متأثرة بأزمة "سعد" و"القصيبي" تراجع نشاط القروض الجماعية وتمويل المشاريع في الخليج محيط – زينب مكي لاريب أن عجز الشركتان السعوديتان العملاقتين مجموعة "سعد" ومجموعة "أحمد حمد القصيبي وإخوانه"، عن سداد الديون المترتبة عليهما والخلافات القائمة بينهم قد تتسبب في زيادة المخاطر الإقليمية في المنطقة ما يؤدي بالتبعية إلى ركود نشاط الإقراض الجماعي والثنائي من جانب البنوك العالمية والمحلية ويجعلها تفضل الشفافية النسبية التي تتسم بها القروض الجماعية والسندات وكذلك الاطمئنان للمقترضين الذين لهم علاقة بالحكومات. ففي الوقت الذي أفلست فيه مصارف وبنوك عالمية عريقة بدءاً بمصرف ليمان براذرز ومروراً ببيرن ستيرنز وغيرهما من البنوك التي أفلست، فان المصارف العالمية والخليجية أظهرت ممانعة نسبية، متخذة مواقف متشددة في الاقراض وتمويل المشاريع؛ خصوصا العقارية منها. وفي هذا الصدد أشارت تقارير إعلامية إلى تراجع نشاط القروض الجماعية في منطقة الخليج هذا العام على الرغم من تأكيد البنوك العالمية على التزامها تجاه المنطقة ، وإصرار البنوك المحلية على أنها ستواصل الإقراض دعماً للاقتصادات المتراجعة. وتشير البيانات الصادرة علن شركة "ديلوجيك Dealogic" التي تعمل في مجال تزويد المعلومات أنه ومنذ بداية العام حتى الآن، تم إصدار 22.8 مليار دولار فقط من القروض الجماعية وتمويل المشاريع والسندات في منطقة الشرق الأوسط، مقارنة ب 85.5 مليار دولار العام الماضي، ويقل عن أعلى مبلغ وقدره 126.9 مليار دولار عام 2007. ضغوط المستثمرين وأرجع تقرير صادر عن صحيفة "فينانشيال تايمز" هذا التراجع إلى أن البنوك العالمية واقعة تحت ضغط المستثمرين الذين يطالبونها بخفض الإنفاق، وكثير من الحكومات تريد من بنوكها أن تعطي الأفضلية لسوقها المحلية وليس لمنطقة الشرق الأوسط، فيما تعمل البنوك المحلية تعمل بصورة أفضل نوعاً ما، غير أنها تواجه عملية تصحيح للقطاع العقاري في المنطقة بكاملها، وارتفاع عمليات التخلف عن سداد القروض، وتعاني أيضاً من الخسائر الاستثمارية المؤلمة التي لحقت بها. ورغم ذلك، زادت البنوك المحلية حصتها السوقية من الإقراض للمؤسسات الكبرى هذا العام، فمن بين أعلى عشرة بنوك شاركت في القروض الجماعية هذا العام، كانت هناك سبعة محلية - وفي هذا ارتفاع عن عامي 2008 و2007 حين شارك بنكان محليان في هذه القروض. أزمة "سعد" و"القصيبي" ومن جانبه يرى تقرير ل شركة "المزايا القابضة" أوردته صحيفة "القبس" الكويتية أن الصورة عن الوضع الكلي للقطاع المصرفي الخليجي لا تزال غير واضحة في ظل غياب المعلومات والشفافية اللازمة للتعامل مع الأزمات، مشيرا الى أن أزمة مجموعة سعد ونظيرتها القصيبي ، أظهرت الحاجة الى تدخل سريع من الجهات الرقابية، وخصوصا البنوك المركزية، في ضبط تعاملات البنوك مع المجموعات الكبيرة المؤثرة، خصوصا عندما تكون أحجام التعاملات مركزة وكبيرة تؤثر في المركز المالي واستقرار المصرف. ومن جانبه يقول جارمو كوتيلاين، رئيس الخبراء الاقتصاديين في "إن. سي. بي كابيتال" ، الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي التجاري السعودي: ''المقرضون الأجانب يقومون برهانات سليمة، هذا إذا كانوا يقومون بأي رهانات، والمؤسسات المالية المحلية تعمل بحذر شديد هي الأخرى، لكن لا توجد لديها أية أسواق أخرى تقرضها''. البنوك العالمية لاتزال بالمقدمة وتعتبر البنوك السعودية – وهي في وضع صحي نسبياً مقارنة بكثير من نظيراتها الإقليمية والعالمية - أنشط المقرضين الجماعيين في هذه السنة، ويأتي في مقدمتها البنك السعودي الفرنسي وبنك الراجحي بقرضين قيمتهما 833 مليون دولار، وكان بنك المشرق الذي يتخذ من دبي مقراً له، وبنك دبي الإسلامي، وبنك دبي الوطني الإماراتي، نشطة هي الأخرى، إذ عقد كل منها صفقتين بقيمة كلية 1.5 مليار دولار للصفقات مجتمعة. إلا أن البنوك العالمية تظل جهات محورية لتقديم الائتمان في منطقة الشرق الأوسط، وكان بنك كاليون، وهو الذراع الاستثماري لبنك كريدي أجريكول، أنشط مقرض بإبرامه ست صفقات بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار، يأتي بعده بنك ستاندار تشارتر الذي قدم قروضاً بلغت قيمتها 933 مليون دولار. ومن المثير على هذا الصعيد أن رويال بانك أوف سكوتلاند المؤمم بصورة جزئية، استمر في كونه مقرضاً نشطاً في المنطقة، وبينما يتعرض البنك للضغط لتقليص ميزانيته العمومية، فإنه لا يواجه أي قيود صريحة على الإقراض في الخارج، حيث عرف منطقة الشرق الأوسط بأنها ''منطقة أساسية''. ويقول مصرفي استثماري رفيع المستوى إن من المنطقي أكثر بالنسبة للبنوك العالمية، من قبيل رويال بانك أوف سكوتلاند، أن تقدم قروضاً كبيرة مربحة لجهات سيادية، أو جهات مدعومة من الحكومة، مثل كيوتل، شركة الاتصالات القطرية، لأن من غير الوارد أن تعجز عن السداد، من تقديم قروض أصغر وأقل ربحاً وأكثر خطورة للمستهلكين المحليين والشركات المحلية. ومن أبرز ضحايا جداول مجموعات الإقراض بنك HSBC الذي يعتبر أضخم بنك عالمي في المنطقة، ففي العام الماضي كان البنك أكبر مدير لحسابات القروض في منطقة الشرق الأوسط بقروض جماعية قدرها 5.5 مليارات دولار، وفي عام 2007 قدم البنك للمقترضين في منطقة الشرق الأوسط قروضاً بقيمة 7.5 مليارات دولار وفقاً لشركة ديلوجيك، أما في هذا العام فلا يظهر البنك في قائمة أكبر 20 مقرضاً. ويلاحظ راجيف شوكلا، رئيس أسواق رأس المال في بنك HSBC الشرق الأوسط أن ''هناك الكثير من القروض الثنائية أيضاً وهذه لن تظهر في جداول القروض الجماعية''. خيبة أمل وعلى الصعيد نفسه رصد تقرير "المزايا" حالة من خيبة الأمل التي أصابت متابعين للشأن الاقتصادي الخليجي بعدما محت الضغوط التي تعرضت لها البنوك الخليجية من تعرضها للمجموعتين السعوديتين بوادر الأمل التي لاحت في الأفق في تحسن الظروف الائتمانية بشكل عام كان مؤشرها انخفاض أسعار الفائدة وعودة الاقراض الى حالة شبه طبيعية، وخصوصا اقبال جديد من قبل المصارف على الاقراض العقاري والسكني في أسواق ضربتها أزمة العقار كما في الامارات والكويت وغيرها. وكانت دراسة لشركة "إرنست ويونغ" حملت عنوان "تسريع التغيير" أظهرت أن معظم شركات الخدمات المالية العالمية تتوقع حدوث انتعاش بعد مضي الأشهر الستّة الأولى من عام 2010، وربما بعد ذلك الوقت،مشيرة إلى أن ثلث شركات الخدمات المالية العالمية التي خضعت للدراسة، والبالغ عددها 125 شركة، توقعت أن تشهد أعمالها توسعًا هذا العام، بينما قالت 34% منها إن العودة إلى مرحلة النمو ستبدأ خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2010، في حين أعربت 32% من هذه الشركات عن اعتقادها أن يستغرق ذلك الانتعاش وقتًا أطول.