قد مرت على اتفاقية إيفيان، تلك الاتفاقية التي كانت نقطة الفصل بين وضعي الحرب والسلم في الجزائر،ووضعت الخطوط العريضة لاستقلال بلد المليون ونصف المليون شهيد،وهو صورة للأنتصار العظيم الذي تحقق بفضل الثورة الجزائرية التي كانت شرارتها الأولى أكبر عملية استعراض قوة شهدتها البلاد في تاريخها من خلال عمليات استهدفت مصالح الاحتلال الفرنسي وأعوانه ليلة الفاتح من نوفمبر 1954.
وتبعها توزيع بيان جبهة التحرير الوطني الداعي الى التماسك ورص الصفوف واتخاذ الحرب أسلوبا والكفاح المسلح وسيلة لطرد المحتل الفرنسي،بعد إخفاق النضال السلمي الذي خاضته الحركات السياسية الجزائرية ، طيلة عقود من الزمن. وأمام كثافة العمليات المسلحة ضدّ قوات الاحتلال والمصالح الاستعمارية وتوسع نطاق لهيب الثورة ، فورانطلاقها، لجأت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات العسكرية والسياسة والقانونية مع مطلع عام 1955،لمواجهة التطورات في الجزائر.
وكان أخطر تلك الإجراءات المتخذته،سنّها لقانون حالة الطوارئ، وهوعبارة عن جملة من الإجراءات القانونية والإدرية التعسفية والقمعية تسمح لللسلطات الفرنسية الاستعمارية بخنق الثورة في المهد قبل استفحالها، ذلك القانون الذي منح السلطات المدنية والعسكرية على حد سواء صلاحيات مطلقة من أجل استرجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل أول نوفمبر ،1954،من أبرز بنوده ما يلي: 01 تحديد الإقامة للأفراد مع فرض الرقابة الشديدة على تنقلاتهم 02 مراقبة المحلات و الأماكن العمومية 03 وضع الأفراد المشبوهين رهن الاعتقال أو السجن أو النفي دون محاكمة 04 إشاء محاكم استثنائية عوض المحاكم العسكريةوجعل أحكامها نافذة و غير قابلة للطعن .
قامت وزارة الداخلية بتحضير مشروع ذلك القانون قصد دراسته من طرف الحكومة الفرنسية في 19مارس 1955؛ ووافق عليه البرلمان الفرنسي في 1 أفريل 1955. وقد حددت مدة تطبيقه بستة أشهر قابلة للتمديد، و هي مدة كافية في أعتقادهم للقضاء التام على الثورة. كان ذلك بداية لقصة الرقم19 مع أحداث الثورة الجزائرية ،نذكر على سبيل المثال لا الحصر، أهم الأحداث التي حملته فيما يلي: 19جانفي1956 وقع فيه أغتيال الدكتور ين زرجب بمدينة تلمسان،ويوم 19ماي من نفس السنة نظم الاتحاد العام للطلبة المسلمين في الجزائر إضرابا عاما ، وجند مناضلوه للألتحاق بصفوف الثورة،وفي 19جويلية1957 وقعت معركة جبل بوزقزة الشهيرة في الولاية التاريخية الرابعة،اتبعها مجلس الوزراء الفرني بالمصادقة على قانون الإطار المخصص للجزائر،في 19سبتمبر1957،وقرارإنشاء مناطق محرمة في الجهات الساخنة-"كالأوراس-منطقتي القبائل الصغرى والكبرى- الشمال القسنطيني" والمناطق الحدودية ،خاصة الشرقية منها يوم 19فيفيري1958،وتأسست الحكومة المؤقتة يوم19،أوت عام1958،واعلن عنها من القاهرة،ردا على مجيء الجنرال -ديغول- رئيسا لفرنسا بعد سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة، حيث استغل شعبيته و عزز قدرات الجيش الفرنسي فرفع عدد أفراده الى نصف مليون جندي. ويوم19ديسمبر 1959الاتحاد العام للعمال الجزائريين يعلن رفضه لمضمون التحقيق في ملابسات وفاة الشهيد عيسات ايدير.
اجتمع المجلس الوطني للثورة الجزائرية بطرابلس يوم 22فيفيري1962، لدراسة نص اتفاقيات إيفيان في كل جزئياتها،و تم التصويت على مشروع نص الإتفاقيات بلأغلبية حيث أمتنع أربعة من أعضائه هم :هواري بومدين ،و قائد أحمد ،وعلي منجلي، و الرائد مختار بوعيزم ،ويبقى سبب الامتناع مجهولا، أهي الثغرات التي تضمنتها الإتفاقية والتي ما تزال تخدم فرنسا الى يومنا هذا ، فمحاولت فصل الصحراء وإبقاء قواتها فب الجزائر لمدة أطول ،كان لها أثرا سبئا على الحياة السياسية بعد الاستقلال،أم هناك أمر آخر،خاصة وأن الممتنعون هم من ذوي الخبرة العسكرية الرفيعة والدهاء السياسي الثاقب، لاشك انهم أذركوا معاناة فرنسا وأيقنوا من قدرة الثورة على انتزاع الإستقلال كاملا غير منقوس. استمرت قصة الرقم19مع الاحداث،فبعد التوقيع وثيقة اتفاقية إيفيان، من طرف "كريم بلقاسم" عن الطرف الجزائري،"ولوي جوكس "عن الطرف الفرنسي، يوم 18مارس 1962،أعلن بن يوسف بن خدة عن توقيف القتال من تونس،بعد أن قام الرئيس الفرنسي شارل ديغول بإعطاء أوامر للقوات الفرنسية لوقف الأعمال العسكرية ابتداء من منتصف يوم 19مارس 1962.
قد يطرح السؤال:هل أن إعلان الطرفين عن توقيف القتال احترم من الطرفين ،ام لا؟ إن الإجابة عن السؤال تدعونا لمراجعة قائمة المقتولين والمغفودين خلال الفترة-19مارس ،و5جويلية 1962، فمنظمة الجيش السري التي كان ظهورها يوم 6ديسمبر1961،وعرفت بالإرهاب و الأعمال الإجرامية على جميع المستويات و هي تمثل اليمين المتطرف في الجيش الفرنسي الرافض لأي حل مع الجزائريين، سوى الحل العسكري الحاسم، شكل نواة ذلك الارهاب أربعة ضباط متعاقدون كانوا قد أعلنوا التمرد على حكومتهم يوم 22 أفريل 1961م .
وكتفت عملياتها ابتداء من 01أفريل 1962، وعمدت هذه الشردمة إلى تطبيق سياسة الأرض المحروقة موجهة ضرباتها الى الطاقات الحية فى البلاد و المنشآت الهامة التى يمكن أن يستفيد منها أبناء الشعب الجزائري فى ظل الاستقلال والحرية، فاغتالت الرجال والنساء، واحرقت المدارس والجامعات والمكتبات ونهبت الممتلكات والأموال وبددت الوثائق،ومن أشهرعملياتها تفجير سيارة مفخخة بميناء الجزائر العاصمة و قتل63 عاملا و حرق مكتبة جامعة الجزائر وإتلاف600 ألف عنوان و تفجير المخابر و القاعات، لم تتوقف عن غيها الى غاية رحبلهم بعد اعلان نتائج الاستفتاء.
استنادا إلى ما تضمنه نص الجزء الثالث من مواد ضمانات تنظيم الاستفتاء على تقرير المصير و الجزء الرابع من الاتفاقيات الذي ينص على تشكيل قوة محلية للأمن غايتها الإشراف على استفتاء تقرير المصير و قد جاءت المواد 19 ، 20 و 21 لتحديد مواصفاتها و الصلاحيات التي تضطلعبها تم تشكيل" لجنة تنفيذية"حكومة مكونة من : -عبدالرحمان فارس: رئيسا -روجي روت: نائبا للرئيس -شوقي مصطفاي: الشؤون العامة (منسق ممثلي جبهة التحرير في الهيئة -عبد القادر الحصار: شؤون الأمن.
-عبدالرزاق شنتوف: شؤون الإدارة - محمد الشيخ: الفلاحة -جان مانوني: المالية *محمد بن تفتيفة: البريد -الشيخ إبراهيم بيوض: الشؤون الثقافية -بلعيد عبد السلام: الشؤون الاقتصادية -شارل كونيغ: الأشغال العمومية -بومدين حميدو: الشؤون الاجتماعية . نظم الأستفتاء فعلا يوم01 جويلية، لإجابة الناخبين عن السؤال: هل تريدون استقلال الجزائر في إطار التعاون مع فرنسا حسب الشروط المحددة في تصريحات 19 مارس 1962؟. وكانت نتائجهكما يلي: عدد المسجلين:736 549 6 -عدد المصوتين:017.680 .6 -المصوتون ''نعم'': 957.581 . 5 -المصوتون ''لا'': 534 .16 -أوراق بيضاء وملغاة: 565 .25 وهي النتائج التي صورة حية على واقع السياسة الإستعمارية، واساليب الإغراء الذي مورس على الشعب،باتباعه أسلوب الترهيب والتفقير والتجهبل والعزل عن العالم الخارجي،هذه هي فرنسا التي يرقص قادتها اليوم على أنغام بوش الديمقراطية.