السؤال: حجت والدتي وأوصتني قبل وفاتها ان أحج لها حجة وقد حججت عن نفسي فما حكم الدين إذا لم أحج عنها؟ يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور عبداللطيف محمد عامر - أستاذ الشريعة بكلية الحقوق بجامعة الزقازيق - يقول: الحج فرض علي كل مكلف مستطيع في العمر مرة واحدة وهو فرض عين يؤديه الإنسان عن نفسه مادام قادرا والزيادة علي المرة الواحدة يعد فضلا أو تطوعا.. وذلك لما أخرجه مسلم ان أبا هريرة قال: خطبنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فقال: "أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا.. فقال رجل: أكل عام يا رسول الله فقال: "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" وهذا يتناسق مع يسر الإسلام في فرضيته للمكلفين. أما الحج عن الغير فقد ذهب جمهور الفقهاء إلي مشروعيته ولهم في ذلك أدلة كثيرة إلا أن المالكية قد ذهبوا إلي ان الحج لا يقبل النيابة لا عن الحي ولا عن الميت معذورا كان أم غير معذور فاذا أراد الولد أن يبر أحد والديه فليكن ذلك بغير الحج كالهدية أو الصدقة أو الدعاء له لقول رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "عمن انقطع عمله بعد موته إلا من ثلاث أحدها: ولد صالح يدعو له. ومن هنا نري ان حج الفريضة المشروعة التي خوطب بها المسلمون القادرون علي سبيل الحتم والالزام هي الحجة الأولي سواء أكانت مباشرة بقيام المسلم بالحج عن نفسه وهو قادر أوغير مباشرة بحج غيره إذا كان غير قادر وما عدا هذه الحجة المفروضة فلا يطالب بها المسلم علي سبيل التكليف والإلزام ولقد كان من شروط الاحجاج نيابة عن الغير ان يكون هذا الغير عاجزا عن أداء الحج الواجب عليه فاذا كان قد أدي الفريضة بنفسه وهو قادر فلا مجال للاحجاج عنه مرة ثانية بعد عجزه أو بعد وفاته وللمالكية أيضا رأي في ذلك إذ يقولون بان من وجب عليه الحج وهو قادر علي الحج بنفسه ثم حضره الموت فلا تجب عليه الوصية بالحج ولا يسقط عنه الفرض بأداء الغير عنه ولكن إذا أوصت نفذت وصيته وان لم يوص لم يرسل من يحج عنه كما ان العبد إذا مات فلا يجوز الحج عنه بدون وصيته هذا كله في حج الفرد عن غيره حجة الفريضة أما حج النفل عن الغير فهو ان كان مشروعا عند الحنفية وأحمد فهو جائز مع الكراهة عند المالكية كما انه لا تجوز الاستنابة في حج النقل عن حي ولا عن ميت لم يوص به لأن الاستتابة إذا جازت فقد جازت في الفرض للضرورة ولا ضرورة في النقل فلم تجز الاستتابة فيه وأولي بالمتكلفين أن يوجهوا جهودهم وأموالهم لما به نفع عامة المسلمين وما يقيم أركان الدين وان ينزل كل من الفريضة والنافلة مكانها فقد جاء في الحديث القدسي وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضته ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتي أحبه. والله أعلم المصدر: جريدة "الجمهورية" المصرية.