هل يستغل العرب تنامي النفوذ الايراني ..؟ د . هايل ودعان الدعجة كثيرا ما تصب الخلافات والصراعات بين دول معينة في مصلحة دولة او دول اخرى ، اتساقا مع طبيعة العلاقات الدولية التي هي في المحصلة علاقات مصالح . فالعديد من دول العالم ومنها الدول العربية تحديدا استفادت من لعبة او سياسة التوازنات التي املتها اجواء التنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي ابان حقبة الحرب الباردة على توسيع رقعة نفوذهما ودورهما وتأثيرهما في الساحة الدولية ، ما اتاح الفرصة لكثير من دول العالم تحقيق مكاسب وامتيازات على شكل مساعدات مالية واقتصادية وعسكرية بفعل هذه الاجواء التنافسية بين المعسكرين . فقد عمدت الولاياتالمتحدة الاميركية الى تقوية علاقاتها وزيادة مساعداتها لكل من ايران والعراق للحد من الخطر السوفيتي والتمدد الشيوعي في الشرق الاوسط خاصة في منطقة الخليج العربي ، تفعيلا لسياسة او نظرية الاحتواء التي انتهجتها الولاياتالمتحدة في مواجهة النفوذ السوفيتي. ومع ظهور الثورة الاسلامية في ايران قامت اميركا بتعزيز علاقاتها مع العراق ، ووقفت الى جانبه وقدمت له مساعدات اقتصادية وعسكرية واستخباراتية في حربه مع ايران للحؤول دون انتشار هذه الثورة في المنطقة . وعندما شعرت الولاياتالمتحدة ان هذه الحرب قد انتهت لصالح العراق وعززت من نفوذه وقدراته العسكرية ، بشكل اخذ يهدد مصالحها النفطية في منطقة الخليج ، قررت مواجهته بنفسها .. شجعها على ذلك انتهاء الحرب الباردة في صالحها ، حيث باتت القوة العالمية الوحيدة في الساحة الدولية .. تزامن ذلك مع الخطة الاميركية القاضية باقامة مشروع الشرق الاوسط الجديد بهدف إعادة تشكيل النظام الاقليمي ليحل محل النظام العربي ،بما يضمن حماية المصالح الاميركية وأمن اسرائيل في المنطقة . ان فشل هذا المشروع الشرق اوسطي في كل من العراق وافغانستان وهو ما زال في مهده ، حال دون انتشاره وتطبيقه في جبهات اخرى كايران وسوريا ولبنان وغيرها من دول الاقليم المستهدفة بهذا المشروع الاميركي الاحتلالي . لا بل ان هذا الفشل قد خدم المصالح الايرانية في المنطقة وعزز من حضورها ونفوذها الاقليمي بشكل بات يهدد المصالح الاميركية في المنطقة بشكل فعلي . وفي ظل العجز الاميركي في الدخول في مواجهة مع ايران وفتح جبهة عسكرية ثالثة ، وتحديدا بعد فشل اسرائيل في حربها الاخيرة على لبنان في القضاء على حزب الله الذي يمثل رأس حربة ايرانية في مواجهة اسرائيل ، بدا ان الولاياتالمتحدة عازمة على تغيير استراتيجيتها في التعاطي مع الملف الايراني ، وتوكيل هذه المهمة الى دول المنطقة ، خاصة الدول العربية بتثويرها وتأليبها ضد ايران لعزلها ومحاصرتها ، وتصويرها على انها تشكل العدو المشترك لكليهما . وبدأ يظهر في الافق ما يشير الى حاجة الولاياتالمتحدة الى الدول العربية لتطبيق هذا التصور . ما يحتم على الدول العربية المعنية استثمار هذه الفرصة الثمينة واستغلالها بما يخدم مصالحها ويعزز من مكاسبها المالية والاقتصادية والعسكرية بشكل تضمن معه الحصول على مصادر القوة والمنعة وتفعيل دورها ونفوذها في المنطقة ، وان تبدأ التفكير الجدي بامتلاك السلاح النووي بمساعدة وجهود اميركية، بحجة مواجهة خطر النفوذ الايراني وتحقيق التوازن الاستراتيجي معه ، بحيث تصبح الاقطار العربية قوة اقليمية فاعلة ومؤثرة يحسب حسابها حتى من قبل الولاياتالمتحدة نفسها التي وكما دلت التجارب لا يؤتمن جانبها اتعاظا من العبر والدروس التي انطوت عليها حكمة آكلت يوم آكل الثور الابيض ، فبالامس القريب وما زال العراق وافغانستان واليوم محاولات اميركية ضد ايران وسوريا وغدا ربما محاولات ضد اقطار عربية واسلامية اخرى ، طالما ان هناك طفلا اميركيا مدللا في المنطقة اسمه اسرائيل. فليحسن الجانب العربي التعاطي مع المصالح والاطماع الاميركية بحذرشديد، وليجعل من الاستهداف الاميركي لايران ورقة عسكرية وسياسية رابحة من اجل تحقيق مصالحه الأمنية والاستراتيجية والوجودية ، فصديق اليوم عدو الغد ، وعدو اليوم صديق الغد .. ففي عالم السياسة لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة .. بل هناك مصالح دائمة . عن صحيفة الرأي الاردنية 29/4/2008