بلورة استراتيجيات تهدف الى النهوض بكل جوانب الملكية الفكرية في المنطقة العربية هو محور الاجتماع التنسيقي العربي الرابع لمديري مكاتب الملكية الصناعية وحقوق المؤلف الذي انطلقت أشغاله اليوم الأربعاء بضاحية قمرت لتتواصل الى غاية 29 من الشهر الجاري وذلك ببادرة من جامعة الدول العربية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية. وينظر المشاركون من 20 دولة خلال هذا الاجتماع الذي يلتئم تحت إشراف وزارتي الثقافة والمحافظة على التراث والصناعة والطاقة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة في عدة محاور تتصل بالمستجدات على الصعيدين الدولي والعربي فيما يتعلق بالموارد الجينية والمعارف التقليدية والفلكلور وكذلك بتطوير آليات العمل بمكاتب الملكية الفكرية بالدول العربية وإدماج مجال الملكية الفكرية ضمن الاستراتيجيات الإنمائية الوطنية ونقل التكنولوجيا والتشجيع على الإبداع. ولدى إشرافه على افتتاح هذا الاجتماع، أشار السيد محمد العزيز ابن عاشور وزير الثقافة والمحافظة على التراث الى تجذر حماية حقوق الملكية الفكرية في تونس وصلتها بسياسة الانفتاح على العالم التي تعتمدها بلادنا مبرزا عراقة هذا الموضوع في التشريع التونسي . ولاحظ أن حماية الملكية الصناعية في تونس تعود الى 1883 بالمصادقة على اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية كما تم إصدار قوانين براءات الاختراع سنة 1888 وعلامات الصنع والتجارة في العام الموالي والرسوم والنماذج الصناعية سنة 1911 وتم إحداث المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية سنة 1982 وجرى تحيين قوانين الملكية الصناعية سنتي 2001 و2003 ومكن بلادنا من منظومة تشريعية متكاملة محينة وفقا للمواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس . وعن مجال حق المؤلف والحقوق المجاورة، أوضح الوزير أن تونس تعتبر من بين الدول العشر الأوائل المؤسسة لاتفاقية بارن لحماية المصنفات الأدبية والفنية لسنة 1886 وذلك منذ سنة 1887 وقد تتالت القوانين الوطنية المتعلقة بالملكية الأدبية والفنية وآخرها القانون عدد 36 لسنة 1994 مذكرا بإذن رئيس الدولة بتحيينه بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للثقافة يوم 29 ماي 2006 الى جانب إحداث المؤسسة التونسية لحماية حقوق المؤلفين . وذكر الوزير في هذا السياق بإدراج الملكية الفكرية في برامج التدريس الجامعي في تونس وببعث شهادة الماجستير المهني في حق الملكية الفكرية وكذلك بإحداث نظام للضمان الاجتماعي خاص بالفنانين والمبدعين والمثقفين منذ 2002 فضلا عن إحداث فرق تدخل لمقاومة التقليد و لجنة وطنية لمقاومة القرصنة وجملة القوانين والمؤسسات المعنية بحماية التراث الثقافي غير المادي باعتبار انخراط تونس سنة 2006 في الاتفاقية بشان حماية التراث الثقافي غير المادي وفي اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي سنة 2007 . من جهته نوه السيد عبدا لله بابكر ممثل السيد الشاذلي النفاتي الأمين العام المساعد ورئيس مركز جامعة الدول العربية بتونس بادراك جامعة الدول العربية لأهمية موضوع الملكية الفكرية باعتباره يؤثر على مسار التنمية بأوجهها المختلفة مؤكدا مسؤولية المجتمعات والحكومات العربية في حماية حقوق الملكية الفكرية صونا وتشجيعا للمفكرين والمبتكرين. وذكر بتوقيع الجامعة لمذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للملكية في هذا المجال وبإنشاء وحدة الملكية الفكرية للتواصل وتحقيق الشراكة مع الفاعلين في هذا الميدان . وأضاف أن الانعقاد السنوي المنتظم لهذا الاجتماع يدل على وجود آلية لإدارة العمل العربي المشترك في مجال الملكية الفكرية . أما السيد نارندرا ك سبهروال نائب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية «الويبو» فقد أكد على التزام المنظمة بدعم التعاون مع جامعة الدول العربية ملاحظا أن التدخل العربي الفاعل في هذا المجال من شانه أن يوفر أدوات لتطوير نظام عالمي للملكية الفكرية لاسيما على مستوى الموروث الثقافي والفلكلور وابرز أهمية هذا الاجتماع في التعرف على التطورات الحاصلة في مجال الملكية الفكرية على المستويين العالمي والإقليمي وعلى الفرص التي تتيحها لتطوير السياسات التنموية وسد الفجوة الرقمية وتطوير المعارف التقليدية ومختلف التعابير الفلكلورية باعتبارها رصيدا فكريا وبشريا هاما للانصهار في الاقتصاد المعولم. كما نوه بريادة التشريع التونسي في مجال الملكية الفكرية معتبرا إياه أنموذجا يحتذى مبينا ان المنظمة ستعمل في الأمدين القصير والمتوسط على مزيد التنسيق وتطوير القدرات البشرية والمؤسساتية للبلدان العربية في الغرض .