في كتابه "الحياة الثقافية في القدس 637 1948" يحاول الكاتب والباحث جاسر علي العناني تسليط الضوء على أهم الظواهر التي كانت في المدينة المقدسة, على الأصعدة كافة سواء الاجتماعية أو الثقافية او السياسية. ويحاول العناني بكتابه الواقع في 273 صفحة الإحاطة بكل ما تمتاز به المدينة المقدسة من آثار ونقوش وعادات وتقاليد كانت تضج بها قبل أن تغزوها قوى الظلام الصهيوني. وقد أضاف العناني في الباب الثاني في كتابه الحياة الثقافية في القدس أوصاف القدس منذ القدم وحتى عهد الأتراك العثمانيين وأبوابها فللقدس عدة أسماء سميت بها على مر الدهور, تبعاً للأمم والشعوب التي استوطنتها. ومن هذه الأسماء: "يبوس" نسبة لليبوسيين. فقد ورد هذا الاسم في سجلات الفراعنة هكذا "يابيثي". وسمّاها الكنعانيون "أوروسالم" أي مدينة السلام. وعرفها الفراعنة بهذا الاسم أيضاً. وقيل أن "أورو - سالم" بابلية الأصل وسواء كان أصل هذا الاسم كنعانيا أو آشورياً أو بابلياً منحدراً عن الآرامية, فإن التسمية العبرية التي عرفت فيما بعد وهي "أورشليم" مشتقة عنها. وأن القول بأن هذا الاسم عبرانى زعم باطل. ووفق صحيفة "العرب اليوم" الأردنية من أسمائها "مدينة داود" و"صهيون". وسماها "هيروسلما". ومن هنا أخذت الأمم الاوروبية اسمها المعروف "جيروسالم". وعندما حاصرها تيطس "70 م" كان الرومان يسمونها "سوليموس". وفي عام 175 م)سمعناهم ينادونها "سوليما". وسماها المكابيون "يروسوليما". ومن أسمائها: "المسجد الأقصى" وفي ذلك نزلت الآية الكريمة: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله". ومنها "الزيتون". قال ابن عساكر نقلا عن ابن عباس: أن التين بلاد الشام, والزيتون بلاد القدس, وطور سينين الجبل الذي كلم الله موسى عليه. وهذا البلد الأمين مكة . ويتحدث الكتاب عن أسوار القدس فهناك سور القدس القديمة, له تاريخ قديم. وقد لا نعدو الحقيقة إذا قلنا إنه قام حول القدس, وعلى مر الأجيال, عدة أسوار لا سور واحد. فما من أمّة دخلها إلا فكرت في تحصينها, وإقامة الأسوار حولها. ذلك لأنها كانت, على مر العصور, محط أنظار الجيوش والغزاة الفاتحين. ولقد حدثنا التاريخ أن أول من فكر في بناء السور حول المدينة هم "اليبوسيون". فقد كان ذلك حوالي 2500 قبل الميلاد. ولا صحة للقول بأن السور الأول من صنع داود, أو من صنع ولده سليمان. و وأما السور الثاني فقد بناه الملك "منسه" أثناء الاحتلال الأشوري (644 ق. م) ولقد ضم هذا السور الأحياء التي أنشئت بعد العهد اليبوسي, ومنها المواضع التي تقوم عليها الآن حارة النصارى والواد. وكان عليها أربعة عشر برجاً. ويظهر أن هذا هو السور الذي يحيط القدس عندما احتلها نبوخذ نصر فهدمه (586 ق. م). وأما السور الثالث فقد شرع في بنائه في العهد الروماني في زمن الحاكم هيرودس أغيبا (37 - 44 للميلاد). غير أن إمبراطور الرومان قلوديوس منعهم من متابعة العمل يومئذ. فأتموا بناءه أثناء حصار تيطس (70 م). وأقامت الملكة أفدوكسيا, زوجة الملك تيؤدوسيوس (438- 443 م) سوراً جديداً حول المدينة وقيل أن هذه الملكة أدخلت قرية سلوان في السور الذي بنته. ولقد دك الفرس هذا السور عندما احتلوا القدس (614 م). وقبل أن تسقط هذه في أيدي الصليبيين أرجع السور إلى ما كان عليه في زمن أدريانوس. وعمره الصليبيون حوالي القرن الثاني للميلاد. كما عمره صلاح الدين عندما فتح المدينة (1187 م). وجدد أبراجاً حربية من باب العمود إلى باب الخليل, وحفر خندقاً حوله وكان يشرف على العمل بنفسه وكثيرا ما حمل الحجارة على كتفه. وقد استخدم في تعمير السور عدداً من أسرى الفرنجة.