التجسس علي الإنترنت يتحول إلى "حرب باردة إلكترونية" محيط - خاص زادت فى الآونة الأخيرة عمليات القرصنة والهجوم على أجهزة الحاسب الآلي ووصل الأمر إلى الأجهزة ذات الطابع السرى مثل الموجودة فى المجال العسكرى ومجال البورصة والبنوك والتعرف علي حسابات العملاء بل اختراقها فى بعض الأحيان مما ينذر باندلاع حرب قد نطلق عليها مجازا "الحرب الباردة الإلكترونية". فقد أشار تقرير سنوي كشفت عنه شركة مكافي الرائدة فى مجال الحماية الرقمية إلى أن "الحرب الباردة الإلكترونية" التي تشن على أجهزة الكمبيوتر في العالم تنذر بالتحول إلى أحد أكبر التهديدات الأمنية خلال العقد المقبل. ونوه التقرير إلي أن نحو 120 دولة تقوم بتطوير طرق لاستخدام الانترنت كسلاح لاستهداف أسواق المال ونظم الكمبيوتر والخدمات التابعة للحكومات، مضيفاً أن أجهزة المخابرات تقوم بالفعل باختبار شبكات الدول الأخرى بصورة روتينية بحثاً عن ثغرات وأن أساليبها تزداد تطورا كل سنة. وحذر التقرير من أن الهجمات على مواقع الكترونية خاصة وحكومية في أستونيا في أبريل ومايو من هذه السنة لم تكن سوى "قمة جبل الجليد" حيث قالت استونيا إن آلاف المواقع تأثرت بالهجمات التي أدت إلى شل البنية التحتية في البلد الذي يعتمد بشدة على الإنترنت. وذكر التقرير أن الصين في صدارة الحرب الالكترونية وأن اللوم ألقي عليها في هجمات على الولاياتالمتحدة والهند وألمانيا، وتنفي الصين هذه المزاعم بصورة متكررة. وتنبأ التقرير بأن الهجمات المستقبلية ستكون أكثر تطوراً من مجرد عمليات بحث بدافع الفضول في البدء إلى عمليات جيدة التمويل والتنظيم من التجسس السياسي والعسكري والاقتصادي والتقني. من جانبه، أكد جانقال جيف جرين نائب رئيس شركة McAfee أن الجريمة الالكترونية أصبحت مشكلة عالمية تطورت بشكل هائل ولم تعد تهدد الصناعة والأفراد فحسب، بل تهدد الأمن القومي تهديداً جدياً. وجمع هذا التقرير بمشاركة من أكاديميين ومسؤولين من وكالة الجريمة المنظمة في بريطانيا ومكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي وحلف شمال الأطلسي. في سياق متصل، أظهر تقرير أعدته شركة سيمانتك أن مجرمي شبكة الانترنت في منطقة آسيا والمحيط الهادي أصبحوا أكثر حرفية على نحو متزايد في تطوير وتوزيع الشفرات والبرامج الخبيثة. وأشار التقرير إلى أن الصين تشهد نسبة 42 بالمائة من جرائم الانترنت في المنطقة، وكوريا الجنوبية في المرتبة الثانية بنسبة 14 بالمائة من تلك الجرائم واحتلت اليابان المركز الثالث بنسبة 12 بالمائة. وكشف التقرير أن شركة سيمانتك رصدت مهاجمين يستهدفون بشكل غير مباشر ضحاياهم من خلال استغلال نقاط الضعف في بيئات مثل مواقع الانترنت المالية والمواقع الخاصة بالشبكات الاجتماعية والتوظيف. ونقلت صحيفة "بيزنس تايمز" السنغافورية عن داريك هور المدير العام لشركة سيمانتك في سنغافورة قوله إن "تهديدات الانترنت والقرصنة الماكرة، التي نتبعها حاليا" تظهر أن القراصنة يجعلون من جرائم الانترنت مهنتهم الفعلية ويستخدمون أساليب شبيهة بالممارسات التجارية من أجل النجاح في تحقيق هدفهم. وقال هور للصحيفة: "هذه المواقع يمكن أن تكشف الكثير من المعلومات السرية الخاصة بالمستخدمين ويمكن أن تستخدم هذه المعلومات بعد ذلك في محاولات لسرقة الهوية والاحتيال عبر الانترنت أو السماح بالدخول على مواقع أخرى يشن المهاجمون من خلالها مزيدا من الهجمات". أقوال دون أفعال وبعد ازدياد الخطر من استخدام الانترنت بدأت العديد من المنظمات والهيئات إلى إطلاق الدعوات والتحذيرات من خطورة هذه الظاهرة التى تهدد كل مستخدمى الإنترنت خاصة بعد تقرير برلمانى وضعته لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس اللوردات البريطانى أظهر أن شبكة الانترنت تحولت إلى حلبة يرتع فيها المجرمون، وتنفذ فيها العصابات عمليات سرقة الأموال من الحسابات المصرفية، محذراً الحكومات والمؤسسات والشركات المختصة التدخل لتنظيم عملها قبل فوات الأوان. وأضاف التقرير أن اقتصاد الظل الخفي يزداد انتعاشاً بفضل الجرائم الإلكترونية التي تدفع إلى الإحساس بأن الانترنت تحول إلى منطقة شبيهة ب" الغرب المتوحش" في أميركا في عهودها الأولى، حيث تنعدم سيادة القانون. وأظهر التقرير أن المصارف حول العالم فقدت ملايين الجنيهات الاسترلينية، بسبب الاحتيال المصرفي، منها مبالغ خسرتها المصارف البريطانية العام الماضي وحده وصلت إلى أكثر من 67 مليون دولار. وانتقد التقرير الحكومة البريطانية والمصارف وشركات تطوير برامج الكمبيوتر لتجاهلها عما يجري في الإنترنت من تهديدات خارج القانون، كما أن الجهات التي تجني الارباح من الإنترنت حالياً تتحمل قسطاً أكبر من المسؤولية لحماية أمن الشبكة، والا فإنها ستغامر بفقدان ثقة مستخدمي الشبكة بسلامة استعمالها. وطالب مجلس اللوردات شركات إنتاج البرمجيات والشركات المزودة لخدمات الانترنت والمصارف وق وات الشرطة والجهات الحكومية الاخرى، باتخاذ خطوات لتأمين حماية أقوى للمستخدمين، بالإضافة إلى إجبار شركات البرامج والمصارف على دفع تعويضات لعملائها فى حالة تعرضهم للجرائم الالكترونية، نتيجة وجود ثغرات أمنية. واقترح التقرير ضرورة إعادة النظر بمدة الحبس للجرائم المقترفة بواسطة الكمبيوتر، وذلك باضافة سنة واحدة إلى مدة الحبس لجريمة مماثلة من دون كمبيوتر. وتشير آخر التقديرات إلى أن خسائر المصارف الأميركية الناجمة عن التصيد الاحتيالي على الانترنت، وصلت إلى ملياري دولار حيث يقوم القراصنة بتصيد زبائن المصارف، وذلك بارسال رسالة الكترونية مزيفة تدعوهم لزيارة موقع مزيف، حيث تتم سرقة أرقام حساباتهم وكلمات المرور السرية لهم. وكان تقرير بريطانى قد كشف حديثاً عن تزايد هجمات القراصنة على مواقع الانترنت وأجهزة الكمبيوتر عبر رسائل البريد الالكترونى من خلال محاولات التسلل خلسة الى أجهزة المستخدمين. وأظهر التقرير أنه تم خلال شهر مارس الماضى اعتراض 716 رسالة بريد الكترونى من هذه النوعية كانت جزءا من محاولات هجوم وتسلل بلغت 249 محاولة استهدفت 216 من عملاء المؤسسة التى تقوم بعملية فلترة وتنقية لرسائل البريد الالكترونى عبر أجهزة الخوادم لديها لصالح عملائها . وأشار التقرير ، الذى أعدته مؤسسة "معامل الرسائل الرقمية للبريد الالكترونى البريطانية" إلى أنه من بين هذه الهجمات محاولة هجوم تم القيام بها 200 مرة عبر نوعية واحدة من رسالة بريد الكترونى استهدفت إحدى المنظمات بشكل مركز، مضيفاً أن الاعداد تمثل تزايدا كبيرا بالمقارنة بالارقام التى تم رصدها فى نفس المدة من العام الماضى حيث بلغت محاولات الهجوم مرة أو مرتين فقط فى اليوم الواحد، وليس بهذه الاعداد الهائلة التى تم رصدها خلال شهر مارس الماضى .