السجون شديدة الحراسة صناعة أمريكية المزرعة.. سجن 5 نجوم لرجال الأعمال ولصوص أموال الشعب طرة..مقر المعتقلين السياسيين والجنائيين وضع 40 سجينا في زنزانة مخصصة ل10 سجناء! عميد شرطة سابق: التشريعات في السجون لا تواكب الحقيقة ولا تراعي حقوق السجناء دائما ما يقترن معنى القهر بكلمة "السجن"، فهو ليس كما قالوا "تأديب وتهذيب وإصلاح"، بل "ترهيب وترعيب وإقصاء"، القوانين داخله لا تطبق إلا على المغضوب عليهم أما من رضي عنهم مهما كانت تهمته، فالقانون يقف وتمر المصلحة فقط كما حدث ويحدث مع رموز الأنظمة الفاسدة وسارقي أموال الشعب. ظهرت فكرة بناء السجون شديدة الحراسة منذ فترة التسعينات التي امتلأت بالكثير من المعتقلين السياسيين، وخاصة رجال الإسلام السياسي، والتي تميزت بتصميمات خارقة أنشأتها الدولة خصيصا لأشخاص معينين للانتقام والنيل من كل معارض لسياسة الدولة. السجون التي لا ترى نور الشمس: كانت بداية بناء السجون في مصر فترة حكم المخلوع، وخاصةً السجون شديدة الحراسة المعروفة وسط المعتقلين ب "العقرب"، والتي جاء بفكرتها عدد من الضباط الشرطة بعد عودتهم من بعثة تدريبية في الولاياتالمتحدة عام 1991م، حيث رحب بها عدد من قيادات الداخلية بهذه الفكرة وعلى رأسهم وزير الداخلية "حسن الألفي" واللواء حبيب العدلي مساعد الوزير لشئون أمن الدولة آنذاك وبدأت الحكومة وضع خطة لإنشاء السجون شديدة الحراسة. هذه السجون لا يرى المعتقلون فيها نور الشمس، مثلهم مثل الأموات، ويتضح ذلك داخل سجن المحكوم الذي تم بنائه في عهد الاحتلال الإنجليزي، والعنبر الجديد متعدد الطوابق، فالفارق واضح بين العنبرين من حيث سعة العنابر وتهويتها وأشكال النوافذ. مكان التريض "مكان مخصص لممارسة الرياضة " الواسع وغير المغطى، يقبع في العنبر القديم، أما العنبر الجديد فالنوافذ لا تسمح بدخول الهواء أو الشمس فجميعها تطل على طرقات ومساقط مغطاة بالقضبان الحديدية، والأسلاك الشبكية الضيقة التي تحول الزنازين إلى مقابر متراصة إلى جوار بعضها. المنع والحجب سمة النظام الحاكم: يوضع السجناء السياسيين مع الجنائيين، وصممت الزنزانة الواحدة لتستوعب من 8 إلى 10 سجناء، ورغم ذلك يوضع بها 40 فرد أو أكثر، هذا فضلا عن أشكال وصور التعذيب التي تُستخدم في جميع السجون، ولكن سياسة المنع والحجب سياسة عقابية للسياسيين هي سمة النظام الحاكم مع كل من يعارضه. الرفاهية للصوص أموال الشعب: الوضع يختلف بكثير بالنسبة لمن نهب أموال الوطن؛ فتجد لصوص قوت الشعب المصري في سجونهم ملوكا، متاح لهم كل وسائل الرفاهية والراحة بوضعهم في زنازين تشبه فنادق 5 نجوم، فهم في رحلة ترفيهية وليست فترة عقابية، ويظهر ذلك في سجن عنبر الزراعة كما يطلق علية سجن رجال الأعمال. وفيما يلي جولة دقيقة داخل السجون المصرية وكشف أسرار تصميمها: أولا: مجموعة سجون طرة يعتبر من أبرز السجون المصرية التي تضم عدد كبير من المعتقلين السياسيين والجنائيين وأصنافا من المجرمين، هو سجن طرة. يضم مجمع سجون طرة، كلاً من سجن المزرعة، وليمان طرة، وسجن استقبال، ومحكوم طرة، وسجن شديد الحراسة، وفى سياق هذا التحقيق نخترق مجمع سجون طرة بشي أكثر تفصيلاً. سجن المحكوم بدأ ظهور اسم سجن المحكوم كمعتقل سياسي في القضية العسكرية المشهورة، والتي كان محبوس على ذمتها نائب المرشد العام للإخوان خيرت الشاطر حينذاك، ورجل الأعمال المشهور حسن مالك، وقتها كان سجن المحكوم سجنا للجنائيين فقط. سجن المحكوم هو أحد مجموعة سجون طرة، ويتكون من عنبرين، عنبر"أ" القديم من طابقين بكلِّ طابق 12 زنزانة، ومخزنين على شكل حرف اتش ومساحة الزنزانة 10م في 4م. أما العنبر الجديد، فيتكون من 4 طوابق وعلى عنبرين " أ، ب " بينهما مسقط نور، وفي كل عنبر توجد غرفة للتأديب، وعلى جانب كل عنبر توجد طرقة خراسانية ضيقة للتريض، مغطاة بقضبان حديدية وأسلاك شبكية كثيفة على ارتفاع 3.5م لا تسمح بدخول الهواء والشمس. وفي كلِّ طابق توجد غرفة للتأديب تُستخدم في تعذيب السجناء المخالفين، وخارج العنبر الجديد توجد غرفة بدون سقف أو حوائط، حوائطها من السلك الشبكي الواسع، لا تغيب عنها الشمس نهارًا، وشديدة البرودة ليلاً، يحتجز فيها السجناء المخالفين انفراديًّا لعدة أيام بدون ملابس لعقابهم في الشمس والبرد مستشفى طرة توصف مستشفى طرة بالعنبر المنفصل، ويقع هذا الجزء داخل ليمان طرة، على مساحة 30م في 20م؛ حيث ينقسم هذا العنبر إلى دورين منفصلين ويعتبر الدور الأول للسجناء الجنائيين، والدور الثاني مخصص للسجناء السياسيين ويوجد بداخله دورة مياه بها "قاعدة بلدي" والأخرى "أفرنجي" وحوض مياه. الاستقبال: يتكون سجن الاستقبال بطرة، من ثلاث عنابر "أ، ب، ج" وعنبر آخر يسمى التأديب؛ حيث يعتبر العنبرين الأول والثاني متعددان الطوابق، ويضم الزنازين الفردية في الدور الأولى والجماعية في باقي الأدوار، ويعتبر عنبر "ج" من العنابر حديثة البناء شديدة الحراسة؛ فهو عبارة عن دور واحد مبني بالخرسانة المسلحة عديم التهوية. عنبر الزراعة: يعتبر عنبر الزراعة من أشهر العنابر ويشتهر بسجن "لصوص الوطن"، حيث يتكون من طابقين؛ الأول منهم للجنائيين وكبار تجارة المخدرات، والطابق الثاني مخصص للمحكوم عليهم في قضايا الأموال العامة. ملحق بالعنبر العديد من الملاعب الرياضية لكرة القدم وتنس الطاولة والطائرة وكرة اليد والسلة؛ حيث يتمتع سجناء الأموال العامة بكثير من المميزات عن غيرهم. المزرعة: بجوار عنبر الزراعة تجد عنبر المزرعة في مجموعة سجون طرة، ويتكون من 7 عنابر مقسمة كالآتي: عنبر للجنائيين، وعنبر لقيادات الإخوان، وثالث للسياسيين من التائبين من الجماعات الإسلامية وبعض كوادر الأحزاب السياسية، ورابع للجواسيس والمحكوم عليهم في قضايا التخابر، والخامس لضباط الشرطة والقضاة المحكوم عليهم في قضايا رشوة وغير ذلك. أما العنبر السادس، فهو "عنبر التأديب" ويتكون من 7 زنازين انفرادية مساحة الزنزانة 2م ×2م ، لا يوجد بها إضاءة ولا فتحات للتهوية، وبها حمام واحد خارجي مشترك. والعنبر السابع والأخير، هو عنبر التأديب للجواسيس، وزنازينه الانفرادية ال7 مضاءة، وموصل لها مياه، ومعدة إعدادًا جيدًا للعيش بداخلها. ثانيا: سجن العقرب: في نهاية منطقة سجون طرة يقبع سجن العقرب شديد الحراسة، والذي يبعد حوالي 2 كم من باب المنطقة، ويضم السجن 4 عنابر، كل عنبر يحتوي على 80 زنزانةً على شكل حرف Hومساحة الزنزانة 2.5م × 3م، وارتفاعها 3.5م، وبكل زنزانة شباك 90 سم × 80 سم، وارتفاعه عن الأرض 2.5 م، ويطل الشباك على طرقة مسورة أعلاها سقف خرساني. ويوجد بالسور فتحات على ارتفاع 3م من سطح الأرض يدخل منها الهواء والشمس بطريقة غير مباشرة؛ حيث إن شباك الزنزانة ينحرف عن فتحات السور بمسافة 1.5م، وللزنزانة باب حديدي ارتفاعه 2م وعرضه واحد متر، وبه فتحة على ارتفاع 1.5م طولها وعرضها 25 سم × 15 سم بداخل كل زنزانة كشاف كهربائي به لمبة 100 وات، ويتم التحكم في إضاءتها عن طريق غرفة التحكم الخارجية. يوجد بالسجن مكان مخصص " للتريض" عبارة عن قطعة أرض خرسانية مغطاة بالرمال على شكل حرفL وتقع في مؤخرة الزنازين، وهي خاصة بعشرين زنزانة ومساحتها 25 م × 15 م، والزنزانة معدة للحبس الانفرادي. مقابر الأحياء: وأكد عميد شرطة سابق أن أوضاع السجون المصرية بهذه التصميمات الحديثة تفتقد المصداقية في قانون بناء السجون ومخالف للشروط الصحية المفترض وجدها، لأن بهذه التصميمات التي تمنع رؤية دخول الهواء والشمس تحول السجون إلى مقابر. ويضيف العميد- الذي طلب عدم ذكر اسمه-: بالطبع لابد أن يعاقب السجين ويشعر أنه مذنب ولكن بشرط عدم انتهاك حقوق الإنسان وانتهاك أدميته كما يحدث داخل السجون، معتبرا أن السجون المصرية مطابقة للمواصفات الأمنية، فالهروب منها بالغ الصعوبة، إلا أن الاحتياطات الأمنية هذه إلى جانب الزحام الشديد داخل السجون يجعلها تتخطى اشتراطات حقوق الإنسان، وتعتبر غير آدمية. ولفت إلى أن منظومة السجون تحتاج إلى مراجعة مِن قِبَل الدولة، ولابد أن تُجرى دراسات متخصصة ومحايدة داخل السجون، للتفريق بين السجين المذنب وعقابه، دون تدخل وزارة الداخلية في هذه الدراسات لأنها تعتبر جهة غير محايدة. ويؤكد عميد الشرطة السابق أن التشريعات في السجون لا تواكب الحقيقة ولا تراعى حقوق السجناء؛ فهناك معاملة قاسية وانتهاكات داخل السجون للمعتقلين.