بيروت: صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب "الأصوات المهمشة في الخضوع والعصيان في ليبيا اثناء الاستعمار وبعده" للباحث الدكتور علي عبد اللطيف أحميدة. وهو كتاب في التاريخ الليبي الحديث والمعاصر، يتخذ من نظرته ما بعد الاستعمار اطارا عاما له يعالج من خلاله هذا التاريخ. وبذلك فهو يبرز وجهة نظر المهمشين، وهم السواد الأعظم من الشعب، ورؤيتهم إلى أنفسهم والآخر، وتاريخه، مما يعني أنه يقف موقفا نقديا من فلسفة رؤية الاستعمار الأوروبي والمركزية الأوروبية، كما انه يقف موقفا نقديا في وجهة النظر الوطنية للتاريخ الليبي التي لا ترى في هذا التاريخ سوى مجال لقدح الاستعمار ومن سار في ركبه ومدح التراث الوطنية والتغني بمآثرها. وهو كتاب كتب من قبل عالم سياسة ليبي يعيش في أمريكا منذ حوالي ثلاثين سنة يخاطب فيه القارئ الغربي. إن هدف هذا الكتاب وفق صحيفة "الوطن" القطرية هو إعادة التفكير في تاريخ التحليلات الاستعمارية والوطنية لليبيا الحديثة كما يقول الباحث وهو ينتقد التوجيهات البحثية الراهنة حول ليبيا كونها تركز على شخصية العقيد القذافي، متجاهلة المجتمع الليبي والثقافة الليبية، ويحاول أن يثبت أن المجتمع الليبي قد واجه أثناء الاستعمار وبعده تناقضات الحداثة والابادة والدولة الوطنية والاستلاب. يتفحص الفصل الأول أصول تكوين الدولة تحت الإمبراطورية العثمانية، في حين يحلل الفصل الثاني مغزى المواد المحلية التي اكتشفت مؤخرا المتعلقة بدولة أولاد محمد فزان التي قضي عليها عام 1813. ويعارض الفصل الثالث الرؤية التحديثية والانثروبولوجية التي تنظر إلى ليبيا تحت الاستعمار على أنها خاضعة لتقاليد وايديولوجيا موغلة في القدم مثل الدين ومؤسسة الغرابة، ويقدم التحليل الذي يتبناه الكتاب دلائل عيانية ونوعية على وجود الطبقة الاجتماعية من حيث هي موطن اقتصادي وثقافي في سياسة المقاومة. ويصنف الفصل الرابع الكتابات التاريخية الفاشية ويظهر كيف أن صمت الباحثين عن أعمال الإبادة في ليبيا أدى إلى تصور الفاشية، الإيطالية على أنها شيء حميد، أو أقل شرا من النازية الألمانية، ويقدم هذا الفصل التاريخ الشفهي والشعر الذي رواه وأبدعه الليبيون الناجون من المعتقلات الجماعية في ما بين عامي 1929 و 1934. ويحلل الفصل الخامس ثلاثية الكاتب الليبي أحمد ابراهيم الفقيه من خلال التركيز على الهوية والمواجهة الثقافية والاغتراب ويوجز الفصل السادس عبء السيطرة الاستعمارية والقومية عبر تفحص الأحوال وسياسات وحدود آفاق الدولة الجماهيرية في ما بين عامي 1977 و 2003. ويؤكد الكاتب أن غايته القصوى هنا هي الدفاع عن المجتمع المدني في ليبيا من خلال استعادة تنوع وحيوية تاريخه الاجتماعي والثقافية في سباق التاريخ العالمي وليس كحالة فريدة واستثنائية.