قال عبد الكريم الجياش المستشار بشركة الكهرباء الليبية، والمسئول السابق عن ملف الكهرباء بالمؤتمر الوطني سابقاً (البرلمان المؤقت)، إن الأوضاع الأمنية التي تشهدها العاصمة طرابلس وبغازي (الشرق) أثرت على عدم استقرار الشبكة، ما أضطر الشركة إلى تخفيف الأحمال وذلك بقطع الكهرباء سبع ساعات يوميا عن مختلف أنحاء البلاد. وأشار الجياش في حديثه مع وكالة الأناضول، اليوم الثلاثاء، إن السبب في تخفيف الأحمال هو نقص الوقود الذي يزود محطات الكهرباء خاصة في مناطق الإضطرابات، إلى جانب عدم القدرة على إصلاح المحطات التي جرى الاعتداء عليها، بجانب انقطاع بعض خطوط توزيع الكهرباء. وتابع: "محطات الكهربائية تصل قيمتها المالية إلى مليون يورو تعرضت للقصف، وبعض المحطات تعطلت نتيجة عدم تزويدها بالوقود". وتقول شركة الكهرباء الليبية، وفق أحدث الإحصائيات، إن الإنتاج الحالي يتراوح بين 4500 ميغاوات إلي خمسة آلاف ميغاوات، بعجز يترواح بين 700 إلى 1500 ميغاوات. واندلعت مطلع الشهر الماضي اشتباكات مسلحة عنيفة بين غرفة عمليات ثوار ليبيا وقوات يقودها ثوار سابقين من مدينة مصراته تطلق على نفسها اسم "قوة حفظ أمن واستقرار ليبيا" من جهة مع كتائب "القعقاع" و"الصواعق" و"المدني" المتمركزة في مطار طرابلس والقادمة من بلدة الزنتان من جهة أخرى في قتال للسيطرة على المطار طرابلس، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحي، بينما تستمر تلك الاشتباكات بشكل متقطع. وأوضح الجياش في تصريحاته لوكالة الأناضول، أن مركز التحكم في العاصمة طرابلس جرى قصفه أكثر من مرة، وفرق الصيانة لم تتمكن من الوصول وبعض الفرق التي حاولت الوصول إلى المركز جرى الإعتداء عليها. وذكر أن عمال الشركة يعملون لإعادة التيار الكهربائي إلى كل المناطق حالياً، موضحاً أن التيار الكهربائي عاد لما يقارب من 70 % من الدائرة الكهربائية في البلاد. وأشار إلى أن الشبكة الكهربائية معرضة لخروجها عن الخدمة مرة أخرى إذا لم يتمكن موظفو الكهرباء من الوصول إلى المحطات المتضررة بسبب الاشتباكات في مدينتي طرابلس وبنغازي. وذكر أن محطة سرت التي يجرى تشييد باقي وحدات الإنتاج بها، تركها كافة العمال الأجانب ولم يبقى بها سوى القليل من العمال الليبيين، مشيرا إلى أن وحدة الإنتاج الوحيدة بالمحطة تعمل بأقل من قدرتها الإنتاجية. وعلقت مجموعتي هيونداي ودوسان الكوريتين الجنوبيتين أعمال البناء بمحطة سرت للكهرباء التي من المقرر أن تصل قدرتها الإنتاجية إلى 1400 ميغاوات بسبب مخاوف أمنية ولم يبدأ الإنتاج بها حتى الآن سوى من وحدة قدرتها 350 ميغاوات، لكنها تعمل بأقل من قدرتها وتقوم بتوليد 175 ميغاوات فقط. ويرجح الجياش سبب نقص التغذية للمحطات الكهربائية هو نقص الوقود الناتج عن الحرائق الحالية في خزانات الوقود في طرابلس. وأشار الجياش إلى أن محطة مصراتة الكهربائية تعاني من عملية نقص إمدادات الغاز نتيجة استهلاك مصنع الحديد والصلب 80 مليون قدم مكعب من الغاز، بينما استهلاكه الطبيعي ب 30 مليون قدم مكعب نتيجة تشغيل المصنع بكامل طاقته، ما أثر على الكمية الموجه إلى محطة مصراتة التي تغذي المنطقة الوسطى بليبيا، وتغذي أيضا محطة الخمس الكهربائية (تمد الغرب بالكهرباء) بالغاز الطبيعي عبر أنابيب، ما أدى تخفيض الأحمال بالمنطقة الوسطى والغربية. ومحطة مصراتة الكهربائية يخرج منها أنابيب غاز طبيعي لتغذية محطة الخمس. وذكر الجياش أن هناك نقصا حادا في الغاز القادم من ميناء البريقة المتصل بحقول الغاز، والذي يغذي المناطق الداخلية في ليبيا مباشرة، رغم أنه ظل مفتوحا حتى وقت سيطرة المسلحين عليه، وتوقف عن العمل منذ ما يقرب من شهر، نتيجة للاعتصامات. وذكر أنه جرى تخفيف الأحمال أيضا في المنطقة الشرقية، التي فقدت المحطات العاملة بها نحو 2000 ميغاوات. كما أوضح بأن محطة اوباري الكهربائية في جنوب ليبيا، والتي كان مقررا افتتتاحها مطلع الشهر الماضي، لم تستكمل نتجية الأوضاع الأمنية مما سبب اتقطاع الكهرباء لفترات تصل إلي 10 ساعات يومياً. ونزحت ثمانية ألف أسرة ليبية من طرابلس نتيجة الاشتباكات العنيفة بين التشكيلات المسلَّحة المتصارعة في طرابلس التي اشتعلت منذ شهر، استهدفت بالدرجة الأولى المؤسَّسات المدنية الحيوية العامة، مثل المطار والمدارس ومستودعات الوقود والمصانع والمصحات الطبية وغيرها، علاوةً على عشرات الآلاف من المدنيين في أحيائهم السكنية ومزارعهم والذين وجدوا أنفسهم دروعًا بشرية ورهائن لهذه الحرب الكارثية المجنونة، ما يرتقي بحسب المراقبين المستقلين إلى جرائم ضد الإنسانية.