مثلما يلقي ترشح المشير السيسي لرئاسة مصر قبولا لدى فئات كثيرة من الشعب المصري فإنه يواجه على الجانب الآخر أيضا رفضا من قبل قوي وحركات لا يستهان بها من فئات الشعب . ففي بداية يوليو الماضي وبعد تظاهرات 30 يونيو التي احتشدت بميادين مصر، أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا سمي وقتها ببيان "المهلة" لتحديد مطالب الشعب، حيث حمل نص البيان تأكيدا على أن "القوات المسلحة لن تكون طرفاً في دائرة السياسة أو الحكم ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها". وقد تحدثت عدد من الوسائل الإعلامية بعد عزل مرسي على أن السيسي لن يترشح للمنصب مثل ما صرح الدكتور محمد البرادعي لصحيفة واشنطن بوست مطلع أغسطس الماضي، وبعدها حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية الذي قال في بيان له "لفريق قال إنه لن يترشح للرئاسة ونحن نصدقه". إلا أنه ومع بداية سبتمبر عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، ظهرت حركة "كمل جميلك" وبدأ الحديث عن دعم السيسي كرئيس للجمهورية وأطلقت التصريحات تأييدا له، واستمرت تلك التصريحات والأحاديث حتى ألمح المشير في خطاب له قبل أيام أنه لن يدير ظهره للشعب المصري. وكان فيديو مسرب أذاعته قناة الجزيرة الفضائية قبل عدة أشهر خلال الحوار الصحفي للمشير مع ياسر رزق رئيس تحرير صحيفة المصري اليوم وقتها، تحدث فيه السيسي عن فكرة الترشح للرئاسة خلال أحلاما رآها منذ 35 عاما بارتدائه ساعة أوميجا وصوتا يحدثه "سنعطيك ما لم نعطه أحد"، وكذلك بالرئيس الراحل أنور السادات قائلا له "أنا عارف إني حكون رئيس جمهورية". ووسط جموع وأصوات مطالبة بترشيح المشير لرئاسة مصر تبرز على جانب آخر أصوات عالية تؤكد رفضها التام ومعارضتها لترشحه ، وترجع أسباب رفضها إلى ضلوعه ومسئوليته الرئيسية في فض رابعة وتورطه في دماء شهدائها وآخرون يرونه ما حدث في 30يونيو انقلابا على الشرعية . ويمكن تقسيم المعارضين لفكرة الترشح على المستوى الأيديولوجي إلي : ليبراليين : وأغلبهم من حركة 6 ابريل وحزب الغد أيمن نور إسلاميين: وأبرزهم الإخوان وما يسمي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية يساريين : الاشتراكيين الثوريين اولا : الليبراليون حركة 6 ابريل أعلنت الحركة رفضها لترشح السيسي لمنصب رئاسة الجمهورية، قائلة أن تلك الخطوة، "لن تكون في صالح الوطن المنقسم بالأساس ٍ حول شخصيته وطبيعة ما حدث في 30 يوليه ولن تحقق أهداف ثورته، بل ستزيد الأزمة احتقانا وتبعدنا عن الاستقرار"، فأكدت أن حالة الانقسام والاستقطاب في الشارع المصري لا يمكن تجاهلها. الحركة تأسست عام 2008 وكان لها الدور الأبرز فيما قبل ثورة 25 يناير، وقامت سلطات الأمن المصرية بالقبط على مؤسسها الناشط أحمد ماهر ووضعته خلف القضبان بتهمة التعدي بالضرب على مجندي الأمن المركزي وإصابة 6 منهم، وتنظيم مظاهرة بدون ترخيص خلال التحقيق مع ماهر نفسه بعد اتهامه في أحداث مجلس الشورى نوفمبر الماضي. وكانت الحركة طالبت في بيان لها قبل أيام بتغليب مصلحة الوطن وجعلها فوق المصالح الشخصية ، مشيرة إلى أن ابتعاد المشير السيسي عن الساحة السياسة هو حفاظ على الجيش المصري، وفي تصريحات لنشطاء في الحركة أكدوا أن رفضهم لفكرة الترشح سببها هو عجز السيسي حتى الآن في التعامل مع الملف الأمني ومواجهة العنف في سيناء بل وانتقاله إلى ربوع مصر. حزب الغد أيمن نور أما الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب غد الثورة، فقد كشف مؤخرا عن اتصال تلقاه من المشير أخبره خلاله أنه كان غاضبا منه، مضيفا أن مطالبته «السيسي» بخلع ملابسه العسكرية إذا أراد العمل في السياسة ليس هجوما عليه، وأن الجيش جزء من المعادلة الوطنية وليس السياسية. لافتا إلى أنه يرى أن 3 يوليو هو انقلاب، وأن المسار الذي حدث بعده فرضه السيسي على الشعب وكان عملا انقلابيا، مضيفا أن "السيسي هو أساس الأزمة الآن و ليس جزءا من الحل، وأ، ترشحه سيعقد المشهد أكثر . ورفض مؤسس حزب الغد الأوضاع الحالية في مصر واصفا إياها بأنها أسوء مما قبل ثورة 25 يناير، كما رفض أسلوب الإقصاء من الحياة السياسية واعتبار الإخوان جماعة إرهابية. ثانيا: الإسلاميون الإخوان المسلمين منذ اللحظة الأولى لإعلان بيان 3 يوليو وعزل الدكتور محمد مرسي، ثارت الانتقادات ضد الفريق السيسي، حيث اعتبر أعضاء الجماعة أنه انقلب على الشرعية في الوقت الذي كانوا يرددون فيه أن الجيش وتحركاته كلها داعمة لهم ول"شرعية الرئيس محمد مرسي"، كما أعلن على لسان قيادات الجماعة آنذاك . وقد وصفت الجماعة – في بيان لها - حديث السيسي وتلميحه بترشح الرئاسة وعدم استطاعته إدارة ظهره للشعب المصري، بالحجة كاذبة يرددها دوما الحكام الديكتاتوريون، وأضافت أنه " تكلم عن الترشيح للرئاسة وتجاهل أن الرئيس الشرعي المنتخب. ووصفت الجماعة في بيانها السيسي بأنه " قام بالانقلاب للاستيلاء على الحكم وتحقيق حلم الأوميجا الشهير"، مضيفة أنه " حنث بالأيمان المغلظة التي أقسمها أنه والعسكر لا يريدون السلطة ولا يتطلعون للحكم، ولا عجب فقد نقض اليمين الذي أقسم به على احترام الدستور والقانون، وخان الأمانة، وغدر بالرئيس الشرعي الذي عينه". التحالف الوطني لدعم الشرعية كما عارض "تحالف دعم الشرعية " كل التحركات السياسية منذ 30 يونيو وعزل الدكتور محمد مرسي وأكدوا أن ما حدث هو "انقلاب عسكري مكتمل الأركان"، واستمرت تظاهراتهم الرافضة لأكثر من تسع شهور رغم التعامل الأمني العنيف ضد تظاهرات ومقتل واعتقال الآلاف. فقيادات التحالف لا تعترف بخريطة ما بعد 3 يوليو وأكدوا أنه لا ترجع عن عودة الدكتور محمد مرسي لمنصب الرئاسة، وأوضحوا أن سلطة "الانقلاب غير شرعية قضت على أصوات الملايين المشاركين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية". تنصيب وليس انتخابات ومن ناحية أخري وقبل عدة أيام عقد الناشط الحقوقي والمرشح الرئاسي السابق خالد علي مؤتمرا صحفيا، معلنا رفضه الدخول في تمثيلية يقوم فيها بدور المحلل بينما يصفق الجمهور للسيسي و اعتبر أن تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات وقانون الانتخابات الرئاسية كلها مؤشرات لعملية تنصيب السيسي للمنصب وليس انتخابات تقوم على الاختيار الحر خاصة في ظل انسحاب أغلب المنافسين المحتملين مثل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والفريق سامي عنان وتصريح الفريق الهارب أحمد شفيق بأنه لن يترشح حال ترشح السيسي للمنصب. الجيش والسياسة والمعارضة بينما علت أصوات أخري تعارض الترشيح أي مرشح عسكري بسبب رفضهم فكرة الحكم العسكري الذي استمر في البلاد لأكثر من ستين عاما ودعم مفهوم الديمقراطية والحكم الديمقراطي برئيس مدني منتخب التوجه الذي مثله حزب الدستور الذي أسسه الدكتور محمد البرادعي. حركة تمرد والانقسام حول الترشح حركة تمرد التي تأسست لجمع التوقيعات ضد حكم الإخوان والتي كانت أحد محركات الشعب والتظاهر في 30 يونيو وعزل محمد مرسي، شهدت انقسامات حادة واتهامات بين أعضائها وقياديها ففي الوقت الذي يدعم فيه حسن شاهين ومحمد عبد العزيز حمدين صباحي كمرشح للثورة، ظهر الخلاف الحاد مع محمود بدر الذي أعلن دعمه للسيسي، وثارت الانقسامات والاتهامات بين رفقاء الأمس. حزب مصر القوية "انقلاب " ورفض حزب مصر القوية برئاسة عبد المنعم أبو الفتوح أيضا ترشح المشير السيسي، واعتبروه قفزا على مطالب ثورة 25 يناير وتعد على الدولة المدنية، وأكد الحزب في بيان له على حق الترشح لكل مدني يستوفي الشروط في ظل بيئة سياسية تسمح بالمنافسة الشريفة، ولكن دون أن يصبح الترشح مواجهة لمؤسسات الدولة بقيادة عسكرية للمشهد. اقرأ فى هذا الملف * "محيط" تكشف السر وراء تأخير الإعلان وتسريبات تؤكد تراجعه عن الترشح * ملفات خطيرة على مكتب وزير دفاع مصر قبل إعلان اسم الرئيس الجديد * رجال أعمال حول السيسي * أيام الحسم .. وتحديات تواجه المشير ** بداية الملف