في ذكرى فتح غزة!! الرعاع يحرقون جزءاً من هويتها!! سلطان الحطاب صدمني أن تقوم فئة ضالة في غزة باقتحام مركز الشابات المسيحيات والعبث فيه وحرق بعض محتوياته تحت سمع وبصر ميليشيا حماس المسيطرة على القطاع الذي لا تمثيل فيه لأي دولة عربية أو أجنبية. ينسى هؤلاء المجرمون الذين قاموا بهذا العمل أن المسيحيين الفلسطينيين في غزة وعموم الأرض الفلسطينية هم جزء أصيل من نسيج الشعب الفلسطيني بل أنهم في مقدمة من ناضلوا من أجل حرية فلسطين واستقلالها ودحر الاحتلال عنها. وإذا كان الجهلة الذين يجري تعبئتهم بالتطرف والحقد ضد الجميع بما في ذلك أبناء دينهم ممن يختلفون معهم فيكفّرونهم، يعتقدون أن هذه المواقع كمركز الشابات المسيحيات أو المدارس أو الكنائس أو الجمعيات يمكن استهدافها كردة فعل؟ أو كفعل يعتقدونه يقرعهم من الله فإنهم بذلك إنما يشوهون قضية شعبهم وتاريخه ويلحقون أبشع الأضرار بصورة شعب مناضل عرف الاضطهاد وما زال يعيشه حصاراً ومعاناة. الفئة التي تستمد قناعاتها من التطرف الذي روجت له بعض عناصر حماس ومرجعياتها في غزة أراد أصحابه به وهم يقتحمون جمعية الشابات المسيحيات ان يردوا على ما نشرته الصحف الدنماركية من صور مشوهة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) متناسين أن هذا الموقع هو لأبناء شعبهم وانه جزء من ثقافة شعبهم التي يخرجون عليها وان المسيحيين العرب في غزة كانوا وما زالوا وسيظلون في غزة جزءا أصيلا ضاربة جذوره في ترابها الوطني ولن تستطيع موجة متطرفة أو فئة مصابة بلوثة أو مريضة بالسلطة والتسلط أن تفك ارتباط هذا الجزء من شعبنا بوطنه ورسالته. فقط اريد ان اذكر للتاريخ ما كنت نشرته في كتابي عن غزة وعنوانه غزة ماذا يقول التاريخ ان المسيحية قديمة في غزة حيث بدأت منها في فلسطين كلها وان اول من بشر بها هو الاسقف او الرسول فيلبس تلميذ القديس بولس الرسول ثم توالى بعده الاساقفة الذين ناصبوا الوثنية العداء ومنهم الاسقف سلوانوس عام 285 م وهو اول اسقف غزي ذكره التاريخ واستشهد مع 29 مسيحياً عام 310م وفي عام 290 م اشتهر القديس هيلاريون الذي ولد من ابوين وثنيين قرب غزة في موقع ثافاتا وتنصر وصاحبه القديس انطونيوس الاسكندرية فتعلم منه طريقة التوحد وانشأ منسكاً قرب غزة فكان اقدم دير أسس في فلسطين الى ذلك الوقت وتوفي عام 333م. اما القديس بطرس الرهاوي فقد أقام في غزة اواسط القرن الثالث ثم ذهب الى مصر وعاد الى غزة ليتولى الاسقفية بعده اسكلبياس. ثم تولى الاسقفية بعده ايرنيون وحصر مجمع انطاكية عام 363 وفي زمنه بنيت كنيسة ايريني وفي عهد الاسقف برفيريوس الشهير اقيمت كنيسة افدوكسيا والتي نذرتها صاحبتها وانفقت عليها اموالا هائلة وارسلت اليها اثنين واربعين عاموداً ورخاماً وبلاطاً وقد احتفل بافتتاحها اول يوم عيد الفصح سنة 406 م وما زالت اثارها قائمة وقد تولى الاسقف برفيريوس عام 420 م بعد ان ظل اسقفاً اكثر من 24 سنة وفي اوائل القرن الخامس للميلاد اصبحت غزة كلها مسيحية وانتهت الوثنية وفي عام 525 م اشتهر زخريا الخطيب صاحب كتاب تاريخ الكنيسة المكتوب بالسريانية وجاء بعده الاسقف مارقيانوس الذي كان اخوه والياً على غزة وقد شيّد عدداً من المباني واعاد بناء سور غزة واضاف اليها الابراج واعاد بناء كنيسة الرسل على مقربة من السوق وانشأ العديد من الكنائس وفي عهده ذاع صيت غزة في عالم العمران والتجارة والادب واكتظت شوارعها بالجماهير والمثقفين والخطباء والمسارح والفلسفة وحين اغلق جوستانيان مدارس اثينا عام 529م كانت مدارس غزة مفتوحة ابوابها تبث العلم والفلسفة الافلاطونية، وفي غزة ايضا نشأ بيلاكيوس الذي اصبح البابا مندوبا عن روما وقد كان مجلس غزة يشرف على اسقف الاسكندرية ويقيله. وهكذا ظلت كنيسة غزة قائدة ورائدة ومنافسة وقد جاء في وصف انطونيوس الشهير لغزة بانها ''مدينة جميلة للغاية رجالها شرفاء جدا واحرار بكل معنى الكلمة ومحبون للحجاج'' ومن اواخر اساقفة كان سلمان الغزي العالم الشاعر والعربي الجنسية واللغة وله ديوان كبير الحجم. وبعد الفتح الاسلامي عاش المسيحيون في غزة بامان واطمئنان ومع قيام الحروب الصليبية واستيلاء الفرنجة على فلسطين حلت الكنيسة اللاتينية محل الارثوذكسية ولم يبق تحت سيادة البطاركة الارثوذكسيين سوى اسقفيات اللد والرملة والخليل اما اسقفية غزة فتركت لليونان، وفي العهد العثماني كان مجلس الادارة للكنائس في غزة مؤلفا من عضوين مسلمين واخرين مسيحيين وكان مفتي المسلمين والرئيس الروحي للمسيحيين يعتبران عضوين طبيعيين في المجلس وفي اوائل الاحتلال البريطاني لفلسطين بعد عام 1917 تألفت في غزة جمعية اسلامية مسيحية كان قوامها اعضاء من المسلمين والمسيحيين. لقد فتح المسلمون غزة في مثل هذا اليوم من شهر شباط 15/2/634م (13ه) بقيادة عمرو بن العاص وكانت اول مدينة فتحت من المسلمين في فلسطين وقد خسر المسلمون امام فتحها الالاف وقد استوطنتها القبائل والاسر العربية القادمة مع الفتح وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم الذي زارها قبل النبوة عنها ''طوبى لمن سكن احدى العروسين غزة وعسقلان'' ولعل اشهر ابنائها العرب في تاريخها القديم الامام الشافعي وابنته المدفونة فيها (اسيا).. غزة التي لم تقبل سوى الانباط العرب ما زالت تقاوم الغزاة. عن صحيفة الرأي الاردنية 16/2/2008