حلف الناتو لا يريد أوكرانيا فلاديمير سادافوي لا شك أن سعي أوكرانيا الدؤوب وإلحاحها للانضمام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) يشكل مشكلة كبيرة ليس فقط لروسيا بل وللعديد من الدول الأخرى في المنطقة، وعلى رأسها جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق من أعضاء رابطة الدول المستقلة، كما يشكل قلقا كبيرا لدولة مثل الصين لا تبعد كثيرا عن أوكرانيا، وأيضا بالنسبة لدولة مثل إيران، وكل هذه الدول بالقطع لا ترغب في الوجود العسكري الأجنبي الغربي بالقرب من حدودها.
وهذا الأمر لا يخفى عن قيادات حلف الناتو ولا عن واشنطن، ولا نستطيع أن نجزم بأن الأمر بالنسبة للغرب مقبول بشكل كبير وإلا افترضنا وجود رغبة عدوانية من الغرب تجاه كل هذه الدول، أو حتى رغبة في إثارة مشاكل معها.
ولهذا فإنه من المنطقي أن يتريث حلف الناتو نفسه في اتخاذ القرار بضم أوكرانيا لعضويته، خاصة وأنها ليست المكسب الكبير للحلف الذي يمكن التضحية معه بمصالح دول الحلف مع باقي دول المنطقة، وربما يكون هذا هو الدافع الأساسي وراء تردد الحلف الواضح في البت في قرار ضم أوكرانيا لعضويته الآن وإرجاء المسألة لتوقيت آخر مناسب،.
وإن كان هذا الأمر سيغضب النظام الحاكم في أوكرانيا والذي يعول الكثير على قبول العضوية، بل إن الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو يأمل في أن يتم انضمام بلاده لعضوية الحلف في أقرب وقت ممكن حتى يستطيع خوض انتخابات الرئاسة القادمة بإنجاز كبير يعزز موقفه أمام خصومه الأقوياء. لقد أعلنت قيادة حلف الناتو أن أوكرانيا غير جاهزة حاليا لمرحلة التكامل الجديدة مع الحلف.
ويرى المراقبون أن بروكسل تبحث عن عذر لائق من أجل رفض درج أوكرانيا في خطة العمل لنيل عضوية الحلف في ديسمبر القادم، ولكي لا يبدو ذلك وكأنه تنازل من جانب الحلف تحت ضغط موسكو فإنهم في بروكسل عاكفون الآن على بحث مبررات رفض العضوية.
وقد ظهرت في الأفق بعض المبررات، فقد أشار مصدر في مقر الحلف لوسائل الإعلام إلى أن الجيش الأوكراني لا يلبي حاليا مواصفات الناتو «تحتاج أوكرانيا إلى مساعدات مادية لتنفيذ الإصلاحات في قواتها المسلحة، في حين لا يتوفر لدى أي من الدول أعضاء الحلف استعداد لتقديم المبلغ الضروري لتحديث جيش كبير، مثل الجيش الأوكراني».
وهناك مشكلة أخرى غاية في الأهمية، وهي رفض غالبية الشعب الأوكراني لانضمام بلاده للحلف، وإن كانت الحكومة الأوكرانية لا تناقش هذه القضية الآن أملا منها في إقناع الشعب في وقت لاحق ببعض الوعود، ولكن كيف يمكن ذلك إذا كان الشعب لا يريد إطلاقا إغضاب الجارة الكبيرة روسيا التي يعتمد عليها الاقتصاد الأوكراني بنسبة أكثر من 80% ويعيش على أراضيها أكثر من مليونين من الأوكرانيين يعملون في أسواقها ويرسلون المساعدات لأهلهم في أوكرانيا، وعلى ما يبدو أنه ليس هناك إجماع في القيادة الأوكرانية على الانضمام للناتو، خاصة .
وأن رئيسة الوزراء تيموشينكا قد توقفت في الفترة الأخيرة عن الإدلاء بتصريحات في هذا الشأن بعد أن كانت الأكثر حماسا للانضمام للناتو، لكنها في منافستها للرئيس يوشينكو ونيتها خوض انتخابات الرئاسة ضده فإنها تلعب على كسب الرأي العام الأوكراني بإبدائها عدم اهتمامها بالانضمام للناتو.
أيا كان الأمر فإن قيادة الحلف قد أخذت قرارها برفض أو إرجاء ضم أوكرانيا للحلف لوقت آخر لم يحدد بعد، وليس من المستبعد أن يتمثل هدف زيارة الأمين العام لحلف الناتو إلى كييف في إيجاد حجة لائقة لإرجاء درج أوكرانيا في خطة العمل لنيل العضوية إلى أجل غير مسمى، وسيحاول بالطبع أن يقنع القيادة الأوكرانية أن القرار هذا ليس تنازلا من الحلف لروسيا أو محاولة للتقرب مع موسكو. عن صحيفة البيان الاماراتية 8/7/2008