حتى لا نلوم الضحايا ممدوح طه الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وتناسي حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني. وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة ويتحرر من الفزع والفاقة.
من الضروري أن يتولى القانون الدولي حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى الثورة على الاستبداد والظلم. «كما تنص مقدمة اتفاقية جنيف لحماية المدنيين تحت الاحتلال أو في زمن الحرب».
كان سؤال الأمس هو، من يحاسب الإرهابيين على إرهابهم، ومن يحاكم مجرمي الحرب من المعتدين المحتلين، سواء من الأميركيين في العراق أو من الصهاينة في فلسطين؟.. وذلك بدلا من انقلاب المعايير الإنسانية سواء بعض الدولية أو بعض العربية بإدانة الضحايا الفلسطينيين وتبرير جرائم المجرمين الصهاينة، فنقع في جريمة المشاركة في جريمة لا إنسانية، لا في شرف الدفاع عن الحقوق الإنسانية الثابتة خاصة العربية والإسلامية.
وجواب اليوم هو، أنه لما كانت إسرائيل متهمة من كل العالم الأصدقاء قبل المحايدين، ومن المحايدين قبل الأعداء طبعا عدا أميركا الديمقراطية ورئيسها داعية حقوق الإنسان بأنها ارتكبت جرائم حرب دولية وإنسانية طبقا لمبادئ ميثاق الأممالمتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولنصوص القانون الدولي الإنساني الذي تتضمنتها اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين في زمن الحرب، أو المواطنين الواقعين تحت الاحتلال العدواني الأجنبي.
سواء بجريمة الجرائم وهي «الاحتلال وضم أراضي الغير بالقوة»، فيما هي الآن تحتل بالقوة أراضي لثلاث دول عربية هي فلسطين وسوريا ولبنان بحروب عدوانية، أو بالممارسات الهمجية الحربية اللاإنسانية في الأراضي العربية المحتلة ضد البشر والشجر والحجر.
أو بممارسة «إرهاب الدولة»، خاصة في الأراضي الفلسطينية ضد النساء والشيوخ والأطفال وبسياسة هدم البيوت وتجريف المزارع، أو بالغارات والاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات حتى ضد البرلمانيين والسياسيين،
وبالسياسة العنصرية «التي تستهدف» التطهير العرقي على أساس ديني «بالإصرار على يهودية الدولة الإسرائيلية» و«بالعقاب الجماعي» كسلطة احتلال للمواطنين الفلسطينيين المدنيين تحت الاحتلال بقطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء والدواء عن الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة.
وحيث وجه مقرر شؤون حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية التابعة للأمم المتحدة اتهاما دوليا واضحا لإسرائيل بتنفيذ العقاب الجماعي وعدم التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية في غاراتها على قطاع غزة، وحيث اعتبر أن المسؤولين عن تلك الأعمال «جبناء»،
ويتحملون وزر جرائم حرب خطيرة وينبغي ملاحقتهم قضائيا وسياسيا ومعاقبتهم، دعت منظمات حقوقية وشعبية أوروبية إلى التظاهرات الشعبية في بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا وبلجيكا للتضامن مع الشعب الفلسطيني والتنديد بالسياسيات الهمجية الإسرائيلية،
وأكدت ردود الأفعال الدولية والتي غاب عنها صوت واشنطن، وأولها لندن رفضها لقرار إسرائيل إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى غزة، كما أعربت باريس عن «أسفها الشديد» للحصار، معتبرة انه يؤدي إلى «عقاب جماعي» لسكان يعانون بالفعل.
المفوضة الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل أعلنت أن «القرار الإسرائيلي بإغلاق كل المعابر الحدودية مع قطاع غزة ووقف إمداده بالمازوت سيزيد من صعوبة الوضع الإنساني الكارثي وسيتسبب بتصعيد في الوضع الصعب أصلا ولن يخدم جهود السلام أو يوقف العنف».
استنادا إلى كل ذلك، دعوت بالأمس إلى تفعيل إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية عقب اجتماع «المندوبين العرب» أن إسرائيل بهذا الحصار ترتكب جريمة حرب، ويجب إيقافها.
واليوم ندعو المنظمات والنقابات الحقوقية العربية والإسلامية والعالمية إلى التضامن لمحاكمة الاحتلال الإسرائيلي على «جرائم الحرب اللاإنسانية».
والتي لا تسقط بالتقادم أمام المحاكم الدولية وفي المجلس العالمي لحقوق الإنسان، وطلب اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة بصيغة «التضامن من أجل السلام» لمحاكمة إسرائيل التي تهدد الأمن والسلام سياسيا واستصدار قرار «ملزم» بموجب هذه الصيغة رداً على تخاذل مجلس الأمن الأميركي الذي تقاعس حتى في إصدار بيان رئاسي غير ملزم بصورة مخزية تمثل عارا على الضمير الإنساني الدولي. عن صحيفة البيان الاماراتية 10/2/2008