وزير التعليم: التكنولوجيا يجب أن تساعد وتتكامل مع البرنامج التعليمي    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لاهتمامه بعمارة بيوت الله    رئيس الوزراء فى قمة "رايز أب": مصر تعمل على تطوير البنية التحتية التكنولوجية وفتح أسواق جديدة تتيح فرص العمل    مدير «القاهرة للدراسات الاقتصادية»: الدولة تسعى لزيادة تمكين القطاع الخاص    أسعار سيارات شانجان 2024 في مصر.. الأسعار والمواصفات والمزايا (التفاصيل كاملة)    جانتس: الفرص التي أعطيها الآن ليست لنتنياهو وإنما لدولة إسرائيل    حزب «الجيل الديمقراطي»: مصر سخرت كل جهودها لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني    مستشار الرئيس الفلسطيني: الاحتلال دمر 600 مسجد بغزة.. و7 أكتوبر وحدت إسرائيل    الدفاع الروسية: خسائر الجيش الأوكراني خلال 24 ساعة 1725 جنديا    لافروف يكشف عن مبادرة "الأمن العالمي" التي طرحها الرئيس الصيني على بوتين    الأورومتوسطي: وفاة عشرات الجرحى والمرضى جراء إغلاق إسرائيل معبر رفح    تشكيل الترجي.. الثنائي البرازيلي في الهجوم.. والقائد يقود الوسط    خسر نصف البطولات.. الترجي يخوض نهائي دوري الأبطال بدون مدرب تونسي لأول مرة    الدوري التركي، ألانيا سبور يتعادل 1-1 مع سامسون بمشاركة كوكا    مهاجم الترجي السابق يوضح ل "مصراوي" نقاط قوة وضعف الأهلي    صدمة جديدة ل تشواميني بسبب إصابته مع ريال مدريد    أسئلة حيرت طلاب الإعدادية في امتحان اللغة العربية.. تعرف على إجابتها    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بالوادي الجديد    تعديل مواعيد مترو الأنفاق.. بسبب مباراة الزمالك ونهضة بركان    تطورات أزمة تعدي نانسي عجرم على أغنية فريد الأطرش    بينى جانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف إذا لم يلب نتنياهو التوقعات    أشرف زكي ومنير مكرم في عزاء زوجة أحمد عدوية    موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024 في مصر.. ومواعيد الإجازات الرسمية يونيو 2024    رئيس «الرقابة الصحية»: التمريض المصري يتميز بالكفاءة والتفاني في العمل    إطلاق أول صندوق للطوارئ للمصريين بالخارج قريبًا    نموذج إجابة امتحان اللغة العربية للصف الثالث الإعدادي محافظة الجيزة    منها تعديل الزي.. إجراءات وزارة الصحة لتحسين الصورة الذهنية عن التمريض    من بينهم أجنبى.. التحقيقات مع تشكيل عصابى بحلوان: أوهموا ضحايهم بتغير العملة بثمن أقل    نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية يتفقد مشروعات العلمين الجديدة    في عيد ميلاد الزعيم.. المكلف باغتيال عادل إمام يروي كواليس مخطط الجماعة الإرهابية    حسم اللقب والمقاعد الأوروبية.. مباريات مهمة في اليوم الأخير من الدوري الإنجليزي    التليفزيون هذا المساء.. إلهام شاهين: عادل إمام حالة خاصة وله فضل فى وجودي الفني    مصطفى عسل يواجه دييجو إلياس فى نهائى بطولة العالم للاسكواش    يوم عرفة.. ماهو دعاء النبي في هذا اليوم؟    مصير تاليسكا من المشاركة ضد الهلال في نهائي كأس الملك    الدواء المصرى الأقل سعرا عالميا والأكثر تطبيقا لمعايير التصنيع الجيد    وزير التعليم ومحافظ بورسعيد يعقدان اجتماعا مع القيادات التعليمية بالمحافظة    شركة مكسيم تستعد لتطوير 3 قطع أراض سكني فندقي مع هيئة قناة السويس بنظام حق الانتفاع    «الأوقاف» تفتتح 10 مساجد بعد تجديدها الجمعة المقبلة    19 صورة لاكتشاف نهر بجوار الهرم الأكبر.. كيف بنى المصريون القدماء حضارتهم    حصاد تريزيجيه مع طرابزون قبل مواجهة إسطنبول باشاك شهير فى الدوري التركي    برج الثور.. حظك اليوم السبت 18 مايو: عبر عن أفكارك    مذكرة قواعد اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي 2024.. لا يخرج عنها الامتحان    العلاج على نفقة الدولة.. صحة دمياط تقدم الدعم الطبي ل 1797 مواطن    معلومات عن متحور كورونا الجديد FLiRT .. انتشر أواخر الربيع فما أعراضه؟    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    هل مواقيت الحج والعمرة ثابتة بالنص أم بالاجتهاد؟ فتوى البحوث الإسلامية تجيب    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة صرح علمى عربى يتهاوى
نشر في محيط يوم 02 - 12 - 2014

حاولت قدر استطاعتى طيلة الأسابيع الماضية أن أتفرغ ذهنياً لبضعة أيام بعيداً عن هموم وغموم الأحداث الخطيرة التى تتهدد بلدنا من الداخل ومن الخارج كى أستطيع إنجاز الجزء المكلف بكتابته فى الإصدار الجديد ل «التقرير الاستراتيجى العربي» الذى يصدر سنوياً عن «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»،
لكننى كنت أجد صعوبة مزدوجة، أولا صعوبة الانعزال عن التفاعل مع الأحداث الساخنة والمتسارعة، والمخاطر المتلاحقة التى تواجه بلدنا. وثانيا أن الموضوع أو الجزء الذى كلفت بكتابته فى التقرير الاستراتيجى العربى هذا العام يتعلق ب «نقاط التماس بين النظام العربى والنظام الإقليمى للشرق الأوسط» يكاد يكون موضوعاً افتراضياً بعيداً عن الواقع، فى ظل حالة التردى التى يعيشها النظام العربى الذى يعانى من تمزق العلاقات العربية العربية، وانجذاب الدول العربية فى تفاعلاتها نحو الخارج على حساب علاقاتها العربية، وفى ظل ما يمكن وصفه ب «حالة الانفجار والتمزق الداخلي» التى تواجه الكثير من الدول العربية وتهدد بانقسامها إلى دويلات عرقية وأخرى طائفية.
إذا أضفنا إلى ذلك ما يتعرض له المشروع العربى الغائب أو المنحسر من تحديات تلك الانهيارات، ومن خطورة ظهور مشروع آخر بديل ومنافس يحمل اسم «الخلافة الإسلامية» يروج له تنظيم «داعش» وتنظيمات «السلفية الجهادية»، سنجد أنفسنا أمام السؤال الصعب: هل مازال لدينا نظام عربى فعلاً كى نبحث ونتحرى عن حدود التماس بينه وبين النظام الإقليمى للشرق الأوسط الذى بات يتغول فى تفاعلاته وتداخلاته فى القضايا العربية بشكل غير مسبوق مقارنة بضعف وهشاشة نظامنا العربى وتفريطه فى مسئولياته القومية، وتصدير أزماته وعجزه للخارج.
حاولت عدم الاستسلام لكل تلك الأفكار اعتقاداً منى بأننا مازلنا قادرين على مواجهة كل هذه التحديات التى تواجهنا فى بلداننا العربية وتواجه نظامنا العربى وتواجه مشروعنا القومى النهضوى والحضارى الذى مازلنا نحلم به، لكننى وأنا أحاول التمسك بالأمل صدمتنى أخبار مؤسفة تتعلق بعملية تخريب ممنهجة يتعرض لها واحدة من أهم قلاع الصمود العربية، وبالذات قاعدة الصمود الفكرى والثقافى العربى وهو معهد البحوث والدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية، لما يمتلكه هذا المعهد من مخزون علمى وثقافي، وما يمتلكه من ثروة فكرية هائلة من الكتب والمؤلفات والإصدارات والآلاف من رسائل الدكتوراه والماجستير وبحوث التخرج فى كل مناحى العلوم الاجتماعية، لا تتميز فقط بالعلمية والجدية ولكنها مفعمة بمشاعر الولاء والانتماء للأمة العربية والانحياز لقضاياها العادلة، وحملها لقواعد ومرتكزات التأسيس للمشروع العربى وامتلاك القدرة العلمية للدفاع عنه وتأصيله.
كانت صدمتى مضاعفة بعد أن استمعت من الصديق العزيز الأستاذ القدير الدكتور أحمد يوسف أحمد المدير العام السابق للمعهد، وقرأت ما كتبه عن الخطر الذى يتهدد هذا الصرح العلمى العربى الكبير. ففى الوقت الذى كنت استجمع فيه حماسى للخوض فى غمار مشروع البحث المكلف به، اعتقاداً منى بأن الصراع الفكرى والعقائدى الذى تواجهه مصر وأمتنا العربية هذه الأيام لا يقل فى خطره عما نواجهه من تحديات ومخاطر أمنية إرهابية وأخرى سياسية واقتصادية وأن الانتصار فى هذا الصراع الفكرى والسياسى والعقائدى يتطلب أن نعطى اهتماماً كبيراً لمراكز ومعاهد البحوث والدراسات كى نستطيع ترشيد إدارتنا لكل الصراعات، وكى نتمكن من التأسيس لعقل استراتيجى مصرى وعربى قادر على رسم وتخطيط الاستراتيجيات العليا التى تتعلق بالدفاع عن الأمن والمصالح القومية والوطنية العليا، فى هذا الوقت أصدم ويصدم غيرى بالمؤامرات التى تحاك ضد معهد البحوث والدراسات العربية الذى تشرفت أنا وكثير من الزملاء الأفاضل بالمشاركة فى الإشراف على العشرات من رسائل الدكتوراه والماجستير لطلاب هذا المعهد من جنسيات عربية مختلفة، وتشرفت بمناقشة العشرات من هذه الرسائل، هذه المؤامرات التى يتعرض لها المعهد تستهدف تفريغه من دوره والانحراف برسالته وتصفية كوادره وقياداته العلمية وهو استهداف يخص مباشرة نظامنا العربى ومشروعنا القومى العربى.
صدمتى كانت مضاعفة أيضاً وأنا أعلم عن قرب مدى تفانى الدكتور أحمد يوسف أحمد ومن بعده الزميلة العزيزة الدكتورة نيفين مسعد مديرة المعهد فى الرقى برسالة المعهد ودوره العلمي، وهو الدور الذى عجزت عنه معظم الجامعات العربية لأنه يتفرد بأمرين أولهما، أنه مفتوح أمام الطلاب العرب والأفارقة وأنه يجمع فى محاضراته ومناقشاته وندواته وبحوثه طلاباً من جنسيات عربية متعددة وأيضاً طلاباً من جنسيات افريقية، والمعهد بهذا المعنى يعد من أهم أدوات السياسة العربية، لأنه يربط بين طلاب عرب فى مشاريع علمية وبحثية مشتركة، ومن ثم فإنه يقوم بدور لا يستهان به فى خلق وعى علمى جماعى عربى مشترك بالمشاكل وبالحلول التى تواجه الأمة العربية، ناهيك عن تعميق التواصل والثقة بين هؤلاء الطلاب العرب وزملائهم الأفارقة فى وقت نحن فى أحوج ما نكون فيه لاستعادة وبناء الثقة مجدداً بين مصر والعرب مع الدول الافريقية.
أما الأمر الثانى فيتعلق بحقيقة أن هذا المعهد يعطى الفرص للطلاب العرب والأفارقة لإكمال دراساتهم العلمية والأكاديمية بأقل التكاليف، فضلاً عن أن المعهد قد تمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتى تمويلياً باستقلال عن جامعة الدول العربية، ولم يعد عبئاً على ميزانيتها.
واستطيع أن أقول إننى شاهد حى على تفانى الدكتور أحمد يوسف أحمد وسعيه الدءوب، وقت أن كان مديراً للمعهد، من أجل تدبير التمويل اللازم لبناء مدينة سكنية لطلاب المعهد المغتربين، وحضرت بمعيته لقاء مع صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمى حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى لحكام الإمارات العربية المتحدة منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماً، تم التعرض فيه لقضايا متعددة كان من بينها حلم بناء تلك المدينة السكنية التى توفر على الطالب العربى والافريقى الدارس فى المعهد السكن اللائق وبأقل الأسعار.
هذا التفانى فى توفير الخدمات الإعاشية يتوازى ويتزامن مع تفانٍ آخر من أجل النهوض بالعملية التعليمية وفجأة نجد أنفسنا نُصدم بأن هذا كله معرض للتبديد والضياع وبيد من يعتبرون أنفسهم مسئولين عن هذا المعهد من بعض كبار المسئولين بمنظمة الثقافة والتربية والعلوم العربية التابعة لجامعة الدول العربية المسئول المباشر عن هذا الصرح العلمى العربى الكبير الذى تأسس منذ عام 1952 على أيدى أبو خلدون أستاذنا ساطع الحصرى ذلك العلاّمة العربى الذى يظل يحلم بوحدة أمته العربية ونهضتها.
أملنا كبير فى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى والسيد المهندس إبراهيم محلب رئيس الحكومة أن يتدخلا مشكورين باسم مصر لحماية معهد البحوث والدراسات العربية، كما نأمل أيضاً فى أن يعطى الدكتور نبيل العربى الأمين العام لجامعة الدول العربية أولوية واهتماماً لحماية المعهد من كل هؤلاء الذين يتآمرون على العروبة والمستقبل العربى لمصلحة ولاءات مشبوهة فى معركتهم ضد معهد البحوث والدراسات العربية.
نقلا عن " الاهرام" المصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.