لا يفصل بين موعد إجراء الانتخابات التشريعية التونسية المقررة غدا الأحد، والجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل سوى فاصل زمني قصير لا يتعدى الشهر مما سينعكس على مستقبل العملية السياسية في تونس وخارطة التحالفات الحزبية في المرحلة المقبلة. ويرى متابعون للشأن التونسي أن الفترة القصيرة الفاصلة بين الاستحقاق البرلماني والاستحقاق الرئاسي ستكون حاسمة في تحديد ملامح التحالفات الحزبية مستقبلا وموقف القوى السياسية من مرشح الرئاسة، كما انها على مستوى الناخبين ستكون هذه المرحلة بمثابة مرحلة تحديد خياراتهم النهائية من مرشح الرئاسة في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية. ويوضح المحلل السياسي عبد الحق الزموري تأثيرات هذا الفاضل الزمني القصير قائلا: "العديد من القوى السياسية في البلد لم تحسم بعد في اختيارها لدعم أي مرشح للرئاسية لذلك ستكون الفترة الزمنية القصيرة التي لا تتجاوز الشهر حاسمة في حشد الناخبين وراء هذا المرشح الرئاسي أو ذاك"، مضيفا في هذا الإطار، نتائج الانتخابات البرلمانية ستكون مؤثرة في مواقف القوى السياسية من مرشحي الرئاسة. وفي ضوء ذلك، توقع الزموري في تصريح للأناضول أن يكون "الفاصل الزمني بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية متسما بمشهد سياسي مشحون جدا بعمليات التموقع وإعادة التموقع لمختلف القوى التي ستبحث عن تشكيل تحالفات لدعم مرشح ما للانتخابات الرئاسية". و تتنافس 1326 قائمة في الانتخابات التشريعية موزعة على 33 دائرة انتخابية على دخول البرلمان الذي يضم 217 مقعدا. ملمح آخر يستشرفه الزموري خلال الشهر الفاصل بين التشريعية والرئاسية: " كون الفترة الزمنية بين الحدثين قصيرة، فإننا لن نشهد صراع برامج بين مرشحي الرئاسية بقدر ما سنلاحظ تصاعد وتيرة التفاوض السياسي بين مختلف القوى الفائزة بمقاعد البرلمان لدعم هذا المرشح أو ذاك". وسيخوض 27 مرشحا السباق الرئاسي الشهر المقبل، أبرزهم الرئيس الحالي محمد المنصف المرزوقي والباجي قائد السبسي، رئيس حزب حركة نداء تونس (ليبرالي)، وأحمد نجيب الشابي، رئيس الهيئة السياسية للحزب الجمهوري (الحزب الديمقراطي التقدمي سابقا / يسار) إلى جانب حمة الهمامي، القيادي بالجبهة الشعبية والناطق باسمها (يسار)، ، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس الوطني التأسيسي، وسليم الرياحي، رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر، الذي يتوقع أن يشكل مفاجأة في الانتخابات التشريعية. وبخصوص إذا ما كانت نتائج التشريعية ستؤثر على مشاركة الناخبين في الرئاسية، اكد الزموري أنه سيكون لنتائج لانتخابات البرلمانية تأثير مباشر في إقبال الناخبين على السباق الرئاسي، متوقعا بالتالي أن يكون اقبال الناخبين على الرئاسية أكثر من التشريعية. وتجرى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تليها جولة ثانية أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل، في حال لم يفز أحد المرشحين بأكثر من 50 بالمائة من الأصوات. من جانبه، اعتبر أستاذ القانون الدستوري بالجامعة التونسية "قيس سعيد" أن المدة الزمنية الفاصلة بين الانتخابات التشريعية والدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية يمكن أن يكون لها تأثير في اتجاهين اثنين مختلفين . وقال سعيد للأناضول إن نتيجة الانتخابات التشريعية يمكن أن تؤدي بالناخبين أثناء إجراء الانتخابات الرئاسية الى رد فعل لبعض الناخبين يختارون بموجبه مرشحا للرئاسة ممن لا ينتمون للأغلبية التي أفرزتها انتخابات أعضاء المجلس النيابي، والتي يعارضونها، ويمكن أن يكون العكس بان يقع الاختيار على من ينتمي إلى الأغلبية أو مستندا لمن تحصل على أغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية. ورأى انه مما سيساهم في ردود الفعل هذه قصر المدة الزمنية بين الاستحقاقين الانتخابيين الهامين في تاريخ تونس. ويرى متابعون للشان التونسي، أنه بصرف النظر عن النصوص الدستورية القائمة، فإن صلاحيات رئيس الجمهورية التونسية المقبل ستكون عمليا محدودة مقارنة بصلاحيات الحكومة وبصلاحيات رؤساء تونس المطلقة قبل ثورة 2011، خاصة ان هذه الحكومة ستستند إلى شرعية انتخابية حيث ستنبثق عن أغلبية برلمانية ويكلف بتشكيلها أولا الحزب الأكثر حصولا على المقاعد في الانتخابات البرلمانية.