هو أحد العلماء الأجلاء، صاحب العلم والحجة القوية، شيخٌ لا يتنازل عن الحق ولا يخشى في قوله لومة لائم، انتقد سياسيات الملك رفض المهادنات وصمد دفاعا عن موقفه، فكان بمثابة العالم القدوة الذي لا يقبل المساومات، إنه الشيخ عبد المجيد سليم،مفتي الديار المصرية، وشيخ الأزهر الأسبق. ولد الشيخ عبد المجيد سليم في 13 أكتوبر سنة 1882م، الموافق أول ذو الحجة لعام 1299ه، بقرية ميت شهالة، التابعة لمدينة الشهداء، بمحافظة المنوفية،وحفظ القرآن الكريم والتحق بالأزهر، وبجانب العلوم الشرعية درس الفلسفة حتى أطلق عليه زملاؤه اسم "ابن سينا" حيث عرف عنه ذكاؤه الشديد. جيل أروقة الأزهر تتلمذ الشيخ على يد عدد من كبار الأئمة والمشايخ منهم محمد عبده، فقد كان يحضر دروسه في الرواق العباسي لما يقرب من خمس سنوات، وتلقّى العلم أيضا على يد الشيخ حسن الطويل، والشيخ أحمد أبو خطوة الذي درس له الفقه، فقد كان أبو خطوة عالما في معرفة التفصيلات الفقهية والفتاوى الدينية، واستنباط الأدلة الشرعية من النصوص. حصل الشيخ عبد المجيد سليم، على درجة العالمية - الدكتوراه -من الدرجة الأولى عام 1908،وبعدها تولى عدداً من المناصب، منها التدريس في المعاهد الدينية والتدريس لطلبة القضاء الشرعي لمادة الفقه، ثم تولّى منصبا في القضاء والإفتاء، ونال عضوية جماعة كبار العلماء، حتى أصبح وكيلاً لها، وله من الفتاوى ما يقرب من 15 ألف فتوى. ثم عهد إليه بالإشراف على الدراسات العُليا بالأزهر، وبعدها تولى شئون الإفتاء في مايو 1928، والتي استمر بها لما يقرب من عشرين عاما، قبل أن ينتقل إلى مشيخة الأزهر، وكان الإمام الثالث والثلاثين في تاريخ الأزهر، وصدر قراراًبتعيينه في أكتوبر لعام 1950. مواقفه مع الملك فاروق خلال حكم الملك فاروق أصدرت الحكومة قرارا بإنقاص ميزانية الأزهر في الوقت الذي كان الملك يستجم في جزيرة إيطالية وهي "كابري"،وهو ما أغضب الشيخ عبد المجيد سليم وقال عن ذلك "تقتير هنا وإسراف هناك"،وأوشى به المحيطون بالملك، واعتبروا قول الشيخ نقدا للملك وسياساته وطالبوا بعزله حتى ترك المنصب بالفعل في سبتمبر 1951. وبعد تأكد الملك من حسن نية الشيخ عبد المجيد سليم، أعاده مرة أخرى لمنصبه في مشيخة الأزهر في فبراير 1952،لكنه لم يستمر طويلا فاستقال بعد يوليو 1952، تحديدا في سبتمبر، وحاولت الحكومة وقتها إثناءه عن قراره لكنه رفض الاستمرار. حرمة الرقص وسألته إحدى المجلات المعارضة للملك عن مدى شرعية إقامة الحفلات الراقصة في قصور الكبار، في الوقت الذي كان الملك فاروق قد أقام حفلا راقصا في قصره بعابدين، وقد استشعر بعض المفتين الحرج نظراً لأن الفتوى قد تغضب الملك، فما كان من الشيخ عبد المجيد إلا أن قال "إن المفتي إذا سئل لابد أن يجيب مادام يعلم الحكم". وأصدر الشيخ فتواه بحرمة هذه الحفلات، ونشرت مجلة المصور الفتوى مؤيدة بالأدلة الشرعية، وحدثت الأزمة بين الملك والمفتي الذي كانت فتواه سببا في إحراج موقفه السياسي، ومن مواقفه أيضا رفضه لمحاولة الملك استبدال أراض له جرداء بأخرى خصبة من أملاك الأوقاف وطلب منه الفتوى لكن الشيخ أعلن بوضوح أن الاستبدال باطل ولا يجوز. وقد توفي الشيخ عبد المجيد سليم،في يوم 7 أكتوبر 1954م، بعد عمر حافل بالعمل والدعوة إلي الله. اقرأ فى الملف " الأزهر المرجعية.. القيمة والقدوة" * «الشعراوي».. فسَّر القرآن.. وعارض الرؤساء.. واعتُقل وهو طالبًا * محمد الغزالي..عالم موسوعي وداعية يواجه المادية والإلحاد * بكري الصدفي .. المفتي الذي رفض إعدا مقاتل «بطرس غالي» * حسن الشافعي .. الشيخ الذي اتفق على حُبه الجميع * أسامة الأزهري.. علم غزير ومستقبل واعد * خبيران: مصر في «ورطة» ونحتاج علماء لطرح الإسلام الوسطي * سيرة الأزاهرة .. بين رعاية الأعراف وغواية الاعتراف ** بداية الملف