في ذكرى اغتصاب فلسطين...التاريخ لا ينسى د. سحر المجالي نستذكر في هذه الأيام الذكرى الستين لنكبة الشعب العربي الفلسطيني الذي اقتلع من أرضه وشرد في أصقاع الأرض، عانى خلالها من التشرد والتهجير والتعذيب والمعاناة والآلام. ومنذ ستة عقود، والشرعية الدولية عاجزة عن تطبيق قراراتها القاضية بإقامة دولة للشعب العربي الفلسطيني على اقل من ربع أرض فلسطين التاريخية. هذه الشرعية- ''اللاشرعية'' قامت بتوطين شعب، وبعيدا عن أدنى معايير العدل والإنصاف، على حساب شعب آخر، كان يعيش بأمان وسلام في أرضه. وبادعاء إقامة ''وطن لشعب بلا ارض على ارض بلا شعب''، بدأت القوى الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا، بحياكة قصة النكبة، بدءاً من تنكرها لوعودها للعرب وعلى رأسهم الشريف الحسين بن علي، في إقامة دولتهم المستقلة في الجزيرة العربية والهلال الخصيب وذلك في محادثات ''سايكس- بيكو'' السرية عام 1916، ثم وعد بلفور ''2 تشرين الثاني 1917 ''، حينما أعلنت بريطانيا وعلى لسان وزير خارجيتها ''آرثر بلفور'' بأنها '' تنظر بعين العطف لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين''، ويمثل هذا التصريح انتهاكا لكل المعايير الدولية ونواميس الحق والعدل، فهو'' منحة'' من لا يملك لمن لا يستحق دون علم صاحب الحق الشرعي وهم العرب الفلسطينيون. ومثل لانتداب البريطاني لفلسطين خلال ال 28 عاماً من هذا الانتداب الأرضية الخصبة لتهويد فلسطين، حيث سنّت القوانين واتخذت الإجراءات التي سهلت إنشاء الكيان الصهيوني الذي أصبح دولة في 14/5/ 1948. وبعد ستين عاما تأتي ذكرى النكبة المؤلمة مع نكبة أخرى جديدة تحل بالشعب الفلسطيني، تتمثل فيما يعاني منه الفلسطينيون في قطاع غزة، حيث ما زالت إسرائيل، وبسياسة منظمة ومتواصلة، بتشريد وقتل وتدمير لكل معاني الحياة والصمود للشعب الفلسطيني، ضاربة بعرض الحائط كل معاني الإنسانية والقيم والأخلاق المتوارثة للشعوب. ستون عاما من الامتهان لحقوق الفلسطينيين؛ ستون عاما والعالم يرى ما حل ويحل بالفلسطينيين دون انتصار للحق والعدل إلا اللهم إصدار بيانات الشجب والاستنكار. ورغم مرور كل هذه السنين، بما حملته من ذكريات مريرة ومؤلمة في ذاكرة الفلسطينيين،إلا أنهم لا زالوا يؤمنون بيوم العدل والقصاص، ممن سلبهم حقهم في الحياة والوجود. فعلى الرغم من مرور هذا الزمن إلا أن الشعب الفلسطيني لا زال يتمسك بحقوقه الأساسية كحق العودة وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على أرضه؛ وبالرغم من تدمير ما يقارب من 531 قرية في بداية النكبة، وما تلا ذلك من تشريد للشعب الفلسطيني وتهويد لأرضه و مصادرة لممتلكاته، إلا أن هذا الشعب ما زال أمينا لشهدائه وأسراه وحقوقه المشروعة في الحياة والوجود. لقد نجحت الصهيونية في الاستيلاء على ارض فلسطين حتى الآن، وقامت فيما يسمى بالإبادة الجغرافية، لكنها لم ولن تنجح في إلغاء ذاكرة الشعب الفلسطيني التي ما زالت وستبقى حية ومتماسكة. والسؤال الذي يطرح نفسه ألم تع إسرائيل بعد هذه السنين أن الحقوق مصانة ما دامت تستند للحق والعدل،وما دامت راسخة في ذاكرة الشعوب؟ والتاريخ اكبر شاهد على أن كل أشكال الاحتلال مهما طال الزمن أم قصر لا بد وأن تزول. أما نحن معشر العرب والمسلمين، فهل يكون لهذه الذكرى، ذكرى النكبة، مغزى لشحن الهمم في واقع اليأس العربي و الإسلامي المطبق، والابتعاد عن الاحتراب البيني والاستقطاب المذهبي والطائفي، والعمل على توحيد صفوف الأمة العربية والإسلامية أمام الغطرسة الصهيونية التي تستهدف الأرض والشعب والتاريخ وقبل هذا وذاك تستهدف عقيدتنا الإسلامية؟؟؟. عن صحيفة الرأي الاردنية 3/5/2008