متي يُحاكم مجرمو الحرب الصهاينة عن جرائمهم بحق الفلسطينيين؟ د. عادل البياتي بناء علي طلب من وزير العدل الفلسطيني التأم شمل وزراء العدل العرب في القاهرة مؤخرا لمناقشة جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني. الوزير الفلسطيني طلب عقد دورة استثنائية لمجلس وزراء العدل العرب بكامل هيئته لمناقشة كيفية التحرك العربي علي الساحة الدولية للتعامل مع جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة وكذلك جرائم الإبادة الجماعية والحصار وسياسة العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني. العالم كله يشهد يوميا كيف أن إسرائيل ترتكب جرائم جسيمة بحق الفلسطينيين، وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ومخالفات صارخة للقانون الدولي دون أي اعتبار لرد فعل المجتمع الدولي، والمفروض أن توضع آليات قانونية مناسبة تكفل قيام المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية ضد جرائم الحرب والإبادة التي يرتكبها الإسرائيليون ضد الشعب الفلسطيني. ويجب إحراج المتجاهلين في المجتمع الدولي للجرائم الإسرائيلية ، واتخاذ موقف عربي جماعي تجاههم. ولعل من الأمور المثيرة لمشاعر مزدوجة من الاستغراب والتألم والسخرية والتعجب!!! أن ينعقد اجتماع وزراء العدل العرب لمناقشة سبل مقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي كانت تحتفل فيه إسرائيل بمرور 60 عاما علي تأسيسها، وبنفس الوقت الذي كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يلقي كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي معربا عن التزام بلاده بأمن ومستقبل إسرائيل! ودعمه لجهود القادة الإسرائيليين في محاربة الإرهاب الفلسطيني! ان الوسائل القانونية الثلاث المتاحة التي نراها ممكنة لتحريك دعاوي جنائية ضد مرتكبي جرائم الحرب الصهاينة، حال استكمال اللجنة التي شكلها وزراء العدل العرب لجمع الادلة، هي كالتالي: الوسيلة الأولي الإحالة من مجلس الأمن للمحكمة الجنائية الدولية: وفقا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن اختصاص هذه المحكمة يقتصر علي أشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره التي تم تعريفها في نظامها الأساسي، وتعتبر محكمة مختصة بنظر الدعوي المحالة لها، إذا أحالت دولة طرف في اتفاقية نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلي المدعي العام حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وأن تطلب إلي المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام لشخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم، علي أن تحدد الحالة، قدر المستطاع، الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من أدلة ومستندات مؤيدة. ويشترط في هذه الحالة أن تكون الدولة التي وقعت الجريمة أو الجرائم في إقليمها طرفا في النظام الأساسي للمحكمة أو قبلت باختصاص المحكمة، و/أو أن تكون الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة أحد رعاياها، طرفا في النظام الأساسي للمحكمة أو قبلت باختصاصها، علما أن السلطة الوطنية الفلسطينية ليست دولة طرفا في نظام روما الأساسي، وكذلك فإن إسرائيل لم تصادق علي نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولكن من حق مجلس الأمن الدولي أن يحيل متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة حالة إلي المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت، حيث نص علي ما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان. ويبدو أن هذه الحالة هي الوحيدة التي تمكن المحكمة من ممارسة اختصاصها في الوضع الفلسطيني لأنها غير مقيدة بأن تكون الدولة التي وقعت في إقليمها الجريمة طرفا في النظام الأساسي للمحكمة أو بالرضائية بحيث تكون قد قبلت باختصاص المحكمة، ولا أن تكون الدولة التي يكون الشخص المتهم بالجريمة أحد رعاياها طرفا في النظام الأساسي للمحكمة أو قبلت باختصاصها. وقد نصت المادة (13) البند (ب) من النظام الأساس للمحكمة الجنائية الدولية أنه يجوز لمجلس الأمن أن يحيل متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة حالة إلي المدعي العام للمحكمة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. الوسيلة الثانية: مخاطبة مجلس الامن لتشكيل محكمة جنائية خاصة علي غرار يوغسلافيا ورواندا: وتخلص الوسيلة في إمكانية مخاطبة مجلس الأمن لتشكيل محكمة جنائية خاصة لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين، وذلك باستخدام سلطاته بموجب الباب التاسع بتكوين هيئات ثانوية مساعدة للمجلس في إقرار السلم والأمن الدوليين والذي بموجبه كان إنشاء المحكمة المؤقتة لمجرمي الحرب في يوغسلافيا السابقة سنة 1993م علي أثر الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة، حيث شكل مجلس الأمن الدولي محكمة جنائية دولية للقيام بمهمة محددة وهي محاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الانتهاكات الخطرة لأحكام القانون الدولي الإنساني في يوغسلافيا السابقة واتخذت من لاهاي مقرا لها، وكذلك المحكمة المؤقتة لمجرمي الحرب والإبادة الجماعية في رواندا، حيث صدر قرار من مجلس الأمن بإنشاء محكمة دولية للقيام بمهمة محددة وهي محاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الانتهاكات الخطرة لأحكام القانون الدولي الإنساني في رواندا وأنهت مهمتها في غضون عام 1994. ولابد من الذكر بأن هناك إشكالية لا بد من تجاوزها والتشاور حولها في إطار مجلس وزراء العدل العرب واللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان وهي أن حق تقديم الشكوي إلي محكمة الجنايات الدولية مقيد أيضا بشروط لا ينطبق منها علي الحالة الفلسطينية سوي الإحالة بقرار من مجلس الأمن، ويُعدّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1593/2005م الخاص بإحالة المشتبه فيهم بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور إلي المحكمة الجنائية الدولية، سابقة في هذا الإطار منذ إقرار تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في 1998م، وقد اعتمد القرار علي التقرير الذي قدمته البعثة الدولية المكلفة بواسطة مجلس الأمن لتقصي الحقائق حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني اتفاقيات جنيف وقانون حقوق الإنسان في دارفور، وأصبح التقرير هو الوثيقة الأساسية للاتهام، وركزت تلك الوثيقة علي جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية كتكييف قانوني للانتهاكات التي ارتكبت في إقليم دارفور. الوسيلة الثالثة: الإحالة عن طريق الجمعية العامة للأمم المتحدة: اللجوء إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة بمقتضي المادة (11) البند (3) من ميثاق الأممالمتحدة والذي ينص علي: للجمعية العامة أن تسترعي نظر مجلس الأمن إلي الأحوال التي يحتمل تعرّض السلم والأمن الدولي للخطر.. . حيث يمكن للمجموعة العربية أن تتقدم بطلب لعقد جلسة استثنائية للجمعية العامة للنظر في الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية التي تشكل خطرا علي السلم والأمن الدوليين، وتشكل بذات الوقت جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وجرائم حرب، وتقترح علي الجمعية إصدار مناشدة لمجلس الأمن لممارسة صلاحياته المشار اليها في إحالة مرتكبي جرائم الحرب الصهاينة الي المحكمة الجنائية الدولية، أو محكمة جنائية دولية خاصة. عن صحيفة الراية القطرية 31/5/2008