في باب "صوت" بصحيفة "الوطن العمانية" طالعنا مقالة للكاتب عبدالستار خليف أسماها " الخيانة العظمى .. لقاء ابن خلدون مع تيمور لنك" حيث ألقى الضوء على البحث الذي قدمه الصحفي محمد عبدالخالق عن ابن خلدون ونشره في مارس 2006م وأشار بأصابع الإتهام إلى المؤرخ باعتباره عميلا للسفاح تيمور لنك !! وتساءل عبدالستار بمقالته : هل كان المؤرخ العظيم (ابن خلدون) واضع علم الاجتماع عميلا ل (تيمور لنك ) ؟! . واشار إلى أن الصحفي كتب ببحثه ( يندر أن تجد إنسانا على شهرة ويسر في العيش وجاه مستمد من رفقة الحكام ، يأتي إلى الناس ليعترف أمامهم بجرم عظيم ارتكبه وهو واع بعاقبة هذا الجرم وما يترتب عليه من حكم شرعي !! ) في إشارة لإبن خلدون، والذي قال عن نفسه أن كان ضمن ( المخلفين ) أي الذين تخلفوا عن جيش العرب والمسلمين الذي يحشده سلطان مصر لمحاربة المغول. أشار مقدم البحث إلى أصول ( ابن خلدون ) بأنها ليست عربية ، أسرته من ( اشبيلية ) بالأندلس ، هاجر إلى ( تونس ) ودرس في ( الجزائر ) ورحل إلى ( مصر ) .وأصبح من مشايخ الفقه المالكي ثم تولى منصب ( قاضي القضاة ) ، وثانيا أكد أن ابن خلدون سافر إلى دمشق ( وتخلف فيها لسبب في نفسه ) .!! ، وأنه ثالثا كان السبب في تخلفه رغبته في لقاء ملك التتار ( تيمور لنك ) . وكان تيمور لنك قد خرب دمشق وحلب وحرق الجامع الأعظم ، ومع ذلك ذهب ابن خلدون إلى تيمور لنك وسجد خاضعا أمامه ثم نهض وقبل يد ملك المغول ليطلب الأمان ، وأن المغول لم يكونوا يبقون على حياة أحد إلا إذا كانوا ينتظرون من ورائه عونا !! كما أشار الباحث لدهاء تيمور لنك الذي دفعه لتقريب ابن خلدون للاستفادة من خبرته في الدروب والمسالك إلى المغرب والأندلس ، وأن ابن خلدون خشى البادرة على نفسه كما قال فقام بالليل والناس نيام وتدلى من سور الحصن وخرج إلى المغول واستسلم . وضمن البحث أن تيمور لنك أعطاه الأمان ووضعه ضمن حاشيته وطلب منه أن يضع ( وصفا ) لبلاد المغرب.. تفصيلا للمسالك التي سيسلكها جيش المغول لدخول بلاد المغرب. مثل هذا الطلب بمثابة ( خطة الزحف ) لتدمير بلاد المغرب كما دمر المشرق . أما رد الكاتب خليف في مقاله على البحث ( العجيب) فكانت أن القاعدة الفقهية تقول " الضرورات تبيح المحظورات" مشيرا لأن نجاة ابن خلدون كانت ضرورية لأنها نجاة العبقرية العلمية ، وأن ابن خلدون هو قاضي القضاة داعية إلى العدل والإنصاف ، ونجاته كانت الفرصة الذهبية لوضع نظرياته الاجتماعية والسياسية ووضع أسس علم العمران . هذا الرجل العبقري ،الداهية في السياسة والاجتماع رأى أن النجاة بنفسه كفرد في سبيل خدمة الآخرين كجماعة منبها لهم بأن زوالهم وانقراضهم وخراب ملكهم يأتي من أخطر الأمكنة (من الداخل) حيث يكون السقوط والانهيار، وليس من (الخارج) على يد ملك المغول، وأن الخطر يكمن في أنفسهم (هم) قبل أن يأتي ممن (هم) خارج الديار!!