تورونتو 2010 فاتورة باهظة قيمتها نحو مليار دولار في انتظار الكنديين الذين يتعين عليهم لتوفير الأمن والحماية لقمتين للدول الصناعية الكبرى في مجموعة الثماني والدول الثرية والناشئة في مجموعة العشرين في اجتماعين تحتضنهما مدينة هانتسفيل ومدينة تورنتو الكنديتين يونيو/ حزيران الجاري .
ويستعد الآن آلاف الشرطيين لتولي هذه المهمة وستحلّق طائرات مطاردة في سماء أونتاريو، وقد تتعرض للتشويش موجات الهواتف الخليوية لحماية قادة الدول الرئيسة في العالم الذين سيجتمعون في إطار مجموعة الثماني في مدينة هانتسفيل، ثم في إطار مجموعة العشرين في تورونتو.
ومن المقرر أن تبدأ قمة مجموعة الثماني في 25 و26 الجاري في هانتسفيل (اونتاريو - جنوب شرق كندا) وسط البحيرات والغابات على بعد 200 كيلومتر في تورونتو، ثم قمة مجموعة العشرين في 26 و27 الجاري في تورونتو كبرى مدن البلاد.
ويتصدى قادة ورؤساء مجموعة العشرين في اجتماع تورونتو لترميم الاقتصاد العالمي وتسريع إصلاح النظام المالي العالمي، بعد أن نجحوا على مدى القمم الثلاث في إيقاف مسلسل الانهيار الكبير.
ورغم أن التباين والاختلاف حول أسلوب الترميم ظهر للعيان بين أجزاء المجموعة خلال الأيام الماضية، إلا أن جميع المشاركين متفقون على أن الاستمرار في مراقبة الأسواق المنحرفة ودعم انتعاش الاقتصاد العالمي هما المهمة الأساسية التي على قادة دول مجموعة العشرين التصدي لها.
وتضم القمة الدول الغنية والناشئة الرئيسة في العالم وهي الأرجنتين وأستراليا، والبرازيل، وكندا، والصين، وفرنسا، وألمانيا، والهند، وإندونيسيا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا، والمكسيك، وروسيا، والمملكة العربية السعودية، وجنوب إفريقيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، كما وجهت الدعوة إلى إثيوبيا، وملاوي، وهولندا، وإسبانيا، وفيتنام، كضيوف شرف.
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالة خطية نشرت الجمعة الماضية ''إن قدرتنا على النمو من دون الانحرافات في السلوك التي عرضت اقتصاداتنا للخطر قبل عامين، تفرض علينا تسريع جهودنا بهدف إنجاز الإصلاحات المناسبة للنظام المالي".
وعلى صعيد الاقتصاد القطاعي الشامل، طلب أوباما من قادة مجموعة العشرين جعل حماية وتعزيز الانتعاش الاقتصادي أولوية في اجتماع تورونتو، قائلا ''لقد عملنا دون انقطاع من أجل إعادة النمو، ولا يمكن أن ندعه يتهاوى أو يفقد من قوته الآن''.
كما دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما قادة الدول الأخرى الأعضاء في مجموعة الدول العشرين الكبرى إلى استمرار الإنفاق العام عند معدلاته المرتفعة الحالية حتى لا يعود اقتصاد العالم إلى دائرة الركود مرة أخرى في ظل هشاشة التعافي الاقتصادي الحالي، محذر من أن التعافي من حالة الركود ما زال هشا للغاية يأتي ذلك في الوقت الذي تتجه فيه أغلب دول أوروبا إلى خفض الإنفاق بسبب تفاقم أزمة الديون لديها.
وقال أوباما ''نحن عملنا بجهد استثنائي من أجل استعادة النمو، ولا نستطيع تركه يتوقف أو يفقد قوته الآن.. يجب إعطاء تعافي الاقتصاد أولوية عليا عندما يجتمع قادة مجموعة العشرين في كندا في وقت لاحق من شهر يونيو/ حيزران الحالي''.
الاتحاد الأوروبي
من جانبه، قال هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي في مؤتمر صحافي بعد اجتماع قادة دول الاتحاد الأوروبي ال 27 ''في قمة العشرين سنقترح... بحث ووضع التفاصيل لاستحداث ضريبة على المعاملات المالية''، وسيحث الاتحاد الأوروبي أيضا على فرض ضريبة عالمية على المؤسسات المالية.
المستشاره الالمانيه انجيلا ميركل وقال قادة الاتحاد الأوروبي في بيان عقب اجتماعهم الأخير ''يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يقود الجهود الرامية لإرساء منهج عالمي لاستحداث ضريبة على المؤسسات المالية بهدف الحفاظ على ساحة عالمية لمنافسة متكافئة، وسيدافع عن هذا الموقف مع شركائه في مجموعة العشرين''.
وفي اجتماع تحضيري لقمة تورونتو عقد في كوريا الجنوبية في وقت سابق هذا الشهر لم يتمكن وزراء مالية مجموعة العشرين من الاتفاق على أي ضريبة مصرفية عالمية بسبب معارضة كندا والبرازيل واليابان.
وقال فان رومبوي إنه إذا لم تؤيد دول مجموعة العشرين الفكرة الأوروبية المتعلقة بفرض ضريبة على البنوك، فإن أوروبا ستمضي وحدها في فرض هذه الضريبة، وتابع قائلا ''لدينا موقف مشترك.. لجميع الدول الأوروبية.. ونحاول إقناع شركائنا. لكننا أيضا نوافق ضمنيا على أنه في حال عدم حدوث إجماع في مجموعة العشرين فإننا سنمضي قدما''.
ومن جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل أيام ضرورة مناقشة مزيد من اللوائح لضبط سوق المال العالمي، وذلك خلال قمة مجموعة الدول العشرين في كندا، قائلة في كلمتها الأسبوعية المتلفزة عبر الإنترنت ''نتذكر جميعا أن الأزمة (المالية العالمية) اندلعت جراء التعاملات الجامحة في الأسواق (أسواق المال)، وهو ما علينا كبحه من خلال ضبط هذه الأسواق من جديد''.
ورأت ميركل أن من بين هذه الإجراءات المطلوبة اعتماد ضريبة على العقود الاشتقاقية التي تسمح بشراء السلع بشكل آجل دون دفع الثمن فورا، كما أشارت إلى مناقشة فرض ضريبة على التعاملات البنكية.
وقرر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي دعم اتخاذ هذين الإجراءين لإشراك البنوك في تحمل نفقات الأزمة المالية العالمية، غير أن هذه الاقتراحات تحتاج إلى إجماع دولي حتى تصبح فاعلة، كما أنها تواجه معارضة عدة دول مثل كندا، والبرازيل، وأستراليا.
وعلى صعيد أسعار الصرف أعلن مسؤول كندي كبير الجمعة الماضية أن مسألة سعر صرف اليوان ستدرج على جدول أعمال قمة مجموعة العشرين، وذلك على الرغم من رفض الصين لأي نقاش في سعر صرف عملتها.
وأضاف أن ''إحدى أبرز الرسائل (التي ستصدر عن القمة) هي أن جميع الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تريد العمل من أجل دعم نمو اقتصادي قوي ومستديم ومتوازن''، مضيفا أتوقع أن تتناول المباحثات، أيضا موضوع النتائج المتأتية عن سعر صرف أكثر مرونة'' للعملة الصينية.
الصين
ومن جانبه رصد الرئيس الصيني هو جين تاو ثلاثة أهداف سيركز عليها في اجتماع تورنتو هي: الأمل في أن تعزز الدول الأعضاء فيها الاتصالات والتنسيق بشأن أزمة الدين الأوروبي الراهنة على مستوى سياسات الاقتصاد الكلي، ودفع القمة لصندوق النقد الدولي لإنهاء زيادة حصة الصين، بما يعطي تمثيلا وصوتا أكبر للاقتصادات الناشئة والدول النامية، وإيلاء الدول الأعضاء لاهتمام أكبر لمشكلات التنمية، ومنحها مساندة سياسية لاجتماع الأممالمتحدة الخاص بأهداف تنمية الألفية في سبتمبر/ أيلول المقبل وإدانة القمة للحماية التجارية.
بان كي مون الامين العام للامم المتحده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تدخل على خطة مجموعة العشرين الجمعة الماضية بتصريح أكد فيه بأنه ينبغي على أغنى 20 دولة في العالم اتخاذ قرارات لمساعدة البلدان النامية عندما يجتمعون في كندا في الأسبوع المقبل لأن التعافي الاقتصادي الحالي لا يكفي.
وقال بان كي مون إن احتياجات إفريقيا ستكون من بين القضايا التي ستحتل صدارة أولوياته عندما يحضر قمة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى والناشئة، ووأضاف ''سأشدد في كندا على أننا لا يجب أن نقبل بتعافى اقتصادي يعود بنا إلى ظروف ما قبل الأزمة.. نحن بحاجة إلى إعادة البناء بصورة أفضل''.
وبعث بان كي مون برسالة إلى مجموعة العشرين، أكد فيها أهمية تحقيق نمو اقتصادي شامل يعتمد على خلق فرص العمل وتوفير العمل اللائق، كما تدعو الرسالة إلى نمو أخضر يخلق الازدهار من خلال التكنولوجيا الصديقة للبيئة والنمو الاقتصادي الذي يشجع التزايد الصحي لعدد السكان من خلال نظم صحية أقوى.