خلال الاجتماع الثاني للمهندسين| عيسى: اللائحة وضعت لحماية المهنة.. و"ترك" يستعرض آليات تنفيذها    الأحد والأثنين المقبلين إجازة للقطاع الخاص بمناسبة عيدى العمال وشم النسيم    رئيس جامعة قناة السويس يهنئ السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    20 جنيها تراجعا في سعر الذهب عيار 21 اليوم.. اعرف الجرام بكام؟    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم الثلاثاء    البورصة تهبط 1.08% في مستهل تداولات اليوم    وزير الإسكان: ندعم شركات القطاع الخاص في تنفيذ مشروعاتها بالسوق المصرية    وزارة الإعلام الكويتية: زيارة أمير البلاد لمصر تجسيداً لمتانة علاقات القيادتين    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    محتمل إصداره أوامر باعتقال نتنياهو.. من هو كريم خان المدعي العام للمحكمة الدولية؟    بعد اصابته في السمانة.. الأهلى يفحص الشناوى اليوم قبل إعلان قائمة الإسماعيلى    تأجيل محاكمة المتهم بدهس طبيبة بيطرية بسيارته بالتجمع الخامس    لليوم الثاني على التوالي.. طلاب النقل بالقاهرة يؤدون امتحانات المواد غير المضافة للمجموع    أخلاقنا الجميلة.. «أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلا يحبنا على ما نحن عليه أو بمعنى أدق يحبنا برغم ما نحن عليه»    «نادر الحدوث».. «الصحة» تصدر بيانا بشأن الإصابة بجلطات بسبب لقاحات كورونا    أسترازينيكا: لقاح كورونا يسبب أثارا جانبية مميتة| فما مصير من تلقي اللقاح؟    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    بسبب ثوران بركان جبل روانج.. إجلاء آلاف الأشخاص وإغلاق مطار دولى بإندونيسيا    وزير المالية: مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة يؤكد قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية    مواعيد مباريات الثلاثاء 30 إبريل - ريال مدريد ضد بايرن.. وكلاسيكو السعودية    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    مصادر: من المتوقع أن ترد حماس على مقترح صفقة التبادل مساء الغد    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    «مصر للصرافة» تجمع حصيلة من العملات تعادل 8 مليارات جنيه    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    بين تقديم بلاغ للنائب العام ودفاعٌ عبر الفيسبوك.. إلي أين تتجه أزمة ميار الببلاوي والشيح محمَّد أبو بكر؟    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصرع القذافي .. المصير الحزين الذي حذر منه ميدفيديف بشار الأسد
نشر في محيط يوم 22 - 10 - 2011

سبحان الله .. عاش القذافي حياته كحاكم طاغٍ مغرور مصاب بجنون العظمة .. فأغتر وافترى .. ثم فجر وأجرم .. ثم قتل ومات ميتة الطغاة الذين لعنهم الله، ولعنهم الناس والتاريخ .. فهؤلاء مأواهم- لا محالة- جهنم وبئس المصير.
وحتى حين قبض عليه لم يتخل عن غروره وصلفه، فمع أنه يعلم بأنه هارب من سرت خشية أن يلقي ثوار ليبيا القبض عليه أو يقتلوه، خرج من الحفرة التي كان يختبئ بها (بعد أن تعرض ركبه لهجوم) ليسأل آسروه من الثوار عما يجري!! ثم جرى بعد ذلك ما جرى .. إلى أن انتهى أمره كمجرم وطاغية إلى مزبلة التاريخ.
وحتى ندلل على صدق قولنا بأنه كان طاغية ومجرم .. نستعرض أهم المفاصل الرئيسة التي مرت بها سياسته خلال 42 عاماً التي حكم فيها البلاد، والتي لعبت دورا حسماً في تثبيت كل ما من شأنه أن يجعل منه شخصيةً يلفها الغرور والصلف والإجرام، لدرجة أنه اعتبر نفسه صانع ليبيا وأن ليبيا بدونه لن تكون ليبيا الجماهيرية الإشتراكية .. العظمى!!!.
الغرور وجنون العظمة .. هما قاتلا القذافي
في سبتمبر عام 1969 قام وزملاؤه بانقلاب عسكري على الملك الطيب العجوز، وأحلوا النظام الجمهوري بدلا من النظام الملكي الذي كان يسود البلاد قبل قيام ما يسمى بثورة الفاتح من سبتمبر.
ولحسن حظه أو سوئه، جاء انقلابه في وقت كان الزعيم العربي المرحوم جمال عبد الناصر، يمر بمرحلة صعبة أمام أعدائه في المنطقة العربية وفي الغرب، ما جعل من انقلاب القذافي وزملائه- آنذاك- دعما ثميناً لدعوة القومية العربية التي كان ينادي بها ويتبناها الزعيم العربي عبد الناصر. زد على ذلك أن القذافي سار على نهج عبد الناصر في العمل على تحقيق الوحدة بين الشعوب العربية، حيث وقع معه والرئيس السوداني على وثيقة قيام الوحدة بين مصر وليبيا والسودان، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في تبني المرحوم عبد الناصر للثورة التي قادها القذافي.
ليس من شك أن الصفات التي أطلقها الراحل عبد الناصر عليه- آنذاك- كان لها أثر رئيس في نمو بذرة الغرور لديه، حيث بدأه بالتخلص من عدد من زملائه الذين شاركوه الانقلاب على الملك. وليس ثمة مغالاة إذا قلنا بأن هذا الغرور أدى- في نهاية الأمر- إلى إصابته بجنون العظمة الذي يعتبر البداية الحقيقية لكل ما ارتكبه من جرائم بحق شعبه ومعارضي سياساته، وهذا ما لم يكن يتمناه الزعيم الراحل حين احتضن القذافي واستبشر به خيراً.
والواقع أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل دفعه الغرور وجنون العظمة إلى اتباع النهج الاستبدادي في حكم ليبيا، والذي جعل من شخصه المحور الرئيس الذي تدور حوله كل الحياة في ذلك البلد. كما صوَّر نفسه وكأنه الوحيد القادر على منح الشعب الليبي الطيب، كل مقومات الحياة المادية والمعنوية التي يحتاجها في حياته اليومية. فكان يقتل من يقتل ويدمر ما يدمر من أجل تثبيت هذا النهج .. متدثراً بدعوى تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين. والحقيقة أنه لم يكن يهمه إن كانت ضحاياه بريئة أم لا .. فالمهم عنده أن يخضع الجميع لما يريد ويؤمنون بما يقول دون مناقشة أو اعتراض.
ولعل من أبرز الجرائم التي ارتكبها- قبل فعلته الأخيرة في تدمير ليبيا وقتل المدنيين والثوار الليبيين وهدر عوائد النفط- قتله لما لا يقل عن ألف ومائتين من السجناء والمعتقلين في سجن أبو سليم دفعة واحدة. أضف إلى ذلك أن أهالي هؤلاء السجناء ظلوا يجهلون مصير أبنائهم حتى نجحت الثورة الليبية في استعادة العاصمة طرابلس من يدي هذا الطاغية، حيث اكتشفت مقبرة جماعية تضم رفاتهم.
لقد بلغ الغرور بهذا الطاغية وجنون العظمة لدية حد توجيه انتقادات علنية للراحل السادات الذي أمر الجيش المصري بعبور القناة وتدمير خط برليف عام 1973 ، دون أن يحيط القذافي بهذا الأمر مسبقاً. والمعروف أن الرئيس السادات لم يطلع أحداً من الحكام العرب أو الأجانب بهذا الأمر (باستثناء شريكه في تلك الحرب الراحل حافظ الأسد). وليس من شك أن هذه السرِّية كانت من أظهر العوامل التي ساعدت على نجاح الجيش المصري في اجتياح خط بارليف وتدميره والاستيلاء عليه في زمن قياسي وبأقل الخسائر.
ولعل من أكثر الدلائل التي تشير إلى تحول هذا الغرور إلى إصابة القذافي بمرض جنون العظمة وشعوره بالتفوق على سائر البشر (دون مبالغة) .. أنه وضع ما يعرف ب"الكتاب الأخضر" الذي اعتبره الطريق الثالث الذي يخلص العالم من شرور الرأسمالية والشيوعية!!!.
فشل القذافي في أن يكون خليفة عبد الناصر
ليس من شك أن القذافي فشل في أن يكون زعيما للأمة العربية بعد رحيل عبد الناصر، كما فشل في تحقيق أيٍ من محاولاته المتعددة لإقامة وحدة عربية شاملة. وكان هذا- في نظر المراقبين والمتابعين لسياساته داخل ليبيا وخارجها- أمراً متوقعاً لسببين:
أولهما أن الحكام العرب كانوا وما زالوا على حالهم من حب السيطرة والتفرد بشعوبهم واستخدام النهج الاستبدادي في حكم بلادهم، تماما مثلما كان يفعل هو في التعامل مع شعب ليبيا.
والثاني: أن الشعوب العربية التي اكتشفت الأهداف الحقيقة من دعوته للوحده، (وهي خلافة عبد الناصر) في تزعم الأمة العربية إشباعاً لغرورة واستجابة لجنون العظمة التي كانت تسيطر على تفكيره ومواقفه .. ما كان لهذه الشعوب أن تقبل بدعوات الوحدة التي كان ينادي بها هذا الطاغية.
ذلك أن خاصة الإستشعار التي منحها الله لها في تقويم صلاحية الحكام لقيادتها- وكلهم اعتلوا سدة الحكم بطرق غير مشروعة- كانت راسخة لديها بدرجة أظهرت أن هذا الطاغية، لا يصلح حتى لحكم مدينة أو قرية أو قبيلة في ليبيا. وليس من شك أن هذا ما أحبط طموحاته في زعامة الأمة العربية خلفا للراحل جمال عبد الناصر.
والواقع أن هذا الأمر يعتبر- في نظر المراقبين- طبيعيا، ذلك أن النظام الرسمي العربي الذي يشارك القذافي أسلوبه الاستبدادي في حكم الشعوب، ما كان ليقبل به زعيما له. كما أن الشعوب العربية التي عانت وما زالت تعاني من استبداد الحكام العرب، لا يمكنها أن تقبل به زعيماً .. لا قوميا .. ولا إسلاميا .. ولا علمانيا .. ولا أي شكل آخر من أشكال الحكم!!!.
هذا الغرور وكذلك جنون العظمة اللذان هيمنا على تفكير القذافي، لم يفارقانه في كل المناسبات التي كانت تجمعه بالحكام العرب سواء فرادى أو مجتمعين، ما أدى إلى المزيد من المواقف غير السوية التي اتخذها القذافي على المستويات المحلية والإقليمية والدولية فيما بعد.
ففي إحدى مؤتمرات القمة حدث أن برر القذافي رفض الرد على نقد أو اعتراض أحد الحاضرين له، بدعوى أنه عميد القادة العرب، وأنه ملك ملوك أفريقيا!!!. ولعل مثل هذا الموقف، كان البداية في توجهه نحو أفريقيا كي يشبع الغرور وجنون العظمة اللذين لا يختلف اثنان على وجود هاتين الآفتين فيه.
وحين اكتشف القذافي استحالة تحقيق حلمه في زعامة الأمة العربية وتحقيق مشاريعه بصدد إقامة الوحدة العربية، ثار وصال وجال وأزبد وعربد، لدرجة أن اعتبر نفسه ونظامه وشعبه ليسوا من هذه الأمة، وأن انتماؤه والشعب الليبي هو لأفريقيا.
ليس من شك أن توجهه نحو أفريقيا أوهمه بتحقق (الحلم الوهم) في أن يكون زعيم القارة الأفريقية، في الوقت الذي استغل فيه بعض رؤساء الدول الأفريقية نقطة الضعف هذه في استنزاف أموال طائلة من عائدات النفط الليبي، والتي كان يفترض أن تنفق على المشاريع الإنمائية في ليبيا. فقد ذهب هؤلاء في إشباع شعور القذافي بالعظمة إلى حد تتويجه ك "ملك ملوك أفريقيا" وذلك في احتفال شبيه باحتفالات تنصيب رؤساء الدول!!!. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
فحين هبت رياح التغيير على المنطقة العربية في الشمال الأفريقي والشرق الأوسط، كان الشعب التونسي أول من استجاب لهذه الرياح التي ذهبت بالرئيس المستبد بن علي. حينها شاهدنا الطاغية القذافي يخرج على الناس عبر التلفزيون الليبي الرسمي برأي يمدح فيه (الزين) الرئيس التونسي المخلوع، ويبشر الشعب التونسي بمستقبل قاتم نتيجة خلع بن على من الحكم!!. بينما رأينا قادة الجزائر والمغرب يسارعون بالإعلان عن إصلاحات سياسية واقتصادية في بلديهما، تحسباً مما قد تفعله رياح التغيير في بلديهما إذا ما ظلوا على مواقفهم آنذاك من شعبيهما، والتي لم تخل من القسوة والاستبداد والفساد شأنها شأن سائر النظم العربية الرسمية الأخرى.
ونتيجة لنجاح الثورة في تونس ونجاح الثورة المصرية التي أعقبتها، وأذهلت العالم بالأسلوب الحضاري (المتفرد) الذي سلكه الشعب المصري في وقوفه ضد النظام والمطالبة برحيله .. حتى تحقق له ما يريد ،،،
،،، نقول نتيجة لنجاح هاتين الثورتين، هب الشعب الليبي في كل مدنة وقراه ضد حكم القذافي وعائلته، مطالباً برحيله وأبنائه وأتباعه، الأمر الذي لم يستطع القذافي أن يتفهم أسباب ثورة شعبه المفاجئة وانقلابهم عليه، وبذلك الزخم الذي شهدته المدن الليبية.
فتحرك لديه جنون العظمة والشعور بالغرور، ودفعاه- منذ البداية- إلى استخدام الرصاص الحي في قمع التظاهرات التي تطالبه وعائلته بالرحيل، دون أن يحاول مجرد التبصر أو استشارة العقلاء في حاشيته، بما يتوجب عليه من عمل يؤدي إلى تهدئة جموع المتظاهرين.
بل رأيناه يستخدم الأسلحة الثقيلة من دبابات وطائرات وصواريخ لقمع المظاهرات التي اجتاحت مدن الشرق الليبي وبعض مدن وقرى الغرب إضافة للعاصمة طرابلس، ما أقنع قادة الثورة بأن مقارعة هذا الطاغية لن تكون إلا باللجوء للمقاومة المسلحة، وبخاصة أن كتائب القذافي التي كانت تتمتع بتفوق كبير على الثوار في العتاد والعدد، أخذت تعيث في مدن ليبيا وقراها فساداً من كل نوع، كما أخذت تهدد مدينة بنغازي التي كانت معقل الثوار بالإبادة بدعوى أنها تأوي الثوار الخونة الذين استعانوا بالغرب في ثورتهم على القذافي.
وهنا نستطيع القول بأن الغرور وجنون العظمة اللذين كانا يسيطران على عقل القذافي ووجدانه، دفعاه للمضي قدما في إعمال القتل والتنكيل والتعذيب في الثوار والاعتداء على حرائر ليبيا وشيوخها وأطفالها. لكن صمود الثوار أمام هذا الطاغية كان اقوى من سلاحه وعتاده ومرتزقته، لأن الشعب الليبي ثار (أصلاً) لكرامته التي عمل القذافي طيلة سنوات حكمه التي بلغت أكثر من 42 عاما على تدميرها، وإذلال كل من يحاول الاعتراض على قراراته، ولا يسير في ركب سياساته التي أشاعت الفساد والإفساد في كل أرجاء ليبيا.
زد على ذلك أن نظامه كان يفتقد للكثير من مقومات الدولة، وبخاصة وجود مؤسسات فاعلة تشكل في مجموعها التنظيم الهيكلي المتكامل للدولة. فالقذافي كان هو المتصرف الوحيد في شئون الحكم والقيم على دخلها وأوجه الصرف على مرافقها. فلم تكن هناك ميزانية للدولة ولا مؤسسات تحاسبة أو رقيب يكشف عن الفساد والإفساد الذي استشرى في كل أنحاء ليبيا، فضلاً عن انخفاض مستوى الخدمات التي تقدم للمواطنين وانتشار البطالة والفقر، برغم أن دخل ليبيا من النفط يجعل مستوى حياة الفرد فيها يضاهي أقرانه في الغرب إذا ما أحسن استثماره.
والنتيجة الطبيعية لمثل هذا النموذج من الحكم الظالم المستبد الذي ينشر الفساد في جسم الوطن ويسرق موارده وينكل بأبنائة .. هو السقوط إلى الهاوية، وأن مصير رموزه القتل لا محالة. وهذا ما حصل للقذافي وأبنائه الذين حكموا البلاد عنوه، واستولوا على أموالها وتعاملوا مع أهل ليبيا وكأنهم قطيع من البقر. فحتى قطيع البقر يمكن أن يدمر كل شيء يجده أمامه إذا ما ثار وهاج نتيجة خروج رعاته عن المألوف في التعامل معه.
ودون الاسترسال في ذكر الأحداث التي صاحبت الثورة الليبية والثورات العربية التي ما زالت مشتعلة (والجميع يعرفها ويتابع كل ما يستجد بشأنها)، يتبادر لذهن المراقب حول ما يحدث في المنطقة العربية من ثورات سؤال على قدر كبير من الأهمية؟!! وهو: هل ينجح شعار "سلمية الثورة" في خلع حكام اليمن وسوريا الذين قرروا استخدام القوة المفرطة في قمع المظاهرات (بما ينطوي عليه ذلك من قتل وتدمير)، أم أن الأمر لن يتم حسمه إلا بالمقاومة المسلحة للأنظمة المستبدة التي تقتل المتظاهرين المسالمين كما الحال في اليمن وسوريا على ما ذكرنا؟!. هذا ما سنحاول تناوله في مقال لاحق إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.