وصف مؤسس ورئيس حزب " نداء تونس " المرشح الرئاسى الباجي قائد السبسي قرار "حركة النهضة" بعدم ترشيح أي من قياداتها للانتخابات الرئاسية المقررة في 23 تشرين ثان/نوفمبر المقبل ب"بالمناورة السياسية والعملية البهلوانية". وقال السبسي في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" من القاهرة "هذه مناورة سياسية .. وإن كانت لم ترشح أحدا فإنها ستصوت لمن تراه قريبا منها .. وهذه عملية بهلوانية بالطبع". وحول ما إذا كان هذا القرار ينم عن ذكاء في تفضيل التركيز على الانتخابات البرلمانية خاصة وأن الرئاسة لا تتمتع بصلاحيات كبيرة مقارنة بالحكومة فضلا عن الظهور في الوقت نفسه بمظهر عدم المتلهف على التفرد بالسلطة ، أجاب :"ليس في الأمر ذكاء على الإطلاق ، هم بالأصل مع النظام البرلماني أي أن تكون السلطة بيد رئيس الحكومة .. ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .. وتأتي الرياح بما لا تشتهي السفن". وحول توقعه لحظوظ حركة النداء في الانتخابات التشريعية المقبلة وهل يمكن أن تكون صاحبة النصيب الأكبر فيها ، أجاب :"هذا ممكن .. وحظوظها في ذلك ستكون في نطاق الثقة التي يمنحها الشعب لها". وكانت قيادة حركة النهضة الإسلامية قد أعلنت مطلع أيلول/سبتمبر الماضي عدم الدفع بأي مرشح للانتخابات الرئاسية بدافع عدم الرغبة في الهيمنة ، وأكدوا كونهم مع مقترح تقديم مرشح توافقي يحظى بدعم أكثر الأحزاب لرئاسة تونس في الفترة القادمة. وحول ما يرصد في حديثه من ثقة زائدة في الفوز بالمنصب ، اكتفى بالقول :"نحن مرشحون ، وعندنا أمل كبير في أن يساندنا الشعب .. نتمتع بثقة شعبنا .. وبالنهاية الصندوق هو الفيصل في الحكم بين المرشحين". وكان رئيس "نداء تونس" قد قدم في التاسع من شهر أيلول/سبتمبر الماضي ملف ترشحه رسميا إلى هيئة الانتخابات. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن السبسي ، رجل القانون والسياسي المخضرم ، من الأشخاص الأوفر حظا بالفور بالمنصب بسبب خبرته السياسية الكبيرة فضلا عن دوره في إعادة الاستقرار للبلاد خلال توليه رئاسة الحكومة لعشرة أشهر عقب قيام الثورة التونسية عام 2011 ، غير أن بعض المراقبين يشككون بقدرته على إدارة البلاد بسبب تقدمه بالسن. وحول كيفية تعامله حال فوزه بالمنصب الرئاسي مع التيار الإسلامي ومؤيديه بالشارع ، قال السبسي :"هناك فرق بين إسلام وإسلام .. وكل تيار يستعمل العنف نحن ضده .. أما إذا كان هناك ثمة تيار يعبر عن رأيه بشكل سلمي فهو بالطبع يملك الحق في المشاركة في الحياة السياسية .. ولكننا لا نتحالف مع تيارات لا نتشارك معها في المرجعية". وتابع :"لقد قاومنا الإقصاء وبالتالي نحن ضده .. لقد كنا مهددين بالإقصاء والذين هددونا بالإقصاء لم ينجحوا ، ولهذا نحن لا ولن نتعامل معهم بالمثل .. وأؤكد أن كل تونسي يعمل في إطار ونطاق القانون له الحق في المشاركة في الحياة السياسية ببلاده ، أما من يعمل خلاف القانون فهذا له شأن آخر". وأردف :"سنعمل في إطار القانون .. والدولة التي نريدها هي دولة عادلة ودولة قانون .. وأكرر : لا إقصاء لأي تونسي يعمل في نطاق القانون سواء كان إسلاميا أو كافرا ، فهذا لا يهمنا". وألمح السبسي إلى استبعاد اعتزال العمل السياسي إذا لم يقدر له النجاح في الوصول لمنصب الرئيس ، وقال :"مستقبلي بيد الله .. وكل إنسان مستقبله عند ربه .. ونرى أن المستقبل السياسي بإذن الله لن يتوقف عند العملية الانتخابية ، فنحن سنكون دائما في موقعنا بالنداء". وأطلق السبسي حزبه "نداء تونس "بعد فترة من خروجه من رئاسة الحكومة نهاية عام 2011 لمنافسة حركة النهضة التي حققت فوزا بارزا في أول انتخابات بعد الثورة التونسية. ويرى كثير من المراقبين أن حزب "نداء تونس" استطاع في وقت قياسي أن يثبت أنه منافس قوي للنهضة ، وبذلك تمكن من إعادة التوازن للحياة السياسية ومنع تغول أو استفراد النهضة بإدارة البلاد. ورفض السبسي التعليق على كيفية تصوره لشكل العلاقة حال قدر لحركة النهضة تحقيق الأغلبية في الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة وفاز هو في الوقت نفسه بالانتخابات الرئاسية ، مكتفيا بالقول: "هذا سؤال احتمالي نظري لا يمكن الإجابة عليه إلا بعد الانتخابات".