أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو" ، أن التطور الحثيث الذي وصلت إليه المنظمة خلال مسيرتها التي دخلت في الشهر الماضي سنتها الثانية والثلاثين، يُكسبها بُعدًا استراتيجيًا، يرتقي بها إلى مستوى المنظمات الناجحة والمتفوقة والمتميزة ذات الحضور الفاعل والثقل الوازن والإشعاع النافذ، موضحًا أن هذا النجاح المتراكم الآخذ ُ في التصاعد يعزّز من مكاسب العمل الإسلامي المشترك، ويضاعف من الرصيد العملي للإيسيسكو التي هي الضميرُ الثقافيُّ للعالم الإسلامي. ووصف في كلمة ألقاها في المجلس التنفيذي للإيسيسكو التي عقدت في المقر الدائم بمدينة الرباط الدورة الخامسة والثلاثين للمجلس ، بأنها تكتسي خصوصية من تجلياتها الكثيرة الدَّالة على أهميتها، الارتفاعُ الكبير في نسب الإنجازات التي نفذت، وفي توسيع مجالاته، وفي إيجاد شراكات جديدة، وفي جلب موارد مالية إضافية، وفي التطور المطرد الذي تحقق للمنظمة على المستويات الثلاثة؛ الارتقاء في تطوير الإدارة، وتحسين الأداء، وتجويد العمل، وترشيد الإنفاق، والتجديد في الإنجازات، والتمديد في مجالات التنفيذ وفي آفاق التطبيق للبرامج والمشروعات، والتوسّع في الانفتاح على ساحات العمل الدولي في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات المنظمة، من خلال تفعيل منظومة التعاون والشراكة مع المنظمات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، سعيًا وراء تأكيد حضور العالم الإسلامي في المحافل الدولية، لتقديم رؤية الحضارة الإسلامية إلى القضايا الإنسانية المطروحة في المحافل الفكرية والتربوية والثقافية والعلمية العالمية. واستعرض الدكتور عبد العزيز التويجري إنجازات الإيسيسكو خلال الدورتين السابقة والحالية، فقال إن المنظمة حرصت في مجال التربية على أن تنطلق خلال السنة الأولى من خطة العمل الحالية، من العمل في إطار قطاعين اثنين يشكلان أولويتين، هما : تطوير المنظومات التربوية، وتعزيز دور التربية في ترسيخ القيم الإنسانية المشتركة ومعالجة قضايا التنمية. وفي هذا الإطار تم تنفيذ 107 من الإنجازات، من مجموع 126 إنجازا ً، بنسبة تنفيذ 85 في المائة. ويشمل ذلك مجالات تعميم التربية الأساسية، وتحقيق جودة التعليم، وتعزيزَ التنافسية في التعليم العالي، والتربية َ البيئية والصحية والسكانية، والتربية َ على القيم الإنسانية المشتركة. كما ذكر أن الإيسيسكو انطلقت من ثلاثة قطاعات علمية ذات الألوية، هي : تعزيز القدرات العلمية والتكنولوجية لتحقيق التنمية، والمحافظة على المحيط البيئي الحيوي، وتسخير العلوم الإنسانية والاجتماعية في تعزيز السلم الاجتماعي. وقد تم في هذا الإطار تنفيذ 86 إنجازا ً من مجموع 99 إنجازا ً بنسبة تنفيذ 87 في المائة. وتغطي هذه الإنجازات مجالات تجديد سياسات العلوم وتدبيرها، وتعزيزَ القدرات التقانية، وترسيخَ ثقافة التجديد في التعليم العلمي، والمحافظة َ على الموارد الطبيعية واستخدامها على نحو مستدام، والتخفيفَ من المخاطر المحدقة بالبيئة وإدارة الكوارث، وتعزيزَ التماسك الاجتماعي، وتحسينَ جودة الحياة. وبين أن الإيسيسكو اهتمت في مجال الثقافة والاتصال بالعمل في إطار ثلاث أولويات، هي: التبادل والتنوّع الثقافي في خدمة الحوار والاستقرار والسلم، والثقافة والتراث : أداتان للاندماج الاجتماعي وقيمة اقتصادية، وبناء مجتمع المعلومات ومعالجة الصور النمطية المتبادلة. وفي هذا الإطار تم تنفيذ 76 إنجازا ً من مجموع 94 إنجازا ً، بنسبة تنفيذ 81 في المائة. وتشمل الإنجازات في هذه المجالات، الحوارَ بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، والتنوعَ الثقافي والتعددية اللغوية والمذهبية، والمقاربة التشاركية للتراث، ودعمَ حرية التعبير وتعميم الولوج إلى المعلومات وتداولها، وبناءَ القدرات المهنية للعاملين في مجال المعلومات والاتصال. وأشار إلى أن الإيسيسكو عملت في مجال العلاقات الخارجية والتعاون، على تعزيز التعاون والشراكة مع المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية، ومع الهيئات الحكومية وغير الحكومية، ومع المؤسسات المالية والجهات المانحة والقطاع الخاص. كما اهتمت المنظمة بتطوير الأبعاد التنموية للعمل الإنساني على صعيد العالم الإسلامي. وقد تم في هذا الإطار التوقيع على ثماني عشرة (18) اتفاقية َ شراكةٍ وبرنامجَ تعاون، وعقد سبعة وثلاثين (37) اجتماعًا تنسيقيًا للجان المشتركة، والمشاركة في خمسة وثلاثين (35) مؤتمرًا دوليًا وإقليميًا. وأوضح أن هذه الإنجازات المنفذة، تدخل في إطار الهدفين الاستراتيجيين لخطة العمل الثلاثية الحالية، وهما : دعم جهود الدول الأعضاء لتحقيق التنمية، وتصحيح المعلومات الخاطئة عن الإسلام والمسلمين ومعالجة ظاهرة التخويف من الإسلام، التي يصطلح عليها بالإسلاموفوبيا. وقال إن المنظمة نجحت في تنفيذ 385 إنجازا ً من مجموع 445 إنجازا ً خلال السنة الأولى من الخطة الثلاثية، بنسبة تنفيذ بلغت 87 في المائة. موضحًا أن هذه نسبة ٌ عالية تعكس مدى الجهود المتواصلة التي بذلتها الإيسيسكو. وتحدث المدير العام للإيسيسكو عن انعكاسات المرحلة الدقيقة التي يمر بها العالم الإسلامي، بل يعيشها العالم أجمع، على مجمل العمل الإسلامي المشترك في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات الإيسيسكو، فقال إن لها تأثيرًا ضاغطًا على عدة مستويات، منها المستوى المادي، لأن الموارد التي تحصل عليها المنظمة من الدول الأعضاء، لا تفي بمتطلبات التنفيذ الكامل لخطة العمل الثلاثية، وهو ما يجعل المنظمة تسعى إلى البحث عن موارد إضافية خارج الموازنة. وذكر أن جهودًا متواصلة ومساعيَ مستمرة لتوفير الموارد الإضافية من خلال الاتصالات التي يجريها مع المنظمات والهيئات التي ترتبط معها المنظمة باتفاقيات للتعاون والشراكة، ومع بعض الشخصيات والجهات المانحة. كما أن الأنشطة التي يقوم بها المدير العام، والتي تدخل ضمن السياسة العامة للمنظمة، تهدف إلى تقوية علاقات التعاون مع الدول الأعضاء والهيئات الموازية والأقليات والجاليات الإسلامية، وإلى مدّ الإشعاع الفكري والعلمي للمنظمة وتعزيز حضورها على الساحة الدولية، وإلى الإشراف الميداني على أنشطة المنظمة. وأكد الدكتور عبد العزيز التويجري أن المواجهة الفاعلة للتحدّيات التي تعترض سبل التقدم الشامل والتطور الإيجابي والتغيير البنّاء أمام العالم الإسلامي، لابد أن تمرّ عبر تجديد منظومة التربية والتعليم، وتطوير العلوم والتكنولوجيا، وتشجيع الابتكار، وتحديث الثقافة وتفعيل دورها في خدمة المجتمع، والولوج إلى مجتمع المعرفة. وقال إن تلك هي المجالات الأكثر حيوية ً التي تعمل فيها الإيسيسكو، وهو الأمر الذي يسمح لنا أن نقول إن حاجة العالم الإسلامي إلى الإيسيسكو تَتَزَايَدُ بإطراد، وإن الخدمات التي تقدمها هذه المنظمة للدول الأعضاء وللمجتمعات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، تساهم بشكل كبير في دعم التنمية التربوية والعلمية والثقافية والاتصالية، وتعزز من مكانة العالم الإسلامي على الصعيد الدولي، وتصبّ جميعُها في تجديد البناء الحضاري وصناعة المستقبل.