كانت الرئيس الليبي السابق والذي أودت الثورة بحياته اليوم ، شخصية مثيرة للجدل، ولذا فقد تسابق كتاب العالم لإصدار أعمال تتناول سيرة حياته ومواقفه الهمجية . وفي كتاب "البحث عن القذافي" يصف عضو البرلمان البريطاني "دانييل كاوسزينسكي"، القذافي بأنه ديكتاتور يزدهر في ظل الفوضى والغرابة، ومن مظاهر غرائبيته، الاسم الطويل الذي اختاره لبلاده، وهو "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى" .
ورغم طول الاسم، فإن ليبيا كما يقول المؤلف لا تمتلك مجتمعاً مدنياً، ولا تمتلك مؤسسات عصرية، وإنما لجان شعبية، وأجهزة استخبارات، ورجال شرطة سرية، وقطاع عام مترهل لا يكاد يعمل. علاوة على مدارس، وجامعات، ومستشفيات، ومصانع تعاني جميعها من الخلل، وانعدام الكفاءة، والعجز عن القيام بمهامها.
ويرى المؤلف البريطاني أنه رغم الثروة النفطية الهائلة التي تتمتع بها ليبيا، فقد فشلت تحت حكم القذافي في تحقيق مستويات التنمية التي حققتها دول الخليج العربية.
يقول مؤلف الكتاب "هناك جانبان في شخصية القذافي يشككان في أهليته لحكم ليبيا: الأول تأييده غير المبرر وغير المفهوم للمنظمات الإرهابية، مثل الجيش الجمهوري الإيرلندي، والثاني تأييده للطغاة الدمويين، مثل الديكتاتور الأوغندي الأسبق عيدي أمين، وديكتاتور زيمبابوي الحالي موغابي، وشافيز في فنزويلا " .
من بين الكتب الهامة التي صدرت في الآونة الأخيرة بالسوق المصري كتاب "معمر الطاسة - القذافي سابقاً" لصاحبه ياسر حماية التي تحدث فيه عن القذافي، وفي مقدمته يكشف المؤلف أن القذافي مريض ذهنيًا وتم علاجه في مستشفى الأمراض العقلية في القاهرة عام 1970.
أما رواية إدريس علي "الزعيم يحلق شعره" والتي صادرتها الأجهزة الأمنية، فيتندر فيها على شخصية القذافي ورجاله ، وتبدأ الرواية كما يقول الناقد شعبان يوسف بمشهد العلاقة بين العمالة المصرية، والسلطة أو الإدارة الليبية، وكيف حولت ليبيا السلطة الإدارة المصريين إلي ما يشبه العبيد السائمة، وانتهكت حقوقهم بدرجات غير قابلة للتصديق.
وقد وصف المؤلف القذافي بالمجنون أكثر من مرة في روايته ، وكان العنوان مرتبطا بواقعة حقيقية حينما منع الزعيم الليبي شعبه من حلاقة شعورهم !
الكتاب الأخضر
الكتاب الأخضر يعد أبرز كتب القذافي ومصدر فخره، ألفه عام 1975 وفيه يعرض أفكاره حول أنظمة الحكم وتعليقاته حول التجارب الإنسانية كالإشتراكية والحرية والديمقراطية حيث يعتبر هذا الكتاب بمثابة "كتاب مقدس" عنده، وكما يقول ناشرو الكتاب في ليبيا على غلافه، فإن معمر القذافي عمل على جمعه واستخلاص افكاره من الحضارات اليونانية والإسلامية والأوروبية الحديثة!.
وفي الكتاب يرفض الرئيس الليبي كل مظاهر الديمقراطية التي يأخذ بها العالم المتقدم، فهو يرى أن المجالس النيابية هي تمثيل خادع للشعب، لأنها تقوم أساساً نيابة عن الشعب وهذا الأساس ذاته غير ديمقراطي، لأن الديمقراطية تعني سلطة الشعب لا سلطة نواب عنه.
يرفض القذافي فكرة الأحزاب التي يصفها بأنها الديكتاتورية العصرية، إذ أن الحزب هو حكم جزء للكل، فالحزب على حد هو قبيلة العصر الحديث، والمجتمع الذي يحكمه حزب واحد هو تماما مثل المجتمع الذي تحكمه قبيلة واحدة أو طائفة واحدة.
أيضاً يتمرد القذافي على الاستفتاء، فالذين يقولون "نعم" والذين يقولون "لا" لم يعبروا في الحقيقية عن إرادتهم، بل ألجموا بحكم مفهوم الديمقراطية الحديثة، ولم يسمح لهم بالتفوه إلا بكلمة واحدة وهي إما نعم وإما لا!.
وهو يقسم الشعب إلى مؤتمرات شعبية أساسية يختار كل مؤتمر أمانة له، ومن مجموع أمانات المؤتمرات تتكون مؤتمرات شعبية غير أساسية، بهذا يصبح الشعب هو أداة الحكم وتحل نهائيا معضلة الديمقراطية في العالم، وبحيث تصبح الديمقراطية ليست هي "رقابة الشعب على الحكومة" وإنما "رقابة الشعب على نفسه".
كما يرفض القذافي في كتابه الأخضر كل الدساتير، لأن الشريعة الطبيعية لأي مجتمع هي العرف أو الدين وليس الدستور، الذي يستند إلى رؤية أدوات الحكم الديكتاتورية السائدة في العالم. " في الفصل الثاني من الكتاب الأخضر يتناول العقيد الليبي حل المشكلات الإقتصادية وعلاقة العامل برب العمل .
وهو يرى أن القاعدة السليمة تكون أن "من ينتج هو الذي يستهلك"، فالأجراء مهما تحسنت أجورهم هم نوع من العبيد، وحرية الإنسان ناقصة إذا تحكم آخر في حاجته، فالبيت برأي القذافي لساكنه فلا ينبغي أن يكون ملكاً لغيره، فلا يجوز في المجتمع الاشتراكي أن تتحكم جهة في حاجة الإنسان، بمن فيها المجتمع نفسه، فلا يحق لأحد أن يبني مسكناً زائداً عن سكناه وسكن ورثته بغرض تأجيره، لأن المسكن هو عبارة عن حاجة لإنسان آخر، وبناءه بقصد تأجيره هو شروع في التحكم في حاجة ذلك الإنسان. وفي الحاجة تكمن الحرية.
أيضا المعاش حاجة ماسة للإنسان، فلا يجوز أن يكون معاش أي إنسان في المجتمع أجرة من أي جهة أو صدقة من أحد، فلا أجراء في المجتمع الاشتراكي بل شركاء، فمعاشك هو ملكية خاصة لك تدبرها بنفسك أو يكون حصة في إنتاج أنت احد عناصره الأساسية، وليس أجرة مقابل إنتاج، وكذلك المواصلات أو "المركوب" على حد تعبير القذافي، والأرض أيضاً.
في الفصل الثالث يقدم القذافي أطروحات اجتماعية ويرى القذافي في الكتاب الأخضر أن المرأة والرجل متساويان إنسانياً بداهة، فالمرأة تأكل وتشرب وتحب، وتفعل أشياء كثيرة كررها القذافي بشكل أجوف، ومن هنا يؤكد القذافي أن "المرأة أنثى والرجل ذكر" ، فالمرأة "تحيض أو تمرض كل شهر، والرجل لا يحيض لكونه ذكراً فهو لا يمرض شهريا، وإذا حملت تصبح بطبيعة الحمل مريضة قرابة سنة"، وهذه المعطيات الطبيعية تكون فروقاً خلقية لا يمكن أن يتساوى فيها الرجل والمرأة!.
ثم يقول القذافي أن الاستغناء عن دور المرأة الطبيعي في الأمومة، أي أن تحل دور الحضانة محل الأم، هو بداية الاستغناء عن المجتمع الإنساني وتحوله إلى مجتمع بيولوجي وحياة صناعية، إذ أن حشر الأطفال في حضانات هو تحويلهم لأفراخ يتم تسمينها. !