الخطر يحاصر روائع الفن الإسلامي 92 ألف قطعة أثرية نادرة مهددة بالضياع يومياً .. نستيقظ على ضحية جديدة من ضحايا الإرهاب الأسود، الذي بات لا يوقر كبيرا ولا صغيرا ، وها نحن بصدد ضحية فريدة من نوعها إنه "متحف الفن الإسلامي" أكبر متحف إسلامي في العالم حيث يضم ما يزيد علي 100 ألف قطعة أثرية متنوعة من الفنون الإسلامية من " الهند والصين وإيران مرورا بفنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا والأندلس". دمر التفجير الإرهابي الذي استهدف مديرية أمن القاهرة أكثر من 165 قطعة أثرية نادرة قسمت إلى 74 قطعة مهشمة بالكامل و36 مفككة و 64 أخرى سيتم ترميمها ، غير أن هناك عملة واحدة مفقودة تعود لعام "77ه" جاري البحث عنها ، وكان يضم المتحف أكثر من 92 ألف قطعة أثرية ، وكان يعرض وقت الحادث 1471 قطعة أثرية فقط . ورصدت هيئة المعونة الأمريكية 144 ألف دولار تقريبا كتبرع فوري مبدئي لصالح ترميم المتحف لحين إصدار بعثة خبراء اليونسكو التقرير النهائي بحجم التلفيات وحصرها . يقع المتحف في منطقة باب الخلق بقلب القاهرة وترجع أهميته إلى كونه أكبر معهد تعليمي في العالم معني بمجال الآثار الإسلامية وما يعرف بالفن الإسلامي ككل ، ويتميز بتنوع مقتنياته سواء من حيث أنواع الفنون المختلفة كالمعادن والأخشاب والنسيج وغيرها، أو من حيث بلد المنشأ كإيرانوتركيا والأندلس وغيرهما. جامع التحف بدأت فكرة إنشاء متحف للفنون والآثار الإسلامية في عصر الخديوي إسماعيل وبالتحديد في 1869م، عندما جمع فرانتز باشا التحف الأثرية التي ترجع إلي العصر الإسلامي في الإيوان الشرقي لجامع الحاكم بأمر الله. وازدادت العناية بجمع التحف عندما أنشأت لجنة حفظ الآثار العربية عام 1881م واتخذت من جامع الحاكم مقراً لها. وعندما رأي هرتز بك ضيق المساحة في صحن الجامع، استقر الرأي علي بناء المبني الحالي في ميدان باب الخلق تحت مسمي "دار الآثار العربية" ووضع حجر الأساس سنة1899 م وانتهي البناء سنة 1902 م، ثم نقلت التحف إليه، وتم افتتاحه علي يد الخديوي عباس حلمي في 28 ديسمبر سنة 1903. وكان عدد التحف سنة 1882 «111» تحفة وظل يتزايد حتي وصل قرابة ثلاثة آلاف تحفة عند افتتاح الدار سنة 1903 م ، وتوالت بعد ذلك الإهداءات من الأمراء والملوك والهواة، وأهدى الأمير يوسف كمال سنة 1913م مجموعة قيمة للمتحف تلاه بعد ذلك الأمير محمد علي سنة 1924 م، ثم الأمير كمال الدين حسين 1933م ، والملك فؤاد الذي أهدي الدار مجموعة ثمينة من المنسوجات والموازين، ومجموعة الملك فاروق الأول من الخزف 1941م. وتضاعفت مجموعات المتحف عندما تم شراء مجموعة "رالف هراري" سنة 1945 م وكذلك مجموعة الدكتور علي باشا إبراهيم من الخزف والسجاد وذلك في سنة 1949 م حيث بلغ عدد التحف سنة 1952 م ( 16524) ستة عشر ألفاً وخمسمائة وأربع وعشرين تحفة. وافتتح المتحف لأول مرة في 9 شوال 1320ه/28 ديسمبر 1903 م في ميدان "باب الخلق" أحد أشهر ميادين القاهرة الإسلامية، وبجواره أهم نماذج العمارة الإسلامية في عصورها المختلفة كجامع ابن طولون، ومسجد محمد علي بالقلعة، وقلعة صلاح الدين ليكون ثاني مبنى شيد بالخرسانة المسلحة بعد المتحف المصري ، وحضر الاحتفالية الأمير محمد علي باشا، والأمير أحمد فؤاد "الملك فؤاد الأول فيما بعد"، كما حضرها رياض باشا رئيس مجلس النظار (الوزراء) واللورد كرومر المندوب السامي البريطاني، وقناصل الدول الأجنبية، والشيخ حسونة النواوي شيخ الجامع الأزهر، والإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية، وعدد من أعضاء مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية، ورئيس وأعضاء لجنة حفظ الآثار العربية، وعدد من أصحاب الصحف والصحفيون، وعدد كبير من الأعيان. دار الآثار الإسلامية تم تغيير مسمي «دار الآثار العربية» إلي «متحف الفن الإسلامي» عام 1952 م وذلك لأنه يحتوي على تحف وقطع فنية صنعت في عدد من البلاد الإسلامية، مثل إيرانوتركيا والأندلس والجزيرة العربية. كما أن الفن الإسلامي شمل جميع أقاليم العالم الإسلامي العربية وغير العربية تحت رعاية الخلفاء والحكام المسلمين علي امتداد الإمبراطورية الإسلامية. ووزعت التحف المعروضة في (25) قاعة مقسمة حسب العصور والمواد، حيث خصص الجانب الأيمن للداخل من الباب الرئيسي للمتحف للفن الإسلامي في مصر بداية من العصر الأموي وحتي نهاية العصر العثماني، بينما يضم الجانب الأيسر قاعات عرض خصصت للفنون الإسلامية خارج مصر في تركياوإيران ، وقاعات نوعية منها قاعة للعلوم وثانية للهندسة وأخري للمياه والحدائق، والكتابات والخطوط، وتركيبات وشواهد القبور والتوابيت المختلفة في العصور والبلدان الإسلامية. في 14 أغسطس 2010 افتتح الرئيس السابق محمد حسني مبارك متحف الفن الاسلامى بعد تطويره وترميمه وتمت الاستعانة بمؤسسة " أغاخان " لتخطيط المتحف ، وبمساعدة خبراء من فرنسا متخصصون بترميم قطع الفسيفساء والنافورات الرخامية، وهي أكبر عملية تطوير يشهدها المتحف خلال مائة عام. وجاء الاحتفال بانتهاء التطوير متزامنا مع الاحتفال بمئوية إنشاء المتحف ، وتضمنت عملية التطوير تهيئة قاعات المتحف وفقا للتسلسل التاريخي، وتزويده بأحدث وسائل الإضاءة والتأمين والإنذار إضافة إلي تغيير سيناريو العرض المتحفي وتزويده بفتارين عرض حديثة على أعلى مستوى من سيناريوهات العرض المتحفية لتتناسب والكنوز الأثرية والفنية التي يحويها ، وإعداد حديقة المتحف بالشكل الذي يتناسب مع تاريخه، فضلا عن تهيئة المنطقة المحيطة بحرم المتحف بما يتوافق مع تنشيط حملة علمية للتوعية بالآثار الإسلامية. مقتنيات تاريخية يضم المتحف مقتنيات تتجاوز مائة ألف تحفة تغطي ما يقرب من 12 قرنا هجريا، ويزخر بالتحف الإسلامية مختلفة المنشأ، ابتداء من الهند والصين وإيران وسمرقند، مرورا بالجزيرة العربية والشام ومصر وشمال أفريقيا وانتهاء بالأندلس وغيرها. كما يضم المتحف مكتبة بالدور العلوي تحوي مجموعة من الكتب والمخطوطات النادرة باللغات الشرقية القديمة مثل الفارسية والتركية، ومجموعة أخرى باللغات الأوروبية الحديثة كالإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية، إضافة إلى كتب في الآثار الإسلامية والتاريخية، ويبلغ عدد مقتنيات المكتبة أكثر من 13000 كتاب. وزود المتحف بعدد كبير من محتوياته عن طريق الهبات التي تبرع بها أبناء الأسرة العلوية مثل: الملك فؤاد الذي قدم مجموعة ثمينة من المنسوجات، والأختام، والأمير محمد علي، والأمير يوسف كمال، والأمير كمال الدين حسين، ويعقوب آرتين باشا، وعلى إبراهيم باشا الذين زودوا المتحف بمجموعات كاملة من السجاد الإيراني والتركي والخزف والزجاج العثماني. تعد بعض مجموعات المتحف الأغنى في العالم، مثل مقتنيات الخزف الإيراني والتركي والتحف المعدنية والسجاجيد, التي تضاعفت بعد اقتناء جانب كبير من مجموعة المرحوم الدكتور علي إبراهيم في سنة 1949 ، وارتفع عدد التحف المسجلة بالمتحف عند افتتاحه في ديسمبر 1903 ليصل لحوالي 7000 تحفة، زاد إلى نحو 60000 سنة 1954, لكنها الآن تزيد عن 100000 قطعة. ومن أحدث مقتنيات المتحف كنوز لسيدات حملت بعض البيوت الأثرية بالقاهرة أسماءهن، مثل السيدة زينت خاتون، وتم اقتناء العملات الذهبية والفضية، وكنز آخر يسمى كنز درب الأزازي، إضافة إلى ما يستخدم من إهداءات، تقوم بإهدائها شخصيات عربية وإسلامية للمتحف، وتم عرضها جميعا ضمن مقتنيات المتحف.