50 ألف رجل شرطة وعشرة آلاف جندي يجوبون العاصمة الكورية الجنوبية سول منذ مطلع الأسبوع الجاري استعدادا لانطلاق أول قمة لمجموعة العشرين تستضيفها دولة خارج مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، غدا الخميس 11 نوفمبر / تشرين الأول ولمدة يومين، وشددت كوريا الجنوبية إجراءاتها الأمنية بصورة كبيرة قبل القمة، بسبب مخاوف من اندلاع احتجاجات عنيفة أو شن هجمات "إرهابية" أو قيام جارتها الشمالية بمحاولات لعرقلة القمة.
وتزيد قوات الأمن الكورية عن ضعف عدد قوات الأمن التي جرى نشرها خلال قمة العشرين السابقة في مدينة تورونتو الكندية، كما تتضمن الإجراءات الأمنية إبعاد المتظاهرين المحتملين عن مكان القمة، التي تعقد بمركز المؤتمرات والمعارض جنوب شرقي سول.
وفي هذا الصدد كان برلمان كوريا الجنوبية مرر قانوناً مؤقتاً يحظر تنظيم أي مظاهرات في دائرة نصف قطرها كيلومتران حول مركز المؤتمرات، فيما جرى رفع حالة التأهب القصوى ضد "الإرهاب" منذ أمس الأول الاثنين حيث يقوم رجال شرطة بحراسة مكان القمة على مدار الساعة بمساعدة الكلاب المدربة، فيما تتولى مروحيات تابعة للشرطة حراسة مجاله الجوي.
ومن المقرر ان يحضر قمة مجموعة العشرين تحت شعارها الرسمى "النمو المشترك بعد الأزمة ", 32 من رؤساء الدول وقادة المنظمات الدولية, سيبحثون معا قضايا رئيسية من بينها اصلاح صندوق النقد الدولى وقطاع التمويل واقامة شبكات السلامة المالية وسبل التصدى للاختلالات العالمية والتعاون الدولى حول قضية سعر الصرف.
وفي أخر فعاليات التحضير للقمة اجتمع أمس الثلاثاء نواب وزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين والمفاوضون التابعون لمجموعات العمل في مباحثات ساخنة حول أبرز الموضوعات التي سيتم طرحها في قمة العشرين المقررة غدا الخميس في سول.
وتتناول الاجتماعات التي تعقد برئاسة لي تشانج يونج رئيس اللجنة التحضيرية للقمة موضوعات عديدة منها والمطالب من جانب الدول والمنظمات المشاركة في القمة والتي حصرت شبكة الإعلام العربية "محيط" أغلبها فيما يلي:
شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون على ضرورة التعاون بين الاممالمتحدة ومجموعة ال20، قائلا فى بيان له لدى وصوله الى مطار انتشون الدولى صباح اليوم الاربعاء لحضور القمة انه يرى حاجة متزايدة للتعاون بين الاممالمتحدة ومجموعة ال20 مع ارتفاع مكانة المجموعة من حيث صناعة القرار فى الاقتصاد العالمى والنظام المالى الدولى .
واضاف بان ان" بنود جدول الأعمال التى سيتم تناولها فى قمة سول ترتبط بشكل وثيق بأنشطة الاممالمتحدة, مثل التنمية وتغير المناخ " مشيرا الى عزمه " شرح أنشطة الاممالمتحدة فى القمة, ودفع مجموعة ال20 لبذل المزيد فى الجهود الدولية الحالية ".
منظمة العمل الدولية
ومن جانبها، حثت منظمة العمل الدولية مجموعة دول العشرين على تعزيز السياسات الرامية إلى ايجاد فرص العمل والحد من ارتفاع معدلات البطالة.
وأوضح تقرير أصدرته المنظمة استعدادا لمؤتمر للقمة ،أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس" مقتطفات منه، إن معدلات البطالة ارتفعت في 10 من دول المجموعة مقارنة بعام 2009 إلا أنها عادت وانخفضت في ثماني دول.
وأشار التقرير إلى أن عدد الأشخاص العاطلين عن العمل قد وصل إلى 210 مليون شخص، أكثر بنحو 30 مليون شخص منذ بداية الأزمة عام 2007، بينما انخفضت الأجور بنسبة 4% دون مستويات ما قبل الأزمة. وبحسب التقرير، فإن دول المجموعة ستحتاج إلى ايجاد21 مليون فرصة عمل كل عام خلال العشر سنوات القادمة، لمواكبة التقدم في عدد السكان في سن العمل.
ذكرت مصادر الإعلام الكورية الجنوبية أن سول ستطرح على القمة المزمع عقدها غدا الخميس سبل تعزيز القدرات التنموية الكامنة للدول النامية.
ونقلت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية للأنباء عن وزارة التخطيط الاستراتيجي والمالية الكورية الجنوبية واللجنة التحضيرية للقمة أنها قد وزعت مسودة "بيان سول" التي تحتوى على مبادئ توجيهية خاصة بالحساب الجاري لإنهاء حرب صرف العملات إلى الدول الأعضاء لمجموعة العشرين في نهاية الأسبوع الماضي من أجل جمع مواقفها.
وقال احد كبار المسئولين الحكوميين إن مسودة بيان سول تم توزيعها على الدول الأعضاء في نهاية الأسبوع الماضي،مضيفا أنه بالنسبة للمبادئ التوجيهية الخاصة بالحساب الجاري، فأنه من المتوقع حدوث صعوبة في تضييق الفجوة في الآراء حولها.
وتخطط قمة العشرين إلى الإعلان عن إنهاء حرب صرف العملات من خلال إصدار إطار المبادئ التوجيهية للحساب الجاري بالإضافة إلى تجديد التأكيد على تأييد نظم سعر صرف العملات اعتماداً على مبادئ السوق. فيما يتعلق بشبكة السلامة المالية الدولية ك"مبادرة كوريا"، سيتم تبادل الآراء حول تعزيز خط الائتمان المرن لصندوق النقد الدولي وإنشاء خط الائتمان الوقائي.
الصين
أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ما تشاو شيوي اهمية تلك القمة مشيرا الى ان "الصين تأمل في ان تتمكن القمة من تقديم خبرات التنمية في الدول الأسيوية الى العالم" وعلى الدول الاعضاء بمجموعة العشرين ان تعمل سويا لتعزيز زخم تعافي الاقتصاد العالمي".
وكان نائب رئيس مجلس الدولة الصيني وانج تشي شان قد التقى برئيس اللجنة الرئاسية لقمة مجموعة العشرين بجمهورية كوريا آيل ساكونج في بكين وتبادل المسؤولان وجهات النظر حول الاستعدادات للقمة الخامسة لمجموعة العشرين واتفقا على مواصلة تعزيز الاتصالات والتعاون من اجل تحقيق نتائج إيجابية في القمة.
وقال الرئيس في رسالة قرأها رئيس الوزراء كيم هوانج شيك امام البرلمان إن قمة مجموعة العشرين ستساعد كوريا الجنوبية على تعزيز سمعتها القومية وتحقيق نمو اقتصادي أكثر استقراراً. كما أشار الرئيس إلى أن الطريق الآن ممهد بالاتفاق على الأجندة الرئيسية للقضايا المهمة ، مثل الخلاف الدولي حول أسعار الصرف ، والذي تم خلال اجتماع وزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة العشرين في مدينة كيونغ جو الكورية.
واقترحت الولاياتالمتحدة خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين الشهر الماضي أن تكبح الدول فوائض المعاملات الجارية أو معدلات العجز عند 4% من الناتج المحلي الإجمالي، في إطار جهود لإعادة التوازن إلى الاقتصاد العالمي.
ولكن فكرة تحديد أهداف رقمية قد لقيت مقاومة قوية خاصة من اليابانوألمانيا والصين على الرغم من أن بعض المستشارين الصينيين قالوا إن بكين قد تتفق مع واشنطن.
ومن جانبه، قال الرئيس الامريكي باراك اوباما ان الدول الاعضاء في مجموعة العشرين أمامها كثير من العمل الذي يتعين عليها القيام به بشأن الاقتصاد العالمي ولم تحقق حتى الان اطارا لنمو متوازن.
وقال اوباما في مؤتمر صحفي مع الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو أمس الثلاثاء "مازال أمامنا عمل كبير لنقوم به... من الخطوات الرئيسية استخدام أدوات اضافية لتشجيع نمو متوازن ومستديم"، واضاف "لم نحقق حتى الان ذلك النمو المتوازن" مشيرا الى ان بعض الدول تتدخل في أسواق العملات للمحافظة على ميزة لديها دون ان يذكر أسماء.
أوروبا
وفي أوروبا، شدد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه باروسو اول من امس الاثنين على أنه يتعين على زعماء مجموعة ال 20 أن يتوصلوا فى قمتهم إلى "خطة عمل قوية" لتحسين الاقتصاد العالمى الهش، مؤكدا إن نتائج القمة من شأنها أن تمهد الطريق لمستقبل منتدى رئيسى جديد للتعاون الاقتصادى الدولى حيث إن دوره لا يقتصر على تغطية الاستجابة للأزمات فحسب، بل أيضا منعها.
وأشار باروسو إلى أن مجموعة ال 20 ليست مجرد متجر للنقاش، بل هى منصة متعددة الأطراف على أعلى مستوى للحوار الإستراتيجى مع الشركاء العالميين الرئيسيين.
وفى إشارة إلى أن التحسن الاقتصادى العالمى يظل هشا وتختلف وتيرته عبر الدول، قال باروسو "إن المهمة الأكثر أهمية لقادة مجموعة ال20 سوف تكون فى تطوير خطة عمل قوية للتحسن المستدام".
بريطانيا
ومن جانبه، أكد رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون أن استضافة كوريا الجنوبية لقمة مجموعة العشرين تظهر أن الاقتصادات الرائدة في العالم تنظر إلى المجموعة على أنها "المنتدى الرئيسي" لتعاون يتعدى مهمتها الأصلية لمعالجة الأزمة الاقتصادية العالمية، مشددا على انه يتعين أن تكون مجموعة العشرين "مؤسسة فعالة لما بعد الأزمة الاقتصادية".
وأشاد كاميرون بالمجموعة لدورها في معالجة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، وقال "حان الوقت للمضي قدماً"، مضيفا "نحتاج، نحن زعماء مجموعة العشرين، لاتخاذ الخطوة التالية، مجموعة العشرين في مرحلة انتقالية حيث ينتقل الاقتصاد العالمي من الأزمة إلى الانتعاش، لذلك تحتاج (المجموعة) إلى أن ترسخ وضعها خلال السنوات المقبلة كمؤسسة فعالة لما بعد الأزمة الاقتصادية، ستكون قمة سيؤول الخطوة الأولى نحو ذلك".
وجدير بالذكر أن قمة سول هي الاجتماع الخامس لزعماء مجموعة العشرين منذ اللقاء الأول الذي جمعهم أواخر عام 2008 لبحث ردود الفعل المشتركة حول الأزمة التي هزت الاقتصاد العالمي آنذاك، وتشكل مجموعة العشرين التي تضم كبرى الاقتصادات العالمية، الصناعية والصاعدة، حوالي 85% من الاقتصاد العالمي.
وفي ألمانيا، قالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل انها تأمل في تجنب مواجهة في قمة سول بين الصين والولاياتالمتحدة بشأن التجارة والعملات ويحرص الزعماء على اظهار انهم لم يفقدوا روح التعاون التي نشأت أثناء احتدام الازمة المالية في عام 2008 .