بات من الواضح أن مخاطر الركود المحدقة حالياً بالاقتصاد الأمريكي رغم الإجراءات الوقائية التي اتخذها "الاحتياط الفيدرالي"، كان لها انعكاساتها علي النمو العالمي بشكل عام ومن ثم الاقتصاديات الكبرى وفي مقدمتها اقتصاد دول منطقة اليورو. فقد كشفت بيانات حديثة لمكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوربي في لوكسمبرج عن تراجع معدل نمو الناتج الإجمالي في منطقة اليورو خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من 2007 إلى 0.4% مقارنة بالنمو المسجل في الربع الثالث والذي كان قد وصل إلى 0.8%. وتشير شبكة "بلوم برج" الإخبارية عبر موقعها على شبكة الانترنت إلى أن تراجع النمو على مستوى دول منطقة اليورو خلال الربع الرابع من 2007 ويأتي في ظل تباطؤ معدل النمو العالمي هو ما أدى إلى انخفاض مستويات الطلب عالميا على الصادرات الأوروبية وبشكل متزامن مع تقلص حركة الإنفاق الاستهلاكي بسبب الارتفاعات الحادة في فاتورة كل من المواد الغذائية وأسعار الطاقة. وهناك توقعات بحدوث المزيد من التراجع في معدل النمو الأوروبي خلال العام الحالي وذلك في ضوء استمرار مخاطر دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الركود. وقد أحجم "المركز الأوروبي" عن انتهاج سياسة خفض الفائدة التي يتبناها حاليا "بنك الاحتياطي الفيدرالي" وذلك فقي ضوء ضغوط ارتفاعات الأسعار التي تشهدها دول منطقة اليورو حاليا حيث وصل معدل التضخم الى اعلي مستوياته منذ نحو ال 14 عاما. ومن الملاحظ انه في ضوء أزمة القروض العقارية الأخيرة التي تعرض لها الاقتصاد الأمريكي والتي اعتبرت أسوا أزمة يشهدها القطاع العقاري في الولاياتالمتحدة منذ نحو 25 عاما، فقد اضطر صندوق النقد الدولي إلى تعديل التقديرات الخاصة به لمعدل النمو المتوقع للاقتصاد العالمي العام الحالي حيث تم خفض المعدل من 4.4% إلى 4.1%. ويتضح حجم التأثير السلبي المنتظر لأداء الاقتصاد الأميركي على الاقتصاد العالمي بشكل عام وذلك في ظل القراءات الخاصة بمعدلات النمو في الولاياتالمتحدة والتي لم تتجاوز 0.2% خلال الربع الأخير من 2007 بعد أن كانت قد وصلت في الربع الثالث إلى 1.2% وعلى مستوى دول منطقة اليورو فقد غلب التراجع على أداء الاقتصاديات الرئيسية وفي مقدمتها الاقتصاد الفرنسي الذي انخفض معدل نموه إلى 0.3% مقارنة ب 0.8% في الربع الثالث كما انخفض نمو الاقتصاد الألماني إلى 0.3% مقابل 0.7% بينما تمكن الاقتصاد الأسباني وبصورة غير متوقعة من تسريع وتيرة نموه.