يوضح طبيعة هذا الرد. ووجّه السيسي، في كلمة متلفزة، في الساعات الأولي من صباح الإثنين، الدعوة إلي مجلس الدفاع الوطني (أعلى هيئة وطنية للشؤون الأمنية) للانعقاد المستمر والتباحث حول القرارات والإجراءات المقرر اتخاذها حول الحادث. وفي بيان للرئاسة المصرية، في وقت سابق الأحد، نعى السيسي "شهداء مصر الذين سقطوا ضحية الإرهاب الغاشم"، معربا عن "خالص التعازي للشعب المصري في مصابه الأليم"، داعيًا لاجتماع عاجل لمجلس الدفاع الوطني، الذي انعقد في وقت سابق . وفقًا للبيان، أعلن السيسي الحداد العام رسميًا في البلاد لمدة 7 أيام ، وسط إدانات عربية ودولية للحادث.