انتشرت ظاهرة الباعة الجائلين بصورة مريبة بعد ثورة 25 يناير إلى أن تطور الأمر إلى احتلال للشوارع والأرصفة والميادين وواجهات المسارح ما أدى إلى حدوث اختناقات مرورية بمعظم أنحاء الجمهورية وعرقلة سير المواطنين وعدم شعورهم بالأمان ..وهو الأمر الذي أدى بالحكومة المصرية إلى اتخاذ قرار بنقل الباعة الجائلين إلى جراج الترجمان كحل مؤقت لهذه المشكلة، فهل أخطأت المحافظة في قرار النقل الذي اتخذته أم كان هذا هو السبيل الوحيد لحل هذه المشكلة ؟ شبكة الإعلام العربية«محيط» حاورت التجار ووقفت على العديد من مشكلاتهم وكشفت عن الدول التي نجحت في حل مشكلة الباعة الجائلين .. التجربة الصينية تتمثل التجربة الصينية لمواجهة ظاهرة انتشار الباعة الجائلين في توفير محلات صغيرة جدا على امتداد طريق السكك الحديدية ،على أن يحمل كل بائع رقم كودي معدني لتقنين وضعه. ويمكن تطبيق تلك الفكرة مع إمكانية استغلال أسفل الكباري وتقسيمها إلى منافذ بيع صغيرة مع ضرورة الإشراف الدائم والحازم من شرطة المرافق عليها والمحافظة على مرافق الدولة التي تسرق جهارا نهارا سواء مياه أو كهرباء، بالإضافة إلى تطوير الميادين بأسلوب جمالي وعلمي يمنع تكرار الظاهرة مرة أخرى، واتخاذ الحكومة كافة الإجراءات الأمنية اللازمة ووضع قوانين لتقنين أوضاعهم، بالإضافة إلى اتخاذ كافة الإجراءات الرادعة والملزمة لمن يخالف ،وإلا سنجد بعد حل مشكلات الباعة الحاليين باعة آخرون يحتلون الأرصفة والميادين ،ونبدأ مرة أخرى من نقطة الصفر وهكذا دواليك، وكفى ما عاناه المواطنون طوال الثلاث سنوات الماضية من عدم القدرة على السير في الأرصفة المخصصة للمشاة هذا بخلاف فقدان الشعور بالأمان لاحتواء الشوارع على بلطجية متخفيين تحت مسمى باعة جائلين وأن كان العديد منهم بالفعل في أشد الاحتياج إلى هذا العمل، والمرهق أيضا لهم ومنهم خريجي جامعات هم أولى بمد يد العون لهم. التجربة الهندية بدأت التجربة الهندية للتعامل في وقت مبكر من القرن الماضي ،وطبقا لبحوث منشورة قال بائعو الطعام الجائلون بمدينة كالكوتا الهندية إنهم لاحظوا إقبالا كبيرا على تجارتهم بعد تلقيهم دروسا في أسس النظافة الشخصية. يطعم هؤلاء الباعة، الذين يبلغ عددهم 100 ألف، سكان مدينة كالكوتا البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة، يبيعون منتجات متنوعة من الشاي والحلوى إلى الوجبات المتكاملة والخفيفة. وقد أخذت الحكومات الهندية المتعاقبة بزمام المبادرة لتدريب هؤلاء ضمن مشروع نموذجي تم بالتعاون مع معهد الهند للصحة والنظافة، ومنظمات الأممالمتحدة للصحة والغذاء. كما أعلنت وزارة الشؤون الحضرية في الهند عام 2004 عن «السياسة الوطنية للباعة الجائلين في المناطق الحضرية» كان الهدف منها توفير وتعزيز بيئة داعمة لكسب لقمة العيش لباعة الشارع، بالتوازي مع ضمان السيولة المرورية والمحافظة على النظافة في الأماكن العامة والشوارع. لذلك تم إنشاء «لجنة البيع في الشوارع» التي تتألف من: البلدية، والمرور والشرطة المحلية، وإدارة امتلاك سلطة الأراضي، والجمعيات (الأسواق والتجار والمقيمين) وجمعيات الباعة الجائلين (الثابتة والمتحركة). وتتلخص مهام لجنة البيع بالشوارع فى تحديد سياسات وأماكن البيع، وتوفير وتحديد مساحة لجلوس القرفصاء ومجالات الباعة الجائلين من أجل توفير مساحة للأسواق الأسبوعية وتحديد أوقات البيع مع ضمان عدم ازدحام الأماكن العامة، وتحديد اشتراطات الصحة والنظافة العامة، وتحديد أماكن التخلص من النفايات، وأماكن دورات المياه العامة للحفاظ على النظافة العامة، وإعداد تصميم جمالي للأكشاك المتنقلة، والتأكيد على أهمية توفير غطاء واق لحماية المنتجات والباعة من الحرارة والمطر والغبار. التجربة التركية ولتركيا نموذج فريد في حل مشاكل الباعة الجائلين، فالملاحظ في تركيا أن لكل سلعة عربة معينة لها شكل ولون واحد تتبع بلدية إسطنبول، مثل عربات السميط بلونها الأحمر، وعربات الذرة بلونها الأصفر، وجميعها تقف على شريطي البوسفور والأماكن السياحية المزدحمة مثل ساحة مسجد السلطان أحمد وحي السلطان أيوب الأنصاري وغيرهما بشكل حضاري وليس بطريقة عشوائية. التجربة التايلاندية دولة تايلاند لها تجربتها الفريدة أيضا في حل أزمة الباعة الجائلين، وهى القضية التي تسعى الدولة لحلها الآن بعد احتلال الباعة لشوارع القاهرة. وتابعت "أسماء"، ففي تايلاند هناك وقت محدد لإغلاق المحال التجارية وبعد إغلاقها يقوم البائع المتجول بوضع بضاعته أمام هذه المحال لوقت محدد ويعرف هذا المكان ب"النايت ماركت". رؤية تحليلية وفي تصريح خاص لشبكة الإعلام العربية محيط قال شهيد بوليسين محلل اقتصادي وسياسي أمريكي إن أي حكومة تحاول تطبيق تعليمات صندوق النقد الدولي الجديدة للإصلاحات الاقتصادية سوف تواجه مشكلة عند بدء تطبيقها . وتابع: عند تحرير الأسواق للسماح للشركات الأجنبية الكبيرة بدخول البلاد ومنافسة الشركات المحلية،هذا سيؤدى حتما بالمؤسسات المحلية الصغيرة للدخول في الاقتصاد غير الرسمي.ومن ناحية أخرى سيضطرون لتنظيم هذا الاقتصاد غير الرسمي من أجل إبقاء الصناعات الصغيرة والباعة المحليين في حيز المنافسة مع الشركات الكبيرة التي تقدم السلع والخدمات بأسعار رخيصة. وأضاف بوليسين قائلا:"أن السياسات الليبرالية الجديدة ستتسبب في تضخم أعداد الأشخاص الذين أجبروا على كسب لقمة العيش في الاقتصاد غير الرسمي، لافتا إلى إن الاقتصاد غير الرسمي سيهدد أهداف الإصلاحات الليبرالية الجديدة." وأوضح:" واحدة من الطرق التي يوصي بها صندوق النقد الدولي هي التعامل مع هذه المعضلة و تأسيس ضريبة القيمة المضافة بدلا من ضريبة المبيعات الطبيعية.وهذا سيدفع العديد من الباعة الجائلين للخروج من العمل، أما بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا في مجال العمل، سيضطرون لرفع الأسعار، مما سيجعلهم أقل قدرة على المنافسة مع الشركات الكبيرة. والنتيجة النهائية ستكون زيادة في تكلفة المعيشة وانخفاض في القدرة التنافسية في السوق. واستطرد قائلا:" قد تكون هناك عائدات ضريبية أعلى للحكومة، ومزيد من الأرباح للشركات الكبيرة. على العكس بالنسبة للشركات الصغيرة ، إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة."