السؤال: هل ارتفاع البناء من الأمور المذمومة؟ وإن لم يكن كذلك فكيف نوفق بينه وبين قول صلي الله عليه وسلم: وأن تري الحفاة العراة رعاة الشاء يتطاولون في البنيان؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن المدرس بالأزهر: لم ينه الإسلام عن البناء. ولم يذم التطاول في البنيان. ولكن بيَّن أن التطاول في البنيان والتفاخر فيه والتكاثر في تعليته وتوسيعه لا لشيء إلا جرياً وراء المظاهر. علامة من علامات يوم القيامة واقتراب أجلها. لما روي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: بينما نحن عند رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب. شديد سواد الشعر. لا يري عليه أثر السفر. ولا يعرفه منا أحد. حتي جلس إلي النبي صلي الله عليه وسلم فاسند ركبتيه إلي ركبتيه. ووضع كفيه علي فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وتقيم الصلاة. وتؤتي الزكاة. وتصوم رمضان. وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا" قال: صدقت. فعجبنا له. يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وتؤمن بالقدر خيره وشره" فقال: صدقت قل: فأخبرني عن الإحسان. قال: أن تعبد الله كأنك تراه. فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قال: فأخبرني عن الساعة قال: "أن تلد الأمة ربتها. وأن تري الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان" "متفق عليه". فالحديث لا يدل علي ذم التطاول في البناء. وإنما ثبت في السنة النبوية أن أربع من السعادة ومنها المسكن الصالح. كما صح من دعائه صلي الله عليه وسلم: "اللهم وسع لي في داري". وبالتالي فالمذموم هو الاهتمام بالبنيان المادي فوق الحاجة تفاخراً وتكاثراً علي حساب الإيمان والأخلاق. وهو ما ذم الله به الأمم السابقة كعاد وثمود بقوله: "ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد.." "الفجر/6-9" . أما إذا كان التطاول في البناء ليخدم نفسه. وأهله أو ليسهم في حل أزمة إسكانية في مكان ما. فهو مأجور عليه لما روي أن المؤمن يؤجر بنيته الصالحة. المصدر: جريدة "المساء" المصرية.