زيادة في إقبال «أطباء الأسنان» على انتخابات التجديد النصفي للنقابة (تفاصيل)    المفتي: الرئيس السيسي إنسان لديه نُبل شديد وعزيمة غير مسبوقة    لمواجهة الكثافة.. "التعليم": إنشاء أكثر من 127 ألف فصل خلال 10 سنوات    17.5 مليار جنيه.. قفزة بحصيلة النقد الأجنبي في الأهلي ومصر للصرافة    منها الأرز والسكر والفول واللحمة.. أسعار السلع الأساسية في الأسواق اليوم الجمعة    وزير التنمية المحلية يوجه المحافظات بتطبيق المواعيد الصيفية لفتح وغلق المحال العامة بكل قوة وحزم    التوسع في الخدمات الرقمية يجذب الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا المالية    قناة مجانية.. 4 خطوات لمشاهدة مباراة الأهلي ومازيمبي في دوري أبطال أفريقيا    بالصور- انخفاض شديد في درجات الحرارة وسحب كثيفة تغطي سماء الوادي الجديد    مزارع يقتل آخر في أسيوط بسبب خلافات الجيرة    هنا الزاهد تنشر إطلالة جريئة.. والجمهور يغازلها (صور)    الأزهر للفتوى ينصح باصطحاب الأطفال لصلاة الجُمعة: النبي كان يحمل أحفاده ويؤُم المُصلِّين في المسجد    الناتو يخلق تهديدات إضافية.. الدفاع الروسية تحذر من "عواقب كارثية" لمحطة زابوريجيا النووية    "الدفاع الروسية": "مستشارون أجانب" يشاركون مباشرة في التحضير لعمليات تخريب أوكرانية في بلادنا    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    اسكواش - نوران ل في الجول: الإصابة لم تعطلني وتفكيري سيختلف في بطولة العالم.. وموقف الأولمبياد    أول تعليق من كلوب على إهدار صلاح ونونيز للفرص السهلة    وزارة الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة 3 مايو    حصاد الزراعة.. البدء الفوري في تنفيذ أنشطة مشروع التحول المستدام لإنتاج المحاصيل    معمولي سحر وفكيت البامبرز.. ماذا قال قات.ل صغيرة مدينة نصر في مسرح الجريمة؟    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة.. وبلينكن يرد    محامية حليمة بولند تكشف كواليس حبسها    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    رئيس الصين يوجه رسالة للولايات المتحدة، وبلينكن يرد    خطيب الأوقاف: الله تعالى خص أمتنا بأكمل الشرائع وأقوم المناهج    الصحة: فحص 434 ألف طفل حديث الولادة ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    قافلة جامعة المنيا الخدمية توقع الكشف الطبي على 680 حالة بالناصرية    طريقة عمل ورق العنب باللحم، سهلة وبسيطة وغير مكلفة    تراجع ثقة المستهلك في فرنسا بشكل غير متوقع خلال شهر أبريل الجاري    مواقيت الصلاة بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. في القاهرة والمحافظات    الإسكان: تنفيذ 24432 وحدة سكنية بمبادرة سكن لكل المصريين في منطقة غرب المطار بأكتوبر الجديدة    انتداب الطب الشرعي لمعاينة جثث 4 أشخاص قتلوا على يد مسجل خطر في أسيوط    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    منها «ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن».. 7 أهداف للحوار الوطني    عرض افلام "ثالثهما" وباب البحر" و' البر المزيون" بنادي سينما اوبرا الاسكندرية    سميرة أحمد ضيفة إيمان أبوطالب في «بالخط العريض» الليلة    في ذكرى ميلادها.. أبرز أعمال هالة فؤاد على شاشة السينما    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    احتجت على سياسة بايدن.. أسباب استقالة هالة غريط المتحدثة العربية باسم البيت الأبيض    دعاء صباح يوم الجمعة.. أدعية مستحبة لفك الكرب وتفريج الهموم    تشافي يطالب لابورتا بضم نجم بايرن ميونخ    أمن القاهرة يكشف غموض بلاغات سرقة ويضبط الجناة | صور    اتحاد جدة يعلن تفاصيل إصابة بنزيما وكانتي    تأجيل الانتخابات البلدية في لبنان حتى 2025    نائب وزير خارجية اليونان يزور تركيا اليوم    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    الشركة المالكة ل«تيك توك» ترغب في إغلاق التطبيق بأمريكا.. ما القصة؟    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    رمضان صبحي: نفتقد عبد الله السعيد في بيراميدز..وأتمنى له التوفيق مع الزمالك    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    أطفال غزة يشاركون تامر حسني الغناء خلال احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد نظريّة المؤامرة؟ / حازم صاغيّة
نشر في محيط يوم 29 - 07 - 2008


ما بعد نظريّة المؤامرة؟
حازم صاغيّة
درجت الثقافة السياسيّة العربيّة والإسلاميّة على ردّ سلبيّات الحياة العامّة، والخاصّة أحياناً، الى المؤامرة. والأخيرة احترفها الغرب وإسرائيل ومن التحق بهما من ضالّين ومضلَّلين، فاسدين ومفسَدين، في الداخل.
فنحن مفتّتون لا بسبب تراكيبنا والملليّة الضاربة جذرها في الزمن العثمانيّ، وربما في أزمنة أبعد، بل بسبب سايكس بيكو. والهزائم تنزل بنا لا بسبب ضعف داخليّ، بل لأن الإمبرياليّة تتآمر مع الصهيونيّة للحيلولة دون انتصارنا. والعراق ولبنان والفلسطينيّون محتربون في ما بينهم لأن عدداً من الأشرار في واشنطن وتل أبيب، ينضمّ إليهم أحياناً أشرار في لندن وباريس، يجعلوننا مشهداً متواصلاً للتنابذ والفرقة.
لهذا حين كانت تداهمنا حقائق تنمّ عن عكس ذلك، كنّا ننسبها الى «تجاوزات» و «سوء فهم» و «خلافات بين أهل الخندق الواحد» وبين «الأخوة» و «الرفاق»، منبّهين الى ضرورة «اليقظة» و «الحذر» لقطع الطريق على المؤامرة وأصحابها.
وهي لغة عريقة يصعب أن تختفي بسهولة، وقد لا تختفي بتاتاً. غير أنها شرعت تفسح المجال للغة أخرى تجاورها. فالانفجار الأخير في غزّة لم يقل أحد من المعنيّين إن إسرائيل وراءه: «الحمساويّون» اتّهموا «فتح» واعتقلوا قادة فيها و «كوادر»، بينما «الفتحاويّون»، اتّهموا «حماس» تبعاً لما سمّوه نزاعات في داخلها.
أما اشتباكات طرابلس، فلم تحلْ الإشارات العابرة إلى «طرف ثالث» و «طابور خامس» من دون تهم غير مسبوقة في صراحتها، تناقلتها وسائل الإعلام جميعاً، عن نزاع «السنّة» و «العلويّين».
في الحالة الأولى، ظلّ القوميّون العرب، أو بقاياهم، ينبّهون من إسرائيل، لا بوصفها المتّهمة بالانفجار، بل بوصفها المستفيدة منه ومن تمادي الصراع واستطالته. وفي الحالة الثانية، راح اليساريّون، أو بقاياهم، يؤكّدون على أنها حرب «الفقراء والفقراء». غير أن المعنيّين بالبؤرتين على نحو مباشر كانوا يتجاوزون التنبيهات ذات المصدر التآمريّ أو الافتراض الحداثيّ المبسّط (أمّة... طبقة الخ.).
فهؤلاء كأنّهم باشروا معانقة الواقع كما هو من دون تزويق. إلا أنه بدل أن يكون واقعاً مداناً وعرضة للنقد والنقض، يتبدّى معطى عاديّاً من طبيعة الأشياء. ذاك أننا نتقاتل فحسب، وما المشكلة في أن نتقاتل؟
وأغلب الظنّ أن انتقالاً كهذا الى ما بعد نظريّة المؤامرة يتغذّى من مناخ عامّ يشكّله عنصران يتمدّد حضورهما على مدى المشرق العربيّ فيما يعمل الإعلام التلفزيونيّ على إدخالهما الى كل بيت وكلّ رأس.
الأوّل أن النزاع السنّيّ - الشيعيّ في العراق ضيّقَ على نظريّة المؤامرة بقدر ما ضيّق على نظرية الوحدات، عربيّة كانت أم إسلاميّة. صحيح أن القائلين بالدور الأميركيّ في تفتيت العراق لا تزال أصواتهم كثيرة ومرتفعة، إلا أن قدرتها على الإقناع تتراجع على نحو يوميّ. فالنزاع المذكور بات مستقلاًّ بذاته عن الاحتلال، وهو ما يتفجّر بين عرب وعرب (فالطرف الآخر ليس كرديّاً أو دارفوريّاً)، كما بين مسلمين ومسلمين (فالطرف الآخر ليس مسيحيّاً أو يهوديّاً). والعنصر الثاني أننا، حسب الروايات النضاليّة المتكاثرة، نعيش زمن انتصارات «للمرّة الأولى» في تاريخنا الحديث. وإذا كان «النصر الإلهيّ» وتتمّته في استرجاع الأسرى والجثامين يجبّان ما قبلهما، محيلين كلّ ديجور نوراً، فإنّهما يعيشان على مقربة من مشروع إيرانيّ صاعد بدوره ربّما تسنّى له أن يتسلّح بأنياب نوويّة، وهو يوميّاً يهاجم الغرب ويتحدّى إسرائيل ويهينهما وينقضّ عليهما. ولا يخلو الرصيد السوريّ من انتصارات تترجمها عودة جزئيّة، إنّما مجلجلة، الى لبنان، مصحوبة بعودة الى العالم من البوابة الفرنسيّة. ومن يحرز انتصارات كتلك يكون قد أحبط المؤامرة وهزمها، تاركاً لها مهمّة أشدّ تواضعاً هي محاولة منعه من تحقيق انتصار آخر.
بيد أن العنصرين هذين لا يحصلان في عالمين منفصلين، بل في عالم واحد شديد التداخل، بعيد التأثّر والتأثير. هكذا يرتسم مشهدنا على النحو الآتي: نحن نحقّق انتصارات باهرة بينما نقيم في قلب تفتّت واحتراب باهرين. بهذا تكون التتمّة المنطقيّة لواقعنا كما نرسمه: نعم إننا نتقاتل، وما المشكلة في أن نتقاتل ما دمنا، في ظلّ هذا التقاتل، نحقّق انتصاراً من طراز ملحميّ؟ بمعنى آخر، يمكن، في وقت واحد، هضم الانتصارات وتجشّؤ العفن.
المفارقة أن مغادرة كهذه لنظريّة المؤامرة تحمل على استمطار الرحمة على النظريّة تلك!
عن صحيفة الحياة
29/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.